من حصاد الندوة الفكرية الثالثة حول دور المغاربيين في دعم نضالات فلسطين
عقد مركز جامعة الدول العربية بتونس ندوة "دور المغاربيين في دعم نضالات فلسطين"، في نسختها الثالثة، يومي 09 و10 جويلية 2018 بالرباط، بالتعاون مع المندوبية المغربية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.
وبالإضافة الى جلستي الافتتاح والاختتام، توزعت أعمال الندوة التي احتضنتها المكتبة الوطنية بالمملكة المغربية، على ثلاث جلسات علمية قدم خلاها سبعة عشر باحثا ومؤرخا ودبلوماسيا، من تونس والمغرب وفلسطين وسوريا،ورقات عمل دارت حول جوانب متعددة من المشترك النضالي المغاربي الفلسطيني، والعلاقات المغاربية الفلسطينية ماضيا وحاضرا...
وتتنزّل هذه التظاهرة في إطار الحرص على حفظ الذاكرة النضالية الجماعية وتوثيقها وإحيائها وتعريف الأجيال الناشئة خاصة والرأي العام العربي عامة، بإسهامات الأجيال المتعاقبة في الجناح الغربي من الوطن العربي في النضال الفلسطيني، وعلى الإبقاء على حيوية القضية الفلسطينية لدى المواطن العربي، لا سيما في هذه الظرفية الصعبة الحالية التي تمر بها القضية الفلسطينية وخطر الانحياز الأمريكي الظالم ضد الحقوق الفلسطينية ولصالح الكيان الصهيوني العنصري الغاصب.
وبالفعل فقد أكدت الندوة على أهم المواقف المبدئية والنضالية والتضامنية مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة التالية:
- أنّ القضية الفلسطينية قضية العرب والمسلمين جميعا وفي كل بلدانهم بل قضية كل أحرار العالم، وأنّ الحق الفلسطيني حق كامل شامل لا يتجزأ.
- أنّ العدوان الصهيوني عدوان إمبريالي استعماري عنصري، وقضية فلسطين قضية غير دينية ولا علاقة لها بأتباع الديانة اليهودية وإنما بالعنصريين الصهاينة. لذلك فإن العرب والمسلمين حريصون على عدم الخلط بين الصهيونية التي هي حركة عنصرية عدوانية على الأمة العربية والإسلامية وبين اليهودية التي هي إحدى الديانات التوحيدية.
- ضرورة التنبّه والتنبيه إلى خطورة التطبيع والاختراق الصهيوني للمنطقة المغاربية، ومحاولاته إرباك العلاقة بين الشعوب المغاربية وفلسطين.
- التنديد بنقل الولايات المتحدة الأمريكية سفارتها إلى القدس، وبمحاولات تمرير ما سمي بـ "صفقة القرن"، وبالحصار المفروض على غزة والقمع الذي يستهدف مسيرة العودة.
- إن وحدة الصف الفلسطيني شرط أساسي لازم للتقدم على درب الحل السليم والعادل للقضية الفلسطينية.
ومن أهم الاستخلاصات التي توصلت اليها أعمال الندوة، ما يلي:
- أن إسهام المغاربيين في دعم نضالات فلسطين في الكفاح المسلح (النضال الميداني بحمل السلاح) وفي المجالات السياسية والدبلوماسية والإعلامية والإبداعية شعرا ورواية وسينما... موضوع مهم يساعد بحثه على استمرار حيوية القضية في الوجدان العربي والإسلامي وخاصة لدى الأجيال الناشئة.
- أن المعلومات والوثائق والشهادات المتصلة بدعم المغاربيين للقضية الفلسطينية كثيرة جدا، وقد أبرزت الندوة أنه لم يُكْشَف إلا عن النزر القليل منها، لذلك فإن الدعوة ملحة إلى الاستمرار في عقدها وإصدار البحوث والدراسات ذات العلاقة بموضوعها.
- أن تأسيس مركز للبحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول إسهام المغاربيين في نضالات فلسطين يعد ضرورة ملحة. والدعوة موجهة إلى الدول المغاربية الخمس وإلى الجهات العلمية فيها إلى الإسراع بتأسيس هذا المركز.
الدكتور مصطفى الكتيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير يلقي كلمته في افتتاح الندوة
هذا وقد أصدرت الندوة في خاتمة أشغالها بيانا تحت اسم "بيان الرباط" جاء فيه أن المشاركين أكدوا على أهمية دور النخب الفكرية والثقافية والسياسية والمجتمعية المغاربية، ودور الشعوب المغاربية في مناصرة الشعب الفلسطيني ودعمه في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وفي اجتياز الظرفية الدقيقة، بمتغيراتها الدولية والإقليمية والمحلية التي تجتازها القضية الفلسطينية الآن.
