إن هذا لشيء عجاب : المشهد السياحي التونسي الجديد وبعض متطلباته

لست أدري إن كانت وزارة السياحة خاصة، والحكومة عامة، خصّصتا بعض وقتهما لتقييم موسم هذه السنة السياحي واستخلاص ما ينبغي استخلاصه من المشهد السياحي التونسي الجديد الذي بدأ، منذ عدة سنوات، يعرف تحوّلا هيكليا مهمّا حيث أصبح المكوّن الجزائري أحد مكوّناته الأساسية، بمعدل ما بين مليون ومليوني سائح سنويا...

وهذا التحوّل يستدعي، في نظري، مراجعة العديد من جوانب سياستنا السياحية المتقادمة التي ما تزال، مع الأسف، لا تضعه في حسابها، أو على الأقل لا تأخذه بعين الاعتبار بما يكفي، حيث أنها تواصل تركيز الجزء الأوفر من اهتمامها ومن إمكاناتها البشرية والمادية على ما تسمّيه الأسواق التقليدية، من أجل الحفاظ على بعضها، وتطوير بعضها الآخر، وخاصة محاولة استرجاع ما تراجع منها خلال السنوات الماضية تراجعا ملحوظا.
ويقتضي المنطق أن تعيد وزارة السياحة بالتعاون مع مختلف الوزارات الأخرى المعنية بهذا القطاع تحديد أولوياته على أكثر من صعيد وخاصة على صعيد البنية التحتية حيث ينبغي إيلاء عناية خاصة لتحديث وتجهيز شبكة الطرقات الرابطة بين بلادنا وبين الجزائر، وبالموازاة مع ذلك لتطوير المراكز الحدودية لتيسير حركة المسافرين جيئة وذهابا.

وإذا لاحظنا أن أعدادا متزايدة من الاشقاء الجزائريين يفدون على بلادنا للعلاج، فإن أي مجهود يبذل في هذا النطاق سيكون نفعه مضاعفا...
غير أنّ ما ينبغي أن ننبّه إليه هو ما لوحظ من نزوع بعض أصحاب الفنادق التي تستقبل أعدادا هامة من السياح الجزائريين إلى نوع من التهاون في العناية بفنادقهم وفي نوعية الخدمات المقدّمة بمواصفات لا تقارن بمواصفات الخدمات التي تقدم لسياح الأسواق التقليدية، رغم الفارق البيّن بين ما يدفعه هؤلاء وما يدفعه أولئك...

ولذلك، فإنّ وزارة السياحة مدعوّة، بإلحاح،حفاظا منها على سمعة السياحة التونسية، إلى مقاومة هذا النزعة، كما إن أهل الميدان مدعوّون إلى الحذر منها ومما يمكن أن يكون لها من مضاعفات ضارة مستقبلا، إذ عليهم أن يضعوا نصب أعينهم أهمية المكوّن الجزائري من هنا فصاعدا، وبالتالي أن يعملوا على المحافظة عليه وعلى وتنميته، وما من سبيل الى ذلك سوى تحسين الخدمات المقدمة له وحتى ملاءمتها مع خصوصياته...

محمد إبراهيم الحصايري