سكّان الـرّيف مـن خـلال الإحــصائيـات العامّـة
ليس من السهل تحديد عدد السكان القرويين (أو الريفيين) في تونس ونسبتهم مقارنة بمجمل السكان بالاعتماد على الإحصائيات العامة فقط وذلك لعدة أسباب لعل أهمّها أنّ هذه الإحصائيات تميّز عموما بين سكان الوسط البلدي وسكان الوسط غير البلدي ولا تميّز بين السكان الحضريين (سكان المدن) والسكان الريفيين (القرويين). ودراسة عالم الريفيين (القرويين) وتحيينها يستوجبان استعمال طرق وآليات علم الاجتماع، علاوة على طرق وآليات علم الديمغرافيا حيث نلاحظ أن سكان المدن ليسوا كلهم حضريين بالمعنى الدقيق وأنّ سكان القرى ليسوا كلهم ريفيين بالمعنى الدقيق أيضا. وفي كل الأحوال فإنّ عددا من سكان المدن الكبرى التونسية لا زالوا ريفيين في عقليّاتهم وعيشهم ومعاملاتهم البشرية وعدد من سكان الأرياف التونسية أصبحوا قريبين جدّا من الحضريّين من حيث عقلِيّاتهم وعيشهم ومعاملاتهم البشرية.
يرتبط تعريف السكان الريفيين أو القرويين إلى حد بعيد بنمط الحياة في الريف أو القرية، فضلا عن المهنة الغالبة عندهم أي الفلاحة حيث يشكل تعاطي الأعمال الفلاحية نمطا للعيش ومهنة في آن واحد بخلاف المهن الأخرى. ولكن علينا أن نفرّق هنا بين القرويين الذين يملكون أرضا (أو يستأجرونها) لغرض زرعها والعيش فوقها دون سواها وبين المزارعين الذين يملكون أرضا (أو يستأجرونها) لغرض استغلالها للربح والاتجار، شأنهم شأن المستثمرين في القطاعات الاقتصادية الأخرى. فهل من المعقول أن نطلق صفة القرويين على الصنف الثاني؟ بالطبع لا ومع ذلك فإنّ الإحصائيات الرسمية تحشر الجميع ضمن طبقة المستغلين الفلاحيين بغض النظر عن مساحة ممتلكاتهم الفلاحية ونوعية الزراعة التي يتعاطونها. ثم أنّ السكان النشيطين في القطاع الفلاحي ينقسمون إلى ثلاثة أصناف: مستغلون وأجراء ومعاونون عائليون، فهل يمكن حشر هذه الأصناف ضمن كتلة اجتماعية واحدة؟ الجواب لا بالنظر إلى اختلاف مستوى عيشهـــم وسكنهـــم وعقلياتهــم، وبالتـــالي فإن استغــــلال الإحصائيات المتداولة لا يكفي لتحيين عدد السكان القرويين ونسبتهم من مجمل السكان.
السكّان حسب الوسط والولاية
بلغ عدد السكان في تونس سنة 2014 حسب المعهد الوطني للإحصاء 10.982.754 نسمة منهم 7.445.139 يسكنون في الوسط البلدي و3.537.615 يسكنون في الوسط غير البلدي. وتبعا لذلك بلغت نسبة السكان غير البلديين 3 .32% في 2014 مقابل 35.1% في 2004 و39.0% في 1994. ولا يدل تطوّر النسب المذكورة على تطوّر نسبة السكان القرويين في الفترة نفسها للأسباب التي ذكرت آنفا بقدر ما يدل على تطوّر الشبكة البلدية من جهة، وعلى تجمّع السكان في الأماكن العامرة من جهة أخرى، سواء نتج هذا عن الهجرة داخل الولايات أو الهجرة بينها.
تطوّر السكان 1994 - 2014
1994 | 2004 | 2014 | |
عدد السكان | 8785.4 ألف | 9910.9 ألف | 10982.8 ألف |
بلدي | 61.0 % | 64.9 % | 67.7 % |
غير بلدي | 39.0 % | 35.1 % | 32.3 % |
وسجلت ولاية سيدي بوزيد أعلى نسبة للقرويين بالرجوع لمجمل سكان الولاية (72.9 %) تليها ولاية جندوبة (69.4 %) ثم ولاية القيروان (64.7 %) ثم ولاية سليانة (57.6 %) ثم ولاية القصرين (56.4 %) ثم ولاية زغوان (56.3 %) ثم ولاية باجة (55.7 %) ثم ولاية المهدية (54.3 %) مقابل صفر في ولايتي تونس والمنستيـر و(9.2 %) في ولاية بن عروس و(11.2 %) في ولاية أريانة مثلا. ويجب استحضار هذه النسب عند الحديث لاحقا عن نسب الفقر وتوزيع اليد العاملة حسب المهنة وقطاع الإنتاج لما يوجد من ترابط وثيق بين هذه المعطيات.
