عمر الباهي : تمّت التضحية بالعالم الريفي وتهميشه خدمة لمصلحة المستهلك
عمر الباهي، وزير التجارة الجديد في حكومة يوسف الشاهد الثانية خبير بشؤون الفلاحة وبالعالم الريفي، فهو متحصّل على شهادة مهندس فلاحي. وقد حمله حبّه للأرض على أن يمارس الفلاحة على الميدان في الأراضي التي تملكها عائلته.
لم ينخرط يوما في حزب سياسي لكنّ العمل في الحقل النقابي الفلاحي استهواه بعد 14 جانفي 2011، فقرّر الانضمام مع مجموعة من الفلاحين إلى الاتحاد الوطني للفلاحة والصيد البحري الذي تولّى فيه خطّة أمين مال ثمّ خطّة نائب للرئيس.عيّن في أوت 2016 كاتب دولة لدى وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري مكلّفا بالإنتاج الفلاحي وشغل هذا المنصب إلى حين تسميته الأخيرة.
التقته مجلّة ليدرز العربية في إطار إعداد هذا الملف حول العالم الريفي فكان معه هذا الحديث:
كيف يبدو لك العالم الريفي في تونس اليوم؟
العالم الريفي عالم له خصوصياته المميّزة، هو مرتبط أساسا بالفلاحة لكنّ هذا القطاع ليس كلّ شيء فيه.
تمّت التضحية بالعالم الريفي وتهميشه خدمةً لمصلحة المستهلك، إذ قُدّم قربانا لضمان السلم الاجتماعية،. كان الهاجس الأساسي في السابق تزويد السوق بالمنتوجات الفلاحية بأسعار متدنّية. يعيش العالم الريفي أزمة، ممّا أدّى إلى تفاقم ظاهرة النزوح نحو المدن. سيشعر الناس براحة أكبر في مناطقهم دون التفكير في مبارحتها لو تتوفّر فيها المرافق الضرورية من نقل وطرقات ومدارس وخدمات صحية...
ماذا يتعيّن القيام به للنّهوض بالعالم الريّفي وتحسين ظروف العيش فيه؟
نظرا إلى أنّ الفلاحة تمثّل ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الريفي، لا بدّ من إجراء إصلاحات هيكلية عميقة في القطاع الفلاحي الذي لم ينل في الماضي القدر الكافي من العناية. لن يتسنّى القيام بالإصلاح الزراعي إِلَّا بمعالجة ناجعة للمشاكل التي يواجهها هذا القطاع ومن بينها المردودية الاقتصاديّة المتواضعة للمستغلة الفلاحيّة، وتشتّت الملكيّة والصعوبة التي يلقاها الفلّاحون للنفاذ إلى القروض وانعدام الحوافز اللازمة التي يتعيّن منحها لدعم النشاط الفلاحي.
لذلك أعطى قانون الاستثمار الجديد رسالة قوية من خلال الامتيازات الممنوحة لفائدة القطاع الفلاحي قصد تعزيز موقعه ودوره في الاقتصاد الوطني ومساهمته في التنمية الجهوية والريفية وفي تأمين دخل مجز للفلاح والبحّار وذلك من خلال إكسابه قيمة مضافة عالية وقدرة تنافسية وجاذبية للاستثمار، مع الحرص على النهوض بالفلاحة الصغرى والعائلية.
وقد أولى هذا القانون اهتماما خاصّا للباعثين الشبّان، بتكريس مبدإ المرافقة من خلال تخصيص منحة بـ 50 % من كلفة هذه المرافقة إلى جانب مراجعة جذرية لمنظومة القرض العقّاري الشّيء الذي من شأنه رفع العراقيل أمام الشباب للإقدام على هذه الآلية ومساعدتهم على إنجاز مشاريعهم.
كان موقف السيد يوسف الشاهد، رئيس الحكومة حاسما عند مناقشة الإجراءات المقررّة لفائدة الفلاحة في إطار هذا القانون، سيّما فيما يخصّ الامتيازات المالية الممنوحة في مجال الميكنة الفلاحية (اقتناء جرّارات وحاصدات).
إلى جانب الفلاحة، ما هــي القطاعات الأخــرى التي ينبغي إيلاؤها أهميّة في الوسط الريفي؟
يزخر العالم الريّفي بطاقات كبرى يجب استغلالها، وعلى الحكومة أن تسنّ سياسة للنهوض بالصناعات الفلاحية. بالإمكان تركيز مؤسّسات صغرى في المناطق الريفية عوض تركيز وحدة صناعية في منطقة واحدة. من خلال نسيج من المؤسسات التّحويلية يمكن تثمين عديد المنتوجات الفلاحية كالألبان وزيت الزّيتون.
كما ينبغي العمل على النّهوض بالسياحة الإيكولوجية بتشجيع إحداث بيوت الضيافة والإقامات الرّيفيّة، علاوة على إيلاء الأنشطة الثقافية في الأرياف ما يلزم من اهتمام.
- اكتب تعليق
- تعليق