أ.رياض الزغل : "لا بد من استراتجيات جديدة للحفاظ على رأس المال البشري"
ربع عدد المهاجرين التونسيين إلى الخارج منذ سنة 2009 إلى سنة 2014 هم من حاملي الشهادات العليا وفق إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء. هذا العدد استدلت به الأستاذة رياض الزغل الخبيرة في مجال علم الاجتماع وعلوم التصرف خلال منتدى فكري بالمكتبة المعلوماتية بأريانة في 23 ماي2018. اقترحت رياض الزغل حلولا أكاديمية وتربوية وأخرى سياسية للحدّ من إهدار الرأس المال البشري الوطني متطرقة إلى الأسباب الظاهرية والخفية لهجرة الأدمغة التونسية من تضخم في نسبة البطالة وسوء حوكمة وذهنية تونسية تنفر من المبادرة.
وبخصوص السبب الظاهري لهجرة الأدمغة تحدثت.رياض الزغل عن انسداد سوق الشغل وانتشار البطالة في صفوف أصحاب الشهادات العليا المتأتية في اعتقادها من عدم تطابق الشهائد العلمية مع استراتجيات المؤسسات ونمط تسييرها.
أما الأسباب الخفية لهذه الهجرة فقد أرجعتها الزغل إلى الذهنية لتونسية المنتجة للبطالة والمتسببة في الهجرة فتحدثت عن عقلية الاتكال على الدولة ورغبة أصحاب الشهائد في الوظيفة القارة عوضا عن الاعتماد على النفس وإطلاق العنان للمواهب والمهارات لخلق المشاريع الخاصة وأشارت أيضا إلى هيمنة الشيوخ والكهول على المؤسسات ورفضهم لمبدإ التشاركية وعدم سماحهم للشباب بالتواجد بأماكن القرار.
إحباط فهجرة
وفيما يخص السبب السياسي للهجرة فيكمن حسب رياض الزغل في سوء الحوكمة وفي الشوشرة المنجرة عن ملفات الفساد دون طرح المسؤولين لبرامج تطبيقية تقلّص من ظاهرة المحسوبية والرشوة التي أضرت بالباحثين عن شغل من أصحاب الكفاءات العليا مما أدى بهم إلى فقدان الثقة في الحكومات والمؤسسات الإدارية والتربوية، منبهة أيضا إلى خطورة ضعف الوازع الوطني لدى الشباب التونسي لعدم تلقيه تعليما يغرس فيه روح المواطنة.
وعن السبب الإعلامي المساهم في الدفع بأصحاب الكفاءات إلى الهجرة فينحصر في نظر رياض الزغل فيما تحدثه شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام من ضجة تؤثر سلبا في نفسية الشباب نتيجة نشرها المطرد لأخبار مفزعة ومبالغ فيها عن وضع البلاد الراهن فتبعث فيهم يوميا موجات من الإحباط وانسداد الأفق.
وكما تحدثت رياض الزغل عن أسباب الدفع بأصحاب الكفاءات العليا للهجرة تحدثت أيضا عن أسباب الجذب للكفاءات من قبل الدول المتقدمة جراء تهرم سكانها ونتيجة لسياساتها المفتوحة لانتقاء المهارات من مختلف الدول وإغرائها بأجور مرتفعة ومكانات مرموقة مستغلة هذه الكفاءات بعد تكوينها وتأهيلها من بلدانها الأصلية مفوتة الفرصة عليها.
برامج تعليمية بإحتياجات وموارد تونسية
وقدمت رياض الزغل خلال هذه الندوة بعض الحلول للحفاظ على رأس المال البشري الوطني أهم ركيزة لخلق الثروة والتنمية، فاستعرضت حلا أكاديميا يتمثل في إجبارية تلقي الطالب لتعليم مهني بالتوازي مع تعليمه العالي، مؤكدة ضرورة ربط البرامج التعليمية بخصوصيات ومواردها البلاد حتى يقع إعداد الطالب وفقا لحاجيات سوق الشغل.
كما نادت بضرورة التخلي عن التعليم النظري لعدم نجاعته، مستدلة بما أنتجه من إطارات متشابهة لا يختلف فيها خريج هذا العام عن ذلك الذي تخرج قبل عشر سنوات.
أما فيما يخصّ الحلّ التربوي فنصحت الزغل الأساتذة الجامعيين بالتركيز في المقام الأول على تأهيل الطلبة للدخول إلى معترك الحياة وتدريبهم على المبادرة والإبداع، بدلا من اعتمادهم أسلوب سرد المعلومات.
وبشأن الحل السياسي للتصدي لظاهرة هجرة الأدمغة، نبهت رياض الزغل المسؤولين إلى ضرورة نقل المعرفة والتكنولوجيا من المؤسسات الجامعية إلى القطاعات المنتجة وضرورة تطوير القطاع الفلاحي وربطه بموارد البلاد وتأهيل الصناعات التقليدية وتزكيتها بالجانب التكنولوجي، مؤكدة ضرورة منح أصحاب الكفاءات العليا دعما ماديا وأجورا تليق بكفاءاتهم لحثهم على البحث العلمي وعلى الإبتكار.
منية الكواش
- اكتب تعليق
- تعليق