يوميّــــات مـــواطن عيــــــّاش: لي خـذا بلـديتنا هــذاكــه بــونـــا !
منذ أن أُعلن عن موعد الانتخابات البلدية، عقد صديقي العياش النية، باش يكون من المترشّحين، بقدرة ربّ العالمين، «وعلاش ما نترشّحشي، تساءل العياش، ياخي الآلاف المؤلّفة لي ترشحت تزيد عليّ باش ؟ مانا لكل توانسة أولاد تسعة شهر وهاذي فرصتنا، باش، نحكمو ع الأقل في حومتنا».
وطبعا كنت أوّل من فاتحه العيّاش في الموضوع، فقلت له : «سيّب عليك يا صاحبي من هالمشروع، إنت لاك في حزب ولا في جمعية، فكيف ستدخل في قائمة انتخابية ؟»، فأجابني بكلّ أريحية: «لا أحزاب يا صديقي ولا قربلّة ، سوف أكوّن قائمة مستقلّة»، فقلت : «وهل تظنّ أنّ قائمتك الصغيرة، ستقدر على مقاومة ماكينة الأحزاب الكبيرة ؟»، فردّ العيّاش : «الساعة ما كبير كان ربّي، ومن بعد ثمّة شي ماعادش مخبّي، الناس ماعادش عندهم ثيقة في السياسيين المتحزّبين، كذبوا عليهم مرّة ومرتين ، وشبعوهم بالوعود والأحلام، وطلعت الحكاية أوهام في أوهام، وكيف شدّوا الكريسي، قالوا لهم: «ياخي جدّت عليكم حكاية أمّي سيسي ؟»، فبحيث، كيف ما قال هاك الراجل، هذه فرصة المستقلّين، لكي يستغلّوا غضب الناخبين، وخيبة أملهم في السياسيين».
قلت : «باهي يا سيدي، نفرضو لي هاذي فرصة المستقلّين، لكن من أين ستأتي يا صاحبي بمترشّحين، وأنت تعلم مثلي تلك الشّروط الطوال، من تناصف بين النساء والرجال، وضرورة تقديم شبّان وشابّات، من ضمن المترشّحين والمترشّحات، إضافة إلى حامل الإعاقة، يثبت ذلك ببطاقة ».؟
فقال العيّاش : «وين المشكل يا صديقي؟ أنا وأنت ومدّاماتنا، ووليداتنا وبنيّاتنا، ونزيدو كعيبات من أولاد وبنات الحيّ، وينتهي في لحظة كلّ شي». فقاطعته : «يعني قائمة عائلية، على شويّة صحوبية؟ ، فأجابني: «ما تقلّيش ثمّة حاجة في القانون الانتخابي، تمنعني من ليستة فيها عايلتي وأحبابي! وماهي الدنيا لكل ماشية بعصبيّة ابن خلدون: الأولى بالمعروف هم الأقربون، وشوف قدّاش من حزب فيه الخو وخـوه، والولد وبوه، عادة أنا جيت زايد عليهم، وإلاّ غالط وهـوما خاطيهم؟».
ولمّا سألت العيّاش من أين سيأتي بحامل إعاقة، أجابني بكل طلاقة: «آش حاشتك ؟ خلّي الموضوع عليّ، عندي واحد في جمعية، توه يعاونّا ع القضيّة هاذية.» فقلت : «إي باهي، وأنا شكون قال لك موافق ندخل معاك في انتخابات، وأنا لا نعرف برنــامجك الانتخـــابي ولا ما ستقدّمه للناخبين من وعود ومقترحات ؟» أتمّ هذه الجملة حتّى رأيت العياش يضحك ملء شدقيه، ويترنّح كمن سيغمى عليه، ثم قال : «اشنوة ؟ مقترحات وبرامج انتخابية ؟ يا صاحبي قدّاكش نيّة ! ياخي توّه جد عليك إلّي داخلين بالآلاف في الانتخابات البلدية، عندهم تصورات مضبوطة وبرامج واضحة جليّة ؟ ماو الناس الكل باش تحكي نفس الحكاية، وتغنّي نفس الغناية : عناية بالنظافة والبيئة والمنتزهات، سدّان الثقب في الكيّاسات، إعادة النّور الكهربائي العمومي بعدما ساد الأحياء من ظلمات، تبليط المادّات...وهات ماك اللاوي، يعني جنة وفيها بريكاجي إذا ما ثمّاش ملاوي، أو «بلاد التررنّي»، لي الدوعاجي كان عليها يغني، واكتب ع الحوت وسيّب في البحر، ويادار مادخلك شر !» ولما سمعت من العياش هذا الكلام، حلفت بالحرام، ماندخل معاه لا في قايمة ولا في ناعسة، وتركته لأفكاره التّاعسة وهو يقول : «تي محسوب ! تمشي إنت يجيو منك عشرة، يا صاحبي يا نكّار العشرة!».
وعلمت بعد مدّة أنّ قائمة العيّاش أسقطتها هيئة الانتخابات لعدم استيفائها الشروط، فهاتفت صديقي لأهنّئه على هذا الكبّوط، فإذا بي إزاء رجل ناقم على الانتخابات البلدية، ينادي إلى مقاطعتها بكلّ جدية، متعلّلا بكذب الوعود الانتخابية، وبما يتّسم به المترشّحون من قلّة جدية، فشعرت وكأنّه يعمّم على غيره من الرجال والنساء، صورة ذاته قبل أن تسقط قائمته في الماء.
ولمّا سألني العياش عن موقفي من الانتخاب، صارحته بأنّني لن أذهب لكن ليس لنفس الأسباب : « لقد أقنعتني يا صاحبي بأنّ البرامج الانتخابية، لا فرق فيها بين هاذي وهاذية، فبحيث «– كيف ما قال هاك الراجل – لا يضرّني أن تطلع القائمة الفلانية أو الفلتانية، مادامت الوعود هيّ هيّ، وكيف ما قال واحد خونا : لي خذا بلديتنا هذاك بونا !».
عادل الأحمر
- اكتب تعليق
- تعليق