الصحبي الوهايبي: لا تُدِرْ ظهرك لكلبك

الصحبي الوهايبي: لا تُدِرْ ظهرك لكلبك

رئيس حزب يدعو إلى التّرويض بدل التّدمير؛ والتّرويض فنّ عصيّ يتطلّب كثيرا من الصّبر والأناة؛ ولا أحبُّ أن أثنيَ الرّجل، وإنّما أحببت أن أنبّهه إلى أنّ أمهر المروِّضين ماتوا على حلبة السّيرك، إمّا صرعًا بضربة مخلب، أو طحنا بين فكّيْ أسد؛ ولعلّ المصري محمّد الحلو كان أشهرهم؛ فقد أدار للأسد ظهره حين التفت يحيّي الجمهور، فوثب عليه، فنزع كليته؛ ومات المروّض، وهلك الأسد جوعا وعطشا، وقد أضرب عن الطّعام؛ حتّى الأسود تفعلها، وهلْ غير الأسود يفعلها؟ الرّجل ليس مروّضَ أسود؛ والنّاس في هذه البلاد لا يحبّون الفرجة في السّيرك إلاّ إذا صرع الأسدُ مروّضَه... ما بال الرّجل لا يتعلّم، في البدء، ترويضَ الكلاب؟ فذلك أقلّ خطرا... نبدأ بالمقدّمة» لا تطلق على كلبك اسما طويلا، مثل «السّهم الأزرق الذي لا يخطئ الهدف»، أو «الكلب المخلص حامل الأمانة»، أو «سيّد الكلاب الثّوريّة»؛ فتلك أسماء لا يحفظها النّاس، فكيف بالكلاب؟ النّصيحة الأولى: لا تناد كلبك باسمه، فقط، لتضع الطّوق في عنقه؛ - «تعال يا فوكس!»؛ فيقول فوكس محدّثا نفسه: «آه! هل انتهت الفسحة؟ مازال الوقت باكرا؛ سأتصنّع الطّرش؛ فلو أجبتُه الآن، لوَضَعَ الطّوق في رقبتي وأدخلني البيت حالاّ»؛ اجتنبْ هذا الخطأ! فإذا ناديت كلبك، فآشحنْ صوتك بكلّ الحبّ الذي في قلبك، إن كان في قلبك حبّ، فإذا لبّى نداءك، فمسّحْ عليه، وناولْه قطعة حلوى أو اللّعبة التي يحبّ، ثمّ دعه يذهب؛ وأعد الفعل مرّاتٍ في اليوم، حتّى يأنس إليك... النّصيحة الثّانية: لا تُدخل كلبك إلى البيت حالما يقضي حاجته؛ -: «حسنا! الآن، تعال ندخلْ!»؛ فيقول فوكس في نفسه: «لو قضيت حاجتي حالما أخرج، لأعادني إلى البيت حالاّ؛ إذا سأمْسِك حاجتي في جوفي، إلى أن تغلبني». اجتنبْ هذا الخطأ! ودَعْه يتسكّع قليلا، ولا تنهره إلاّ إذا بال على باب الجيران، كما فعل يوم 09 أفريل 2012...النّصيحة الثّالثة: لا تمرّغ له أنفَه في برازه إن أخطأ وقضى حاجته داخل البيت؛ -: «سأضع لك أنفك فيها، حتّى لا تعيد فعلتك!»؛ فيقول فوكس في نفسه: «لا بدّ أنّ سيّدي غير موافق على هذا الصّنيع؛ لا بدّ لي أن أقضي حاجتي حيث لا يراني، أو أن أمسك نفسي، فلا أقضيَها أبدا!». اجتنبْ هذا الخطأ! لا تجعل كلبك يتصوّر أنّك تصدّه عن قضاء حاجته، في المطلق؛ يجب أن يعرف أنّك تعترض على الموقع فقط، تحت ضوء الكاميرات والصّحافيين؛ فإذا فاجَأْتَه وأدركتَه وهو يفعلها في المطبخ أو في غرفة النّوم، أو في شارع بورقيبة، أو حتّى تحت قبّة البرلمان (ما الذي جاء به إلى هناك؟ ذاك فضاء ممنوع على الكلاب)، فصُدّه بلطف وقلْ له: «لا! يا عزيزي، تعال خارج البيت، في ركن مظلم، بعيدا عن الأعين»؛ خذْه حتّى إلى تخوم الصّحراء، إن شئت، وأخرِجْه، ثمّ جازِه إن سمع وأطاع؛ ولا تعاقب الكلب قبل ثلاثة أشهر من عمره، فالعقاب قبل هذا العمر لا معنى له، لأنّ الكلب لا يعرف ولا يفهم لماذا يُعاقب؛ فإذا بلغ سنّ الفطام، وصار له من العمر عامان، فأدّبه واكسر العصا على ظهره إن لزم الأمر، واحذر أن يبلغ شيء من ذلك إلى بريجيت باردو... النّصيحة الرّابعة: لا تتخاذل وثابر؛ -: «ليس بي رغبة اليوم، سنعود إلى التّمارين في الأسبوع المقبل، مازالت أمامنا فسحة من الوقت»؛ فيقول فوكس في نفسه: «إذًا، ســأطارد المارّة في الطّريق!»؛ كما فعل يوم 09 أفريل 2012. اجتنــبْ هذا الخطأ! ولا تتهاون، فالمثابرة طريق النّجاح؛ وواظب على التّمارين اليوميّة؛ فإذا أمطرت، أو أثلجت، أو أرمضت، فخذْه داخل البيت، فكلّ البيوت بيتك، أحبّ أهل البيت أم كرهوا!... النّصيحة الخامسة: لا تسجن نفسك في الزّمان؛ -: «لقد قضّيت عمري مع الكلاب، وصرت أعرف طبائعها، وكلّ فنون التّدريب والتّمرين»؛ فيقول فوكس في نفسه: «ها نحن صرنا سجناء زمن مضى وولّى!»؛ اجتنبْ هذا الخطأ! هل تظنّ فنون القرن السّابع للميلاد ساريةً على عصرنا هذا؟ الكلاب غير الكلاب، والطّبائع غير الطّبائع! فتّح عقلك، وانظر حولك وتعلّم! تغيّرت الأوقات! فإذا لم يفهم فوكس مقصدك، فاعلم أنّ العيب فيك، وتعلّم، واقرأ، ولا تجعل نفسك حبيسَ كتاب أو كتابين! ربّما تكون أنت نفسك في حــاجة إلى التّرويــض! ولا تتصــوّر أنّ كلبــك هـــو تلميــذك، فقط؛ هو أيضــا معلّمـــك؛ فتعلّم منه كيف ينبح، وكيف يبصبص؛ وفي كلّ الحالات، لا تفعل كما فعــل محمّد الحلو، ولا تُــدِرْ ظهــرك لكلبك أبدا!... نصيحتــي إلى الكلب أيضا، ألاّ يدير ظهره لك أبدا!.

الصحبي الوهايبي

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.