وبعد أن أبرز العمق التاريخي للعلاقات المغاربية مع فلسطين والقدس واستمرارية التفاعل والتعاضد الكفاحي بين الشعوب والنخب المغاربية وبين الشعب الفلسطيني ونخبه في مختلف مراحل التاريخ، وتنوّع وتوثّق الروابط النضالية بين حركات التحرير المغاربية وحركة التحرر الفلسطيني، دعا البيان النخب الفكرية والثقافية والسياسية والمجتمعية والإعلامية في ربوع المغرب والمشرق العربيين والعالم الإسلامي إلى استثمار خلاصات الندوة في تأجيج جذوة الفعل النضالي الفكري والميداني لتعزيز نصرة الشعب الفلسطيني في مواجهة المخاطر المحدقة به وفي مقدمتها اجندة ما يسمى بـ"صفقة القرن"، وهي الصفقة التي تروم سلب القدس ونسف حل الدولتين وتكريس وضع الاستعمار الإسرائيلي لما تبقى من ارض فلسطين، وإلى العمل على تقويم ترتيب الأولويات السياسية والنضالية في سلم الانشغالات العربية والإسلامية، في اتجاه استعادة القضية الفلسطينية لمكان الصدارة في اهتمام وفعل العالمين العربي والإسلامي، اعتبارا لما يحيق بالقدس من مخاطر محدقة بوضعها القانوني، وبانتمائها الفلسطيني والعربي والإسلامي.
وإلى ذلك، أدان البيان بشدة المحاولات الرامية إلى تبديد رصيد المقاومة العربية والإسلامية للاحتلال الإسرائيلي وسياسته التوسعية، وأكد إدانته الصارمة "للتطبيع" مع إسرائيل، وتجريم كل شكل من أشكاله.
وعلى صعيد آخر، وجه البيان الدعوة إلى "جامعة الدول العربية" و"منظمة التعاون الإسلامي"، و"حركة عدم الانحياز"، وكافة المنظمات الدولية، والاتحادات الجهوية والإقليمية والدولية، وكل أنصار الحرية والعدالة والسلام في العالم، من أجل العمل الحازم على فرض احترام وتفعيل قرارات الشرعية الدولية، ذات الصلة بالوضع القانوني للقدس، كما دعا الأمم المتحدة، وخاصة "مجلس الأمن" و"الجمعية العامة" إلى اتخاذ الإجراءات القانونية والسياسية لـ"حماية الشعب الفلسطيني، مما يلاقيه ويقاسيه، في ظل الاحتلال الإسرائيلي، من صنوف القمع والاضطهاد والميز العنصري"، ملاحظا في هذا الصدد، أنّ ما تتعرض له "مسيرات العودة" في غزة من قمع دموي أودى بحياة العشرات من الفلسطينيين، وخلف الآلاف من الجرحى والمعوقين في صفوفهم، من جانب، وما تواجه به مظاهرات الاحتجاج والمقاومة السلمية في القدس الشريف والضفة من قمع وحشي، واعتقالات تعسفية، ومحاكمات ظالمة من جانب آخر، تشكل جرائم موصوفة في حق الإنسانية، يواصل الاحتلال الإسرائيلي اقترافها، عن "سبق إصرار وترصد"في غفلة مشبوهة أو تجاهل سافر من المجتمع الدولي.
وفي هذا المضمار، دعا البيان المجتمع الدولي إلى ضرورة العمل على ضمان الكفالة الفعلية لحق العودة للاجئين الفلسطينيين غداة "نكبة" 1948، وللنازحين، غداة " نكسة" 1967، تنفيذا لما أقرته الشرعية الدولية، كما دعا الدول العربية والإسلامية، ومنظمات وهيئات العمل الإنساني في الإطار الأممي، وعلى الصعيدين الدولي والجهوي، إلى التعجيل بتعبئة برامج الإغاثة لإسعاف الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ودعم جهود الأونروا UNRWA في توفير الحاجيات الحيوية لسكان القطاع في مجالات التربية والصحة والدعم الاجتماعي، مؤكدا أنّ هذا يعد مسؤولية إنسانية وأخلاقية تسائل اليوم بقوة كل شرفاء العالم، أفرادا وجماعات.
جانب من حضور الندوة
وفي نفس هذا السياق، شدد على أنّ ما يتعرض له قطاع غزة من حصار إسرائيلي مطبق، برا وبحرا وجوا، في خرق سافر لقواعد القانون الدولي، وفي انتهاك فاضح لقيم ومبادئ العدالة الإنسانية في عالمنا الراهن، يضع المجتمع الدولي أمام مساءلة حادة إزاء ما تقترفه، وتواصل اقترافه إسرائيل، من جرائم وانتهاكات بالغة الخطورة في حق الشعب الفلسطيني خاصة، وفي حق الإنسانية عامة، وهو ما يستوجب الرفع الفوري لهذا الحصار الجائر...
ولا بد في خاتمة هذه التغطية الموجزة لفعاليات الندوة وحصادها، من توجيه تحية تقدير إلى مُنَظِّمَيْهَا، مركز جامعة الدول العربية بتونس على مثابرته على عقد هذه التظاهرة التي تهدف الى التعبئة الضرورية، الفكرية والسياسية، لنصرة ودعم صمود الشعب الفلسطيني، بانتظام، و"المندوبية المغربية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير"، على الجهود التي بذلتها في سبيل توفير الشروط المادية والمعنوية لنجاح أشغال نسختها الثالثة حتى تكون محطة هامة في سياق استظهار واستقراء فصول وأطوار الذاكرة التاريخية المغاربيةالفلسطينية، واستحضار جوانب من المشترك النضالي المغاربي الفلسطيني من أجل نصرة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.
- اكتب تعليق
- تعليق