عادل الأحمر: الدنيا والبزنس!

عادل الأحمر: الدنيا والبزنس!

صديقي العيّاش رقـد مرة وقام موش لا باس، قال: «علاش ما توليشي بزنـــاس؟»...نعـــم، بزناس! ولمَ لا يكون، والبزناسة حوله كثيرون، يشهد نجاحاتهم في عالم الأعمال، وكيف يلعبون بالمال، فتراهم اليوم في «كاط فوا كـاط» فاخـرة، وغدا في «مرسيـداس» فرهة، وهم يعفسون في الدنيا ويقولون خربة صباحهم في الحمـامات وليلهم في جربة. ولا تسل عن سفراتهم الخارجية، فأوروبا عندهم مثل الضاحية الشمالية، وبـاريس ومدريد كيف المرسى وسيدي بوسعيد، هذا إضافة إلى آخر صيحة في الملبوس، بين مفزفر ومكبوس، وألوان براقة لمّاعة، تدلّك على ذوق الجماعة، و«ربي يعطي الفول للي ما عندوش زروص»، كما يقول العيّاش عندما تحوص وتبوص.

وعندما يسأل العيّاش عن مصدر هذه الثروات، يجيبه المحيطون به: «من البزنس والأفاريات»، فيعود إلى السؤال: «أمن الحرام أم من الحلال؟»، فتأتيه الإجابة صريحة: «لفلـوس ما عندهـاش ريحة»...لكن حرام وإلّا حلال، من أين سيأتي العيّاش بالمال، ليقتحم عالم المشاريع، وهو ما عندو لا ما يرهن ولا ما يبيع، ولا حرثة ولا ورثة، ولا مخزن ولا حانوت، ولا جبانة فين يموت؟

عندما طرحت على العياش هذه الإشكالية، ردّ بكل أريحية، وكعادته في مثل هذه المواقف الكورنيلية: «توه ندبّر راسي، آش عليك فيّ! فقلت له: «وحتى كي تـدبّر راسك، وتضرب أخماسك في أسداسك، وحتى لو كان عندك شوية فلوس مخبّيهم، زعمة آش تنجّم تعمل بيهم؟». فأجاب: «أقل شي نخرّج حانوت م الدار نعملها بيتزيرية، وإلا بوتيك نبيع فيها الحـوايج التركيــة، والإ نحل عطـرية، ونسـميها «superette» باش تظهر عصرية، فقلـت لـه: «وعــلاش مــوش شاباتي وملاوي وطابونة؟ هاي بالحق المشاريع التحفونة !»، فلم تعجب العيّاش مزحتى، وأسرع بمغادرتي.

وبعد أيّام، عاد إلي مراضيا، وكأنّ شيئا لم يكن، ليعلمني أنّ قراره قد قرّ على «فاستفود»، يدخل به عالم المشاريع الموعود، كحلقة أولى لسلسة مطاعــــم، تغزو تونس ثم العالم، فالهمهامة، وفق تخمينه، أمورها دائما ماشية، ولا تغشاها غاشية، وكل شيء يمكن أن يعتريه الكساد، إلّا تغذية بطون العبـاد، وانطلق العيـاش في حلم خلّاب، رأى فيه نفسه ملكا على عـرض الشاورمة والكباب.

لكن لم تمض أيام على هذا القرار، حتّى فاجأني العيّاش بزيارة للدار، ليقول لي إنّه أوقف المشروع، قبل البدء والشروع، فظننت أسباب الإلغاء ماليّة، لكنّه شرح لي الدوافع الحقيقية: «تحبّ الصحيح؟ لقد تخيّلت نفسي كل يوم هابط للسوق ساري، نقضي قضية «الفاستفود» م الفجـاري، ثم أعود الى روايح الكوجينة ،فأكره حتى طعم الماكلة البنينة. وبصراحة، لم أتحمل  وقفتي كامل اليوم بين الكاسة والمطبخ، نقبض لفلوس صحيح لكن م السخانة ننفخ، وصعب عليّ حقا أن تذهب حياتي ســــلاطة، بين الدجاج واللحم والعظم والبطاطة، فقلت في نفسي: سيّب عليك مل الأفكار المجنونة، وخلّيك في إدارتك ومع شهريتك،  المحنـونة، فركــشة الإدارة، لا تساويها أعمال ولا تجارة! وبعد شرح الأسباب، ترك العيّاش كلمة الختام إلى وقت المغادرة عندما وصلنا البـاب: «وتحبّ نقلّك الحقيقة؟ موش هذا البزنس اللي يخلّيك تستغنى في دقيقة»..

عادل الأحمر

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.