جدل ببيت الحكمة حول الفنّ بين الأسطورة والحقيقة
ما الخلق الفنّي؟ متى يكون الفنّ ممارسة ميتافيزيقيّة؟ كيف تستثمر الفنون الأساطير؟ هل لابدّ من معيش تراجيدي كي يتشكّل الفعل الإبداعي؟ إن كان الفنّ تجربة انطباعيّة أيّ معني للحديث عن علاقته بالحقيقة؟
قد نجيب على البعض من هذه الأسئلة، وقد يظل البعض الآخر مجالا للتأمّل الذاتي كما قال الرسام لطفي الأرناؤوط في لقاء حواريّ، نظّمه يوم الجمعة الماضي قسم الفنون بالمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون "بيت الحكمة"، حيث أبرز الأرناؤوط تأمّلاته حول الصورة الذاتيّة وتقنيات الأسطرة في المجال الفني، منطلقا من أسطورة مدينة الرها كنموذج يؤكّد محوريّة الخيال في المنتج الفني وضروب الخلق، ولعل هذا ما عبّر عنه المشرف على الأمسيّة الحواريّة الأستاذ الناصر بن الشيخ بالفن "كتطبيق ميتافيزيقي" . فالصورة الذاتيّة برأي الرسام لطفي الأرناؤوط توثّق سياقات تاريخيّة ومدن بمعالمها الثقافيّة والدينيّة وشخصيات، "إنّها قصص وذكريات ومحن"، مذكّرا في هذا السياق بجوكندا ليوناردو دي فنشي، وإبداعات فان غوغ، التي لا تعنينا حقيقة ارتباطاتها بحقائق الأمور بقدر ما تعنينا أبعادها الاستيتيقيّة وانطباعات مبدعيها .تظلّ الصورة الذاتيّة حسب ضيف بيت الحكمة مرتبطة بخيار ذاتيّ لأنّ أي عمل فني هو بالأساس تجربة ذاتيّة تترجم " ماذا يريد أن يقول صاحب الأثر"، خاصّة وأنّ الخلق الفني الحق هو أن يبدع الفنان ما لا يفعله الآخر، فمدينة الرّها واحدة ولكن في الخيال الفني متعدّدة بأبعادها ورموزها الدينيّة والثقافيّة والسياسيّة الخ...
ومن الطبيعي أن تتغيّر الحقول الدلاليّة بتغيّر سياقات المعيش، لذلك تختزل كلّ صورة فنيّة رؤية للعالم ومواقف وجوديّة على الرّغم من أنّ الآلام تخاض ولا تقال وإن قيلت تؤوّل و لا تفهم .وعليه يكون العمل الفنّي شكلا تعبيريا يحدث فينا المتعة الجماليّة المتحرّرة من قيود التاريخ والمقدّسات والانتماءات ممّا يفسّر خلود وكونيّة إبداعات حضارات موغلة في القدم .
- اكتب تعليق
- تعليق