إن هذا لشيء عجاب: الكلب... من لا يعرف للكلب سبعين اسما

إن هذا لشيء عجاب: الكلب... من لا يعرف للكلب سبعين اسما

في الولايات المتّحدة الأمريكية التي نصّبت نفسها، منذ زمن بعيد، راعية للديمقراطية وحقوق الانسان، وحامية لشعوب الأرض من الفساد والاستبداد، والتي دأبت على إصدار تقرير سنوي حول حقوق الانسان في العالم تحاسب به دوله، وتعاقبها عند اللزوم بمقتضاه، ضَجَّةٌ غيرُ مسبوقة بَطَلُها رئيسها "غريب الاطوار" دونالد ترامب الذي دخل في صراع ما فتئ يتصاعد ويتفاقم مع وسائل الإعلام التي يتّهمها بأنها لا تذيع إلا "الأخبار الكاذبة"، ويزعم أنها تنتقد سياساته، وتستنقص إنجازاته، ولا تؤيد قراراته، حتى إنها باتت في نظره "عَدُوَّتَهُ وعَدُوَّةَالشعب الأمريكي".

وقد بلغت الضجّة ذروتها حين قامت أكثر من 300 صحيفة أمريكية، من بينها صحيفة "نيويورك تايمز"،بتحرّك جماعي مُنَسَّق، خصّصت من خلاله افتتاحياتها ليوم الخميس 16 أوت 2018، للردعلى الرئيس دونالد ترامب، ودحض اتهاماته، والتحذير من سلوكه الخطير على حرية الصحافة التي يضمنها الدستور، وعلى وحدة الشعب الأمريكي...

ومن جانبه، وفي نفس اليوم، أصدر مجلس الشيوخ بالإجماع قراراً أعرب فيه عن دعمه لحرية الصحافة، وأكد على "ان الصحافة ليست عدوة الشعب" كما دأب على وصفها بذلك الرئيس دونالد ترامب.

وكعادته، سارع الرئيس إلى الردّ على تحرّك الصحف بتصعيد حملته عليها، من خلال "تغريدة" كتبها بالأحرف الكبيرة، على "تويتر"،وجاء فيها خاصة أن ما يسميه "إعلام الأخبار الكاذبة" هو بالنسبة إليه حزب المعارضة الحقيقي، وهو سيء جداً للولايات المتحدة "العظيمة"، لكنه في نهاية المطاف سينتصر عليه.

على أنه مما ضاعف من حجم الضجة، أن الحملة على وسائل الاعلام تزامنت مع وصف الرئيس دونالد ترامب رئيس الدولة الأقوى ولا أقول "الأعظم"، مساعدته السابقة أوماروسامانيغولت نيومان بأنها "كلبة" و"مسعورة" و"منحطّة"...

وقد جاء هذا السيل من الأوصاف البذيئة بعد أن نشرت أوماروسامانيغولت نيومان تسجيلا صوتيا للجلسة التي أعلمها فيها الجنرال جون كيلي كبير موظفي البيت الأبيض بطردها من العمل في الرئاسة، ويوم صدور كتابها الذي اختارت له عنوان "المعتوه"، والذي تحدثت فيه عن الفترة التي قضتها في العمل في البيت الأبيض، وانتقدت فيه بشدة الرئيس دونالد ترامب حيث وصفته بأنه "عنصري، وكاذب، ويخاف من الجراثيم"، وبأنه "لا يشعر بأية عاطفة تجاه الآخرين".

وتؤكد أوماروسامانيغولت نيومانالتي تبلغ من العمر 44 سنة، والتي كانت في وقت ما من أكبر أنصار الرئيس دونالد ترامب، أنها اضطرت إلى تسجيل ما دار بينها وبين كبير الموظفين في البيت الأبيض لأنها كانت تريد حماية نفسها "في عالم ترامب حيث الكل يكذب"، وحيث "الجميع يقول شيئا اليوم ويغيّر روايته في اليوم التالي"...

وقد قوبلت تصريحات الرئيس دونالد ترامب بانتقادات فورية حادة من الحزبين السياسيين الكبيرين في الولايات المتحدة حيث أكد جيف فليك السناتور الجمهوري أن "هذه اللغة لا تليق برئيس الولايات المتحدة، ولا يمكن تبريرها، ويجب ألا يوافق الجمهوريون عليها"، بينما تساءلت فريدريكا ويلسون المتحدثة باسم الديموقراطيين في الكونغرس في استنكار قائلة: "كيف يجرؤ على ذلك؟".

وهذان الردان لا يرقيان، في رأيي، إلى بلاغة رد أبي العلاء المعري على من وصفه بالكلب، إذ يُرْوَى أن أبا العلاء دخل يوماً على الشريف المرتضى، فعثر برجل، فقال الرجل: مَن هذا الكلب؟ فرد عليه أبو العلاء قائلا: الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسماً.

ولست أدري كم هي أسماء الكلب في اللغة الإنجليزية، ولكنني أعتقد أنه من الضروري عندما يتدحرج واصف مساعدته بالكلبة الى هذا المستوى من الانحدار، أن يكون الرد عليه بنفس الدرجة من بلاغة رد أبي العلاء على واصفه بالكلب... وإلا فإننا نخشى أن يتأسّى قادة دول العالم، وفيهم من فيهم من الجبابرة المتكبرين المتعجرفين، بقائد أكبر دوله، ومرة أخرى لا أقول "أعظمها"، فيغمروا بأوصاف الكلاب وغير الكلاب كلَّ مَنْمِنْ أعوانهم أو من الإعلاميين ينبس بكلمة حق في "سَلْطَنَاتِهِمْ الجائرة"...

محمد إبراهيم الحصايري
 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.