عادل الأحمر: المـــادام عـاملـة اعـتـــصـام!
كنت متّكئا على أريكة، بعد تبحيرة وتفرشيكة، أتلذّذ بنعم المكيّف، والحال صيف مصيّف، عندما فاجأني صديقي العيّاش بـــ «آس . أم. آس»، يعلمني فيه أنّه في حالة إفلاس، ولا بدّ أن أهاتفه بسرعة الكهرباء، في موضوع لا يحتمل الإبطاء. فقلت في نفسي وأنا أضغط على رقم العياش «ترى ما الذي يخبّئه لي هذا الرجل من مصايبو لي ما توفاش؟».
ولما وصلني الصوت المرتعش لصديقي العزيز، فهمت أنّه حقيقة في «كريز»، فقلت: «ما الخطب وماذا جرى؟» ، فقال: «مشكلة كبيرة مع المرا»، فأسرعت بالجواب: « ألهذا تزعجني يا سي الشباب؟ ماهي هاذيكة حياتكم الزوجية، من نهار لي صححتو ع الصداق في البلدية، نهار متعاركين ونهار متسامحين، واليوم حرب وغدا سلام، مرة حبّني ونحبّك ومرة تسميع كلام، وإن شئت الحقيقة الربانية، فإنّ عرككم ماعادش يجد علي، ومهبول لي يدخل بين راجل ومرتو، على خاطر ما يعرفش شنية آخرتو، هوما يرجعو متسامحين، وإنت تطلع خايب وتاكل الضرب ع اليدين».
عند هذا الحد قاطعني العيّاش: «اشنوه هالديسكور لي حليتهولي، وإنت ما سمعت شي من قولي. يلزم تعرف لي هالمرة موش كيف المرات لخرين، والحكاية لا هي عرك ولا تخرنين، إنّها آخر طلعات المادام: لقد أعلنت الاعتصام». فقلت مازحا: «إن شاء الله موش اعتصام الرحيل متاع هاك العام، وإلا توّه ترصيلك على برّة وساقيك القدّام». فثارت ثائرة العيّاش لهذا الكلام: « توه أنا نقلك المرا عاملة اعتصام، وإنت تجبد لي في حكاية هاك العام؟ ياولدي تعرف شنوّه اعتصام؟ معناها لا نظافة، لا غسيل حوايج واماعن، ولا حديد ولا طعام».
قلت بين جدّ وهزل: «يا لصديقي المسكين... إيه وماهي مطالب المعتصمين؟». أجاب العيّاش دون تعليق على سؤالي الساخر: «إنها تريد معينة منزلية، وإجازة سنوية، تقيم خلالها في أحد النزل الساحلية. كما تطالب بتقسيم الأعمال المنزلية، بالتساوي بين كل أفراد المجموعة الأسرية، وإلا فإنّها لن تضرب فيها ضربة من الآن، وما علينا إلا أن نجد حلولا لمشاكلنا في الإبان! وأين لنا من هذه الحلول يا صديق العمر، وقد تعودنا كل شي يجي ليدينا في لمح البصر، دون أن نتساءل عمّا وراء هذه الخدمات من جهد وتعب، وعناء ونصب؟ وممّا زاد الطين بلّة أنّ «الصوناد» تحالفت مع المادام، وقطعت علينا الماء لعدّة أيام، فإذا بنا في حيرة حتى العنكوش، بينما قائدة الاعتصام تنظر إلينا شامتة من حرف «التوش»... لذلك خاطبتك، طالبا نجدتك».
قلت للعيّاش: «إنّ مطالب مادام العياش مطالب مشروعة، وصرخة منها يجب أن تكون مسموعة. فما الذي يمنعك من الإنصات لصوت الاعتصام، وتلبية رغبات المادام، سيّما وأنّها معقولة رصينة، ولا تشكل عبئا كبيرا على الخزينة»... وعندما سمع العيّاش هذه الكلمات الأخيرة، خرج من سينتو وبدّل معاي السيرة. «نعم يا سيّد؟ معقولة ورصينة؟ وماهيش عبء كبير ع الخزينة؟ ياخي ما تعرفش لي أنا ديما في الروج، وفي جرّة البنكاجي متاعي عمري الكل ممروج، ناخذ قرض باش نخلص قرض، حتى ركبني عشرين مرض».
وبعد صمت خلته دام عدة قرون، تكلّم العيّاش من جديد: «تعرف يا صاحبي أنا كيف شكون؟ أنا كيف بعض الحكومات، واحلة بين إملاءات صندوق النقد الدولي ومطالب النقابات... وعلى كل حال توّه نشوف حلّ لروحي ولا مزية لحد: هدية للمادام وشوية وعود وفطور البرة نهار الأحد... وإذا ما مشاتشي الأمور وتواصل الاعتصام، ما يبقى لي كان نحط راسي للبنكاجي والسلام».
على هذه الكلمات التي تفوح حكمة وواقعية، أغلق العيّاش جوّاله دون تحيّة. وبينما كنت أفكّر في ما سيفعله العيّاش مع زوجته الثائرة، جاءني صوت زوجتي من الغرفة المجاورة: «أيه سي الشباب: قوم دبّر فطورك ومن غير كلام، أنا م اليوم في اعتصام»..
عادل الأحمر
- اكتب تعليق
- تعليق