توزيع السكان حسب الوسط والولايات في 2014
البلدي بالآلاف | غيرالبلدي بالآلاف | المجموع بالآلاف | نسبة البلدي | نسبة غير البلدي | |
تونس | 1056.2 | 0 | 1056.2 | 100 % | 0.0 % |
اريانة | 551.7 | 64.4 | 576.1 | 88.8 % | 11.2 % |
بن عروس | 573.7 | 58.1 | 631.8 | 90.8 % | 9.2 % |
منوبة | 288.2 | 91.3 | 379.5 | 75.9 % | 24.1 % |
نابل | 536 | 252 | 788 | 68.0 % | 32.0 % |
زغوان | 77.4 | 99.6 | 177 | 43.7 % | 56.3 % |
بنزرت | 370.8 | 197.5 | 568.3 | 65.2 % | 34.8 % |
باجة | 134.2 | 168.8 | 303 | 44.4 % | 55.7 % |
جندوبة | 123 | 278.5 | 401.5 | 30.6 % | 69.4 % |
الكاف | 137.3 | 105.9 | 243.2 | 56.5 % | 43.5 % |
سليانة | 94.6 | 128.5 | 223.1 | 42.4 % | 57.6 % |
سوسة | 547.4 | 127.6 | 675 | 81.1 % | 18.9 % |
المنستير | 548.8 | 0 | 548.8 | 100.0 % | 0.0% |
المهدية | 187.8 | 223 | 410.8 | 45.7% | 54.3 % |
صفاقس | 595.7 | 359.7 | 955.4 | 62.4 % | 37.6 % |
القيروان | 201.5 | 369 | 570.5 | 35.3 % | 64.7 % |
القصرين | 191.3 | 247.9 | 439.2 | 43.6 % | 56.4 % |
سيدي بوزيد | 116.4 | 313.5 | 429.9 | 27.1 % | 72.9 % |
قابس | 262.8 | 111.5 | 374.3 | 70.2 % | 29.8 % |
مدنين | 377.2 | 102.3 | 479.5 | 78.7 % | 21.3 % |
تطاوين | 95 | 54.4 | 149.4 | 63.6 % | 36.4 % |
قفصة | 250 | 87.3 | 337.3 | 74.1 % | 25.9 % |
توزر | 75.7 | 32.2 | 107.9 | 70.2 % | 29.8 % |
قبلي | 84.9 | 72.1 | 157 | 54.1 % | 45.9 % |
وطني | 7437.6 | 3545.1 | 10982.7 | 67.7 % | 32.3 % |
المصدر: المعهد الوطني للإحصاء والكاتب
توزيــع السكـان النشيطـين حسب القطاع الاقتصادي والولاية
بلغت نسبة السكان النشيطين (15 سنة فما فوق) الذين يتعاطون العمل في الفلاحة والصيد البحري (بأصنافهم الثلاثة) 28.58 % من مجمل النشيطين في ولاية سيدي بوزيد وهي أعلى نسبة تسجل، تليها ولاية سليانة ( 27.23 %) ثم ولاية الكاف (25.52 %) ثم ولاية قبلي (25.44 %) ثم ولاية باجة (24.39 %) ثم ولاية القيروان (24.18 %) مقابل نسب منخفضة جدا في ولاية تونس (0.61 %) وهي أدنى نسبة تسجل ثم ولاية أريانة (2.49 %) ثم ولاية بن عروس (2.78 %) ثم ولاية سوسة (3.6 %). والجدير بالملاحظة في هذا الباب أنّ ترتيب الولايات حسب نسبة النشيطين في الفلاحة يقرب كثيرا من ترتيبهم حسب نسبة الفقر أو البطالة أو التنمية ممّا يعزز عموما ترابط المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية بعضها ببعض مع وجود فروق خصوصية كتلك الفروق التي تتعلق بولايتي توزر وقبلي مثلا حيث بلغت نسبة المشتغلين في الفلاحة بولاية قبلي ضعف ما بلغته في ولاية توزر رغم تشابه الولايتين من الناحية الاقتصادية.
نسبة النشيطين (15 سنة فما فوق) في الفلاحة حسب الولاية
نسبة الفقر الأقصى 2015 | نسبة البطالة 2014 | نسبة المشتغلين في الفلاحة 2014 | |
تونس | 3.5 % | 13.5 % | 0.61 |
اريانة | 5.4 % | 11.3 % | 2.49 |
بن عروس | 4.3 % | 13.0 % | 2.78 |
منوبة | 12.1 % | 17.2 % | 8.05 |
نابل | 7.4 % | 10.3 % | 15.87 |
زغوان | 12.1 % | 16.9 % | 13.05 |
بنزرت | 17.5 % | 14.4 % | 14.57 |
باجة | 32.0 % | 17.9 % | 24.39 |
جندوبة | 22.4 % | 25.6 % | 15.17 |
الكاف | 34.2 % | 19.1 % | 25.52 |
سليانة | 27.8 % | 16.4 % | 27.23 |
سوسة | 16.3 % | 10.7 % | 3.06 |
المنستير | 8.3 % | 9.3 % | 4.65 |
المهدية | 21.1 % | 12.1 % | 12.14 |
صفاقس | 5.8 % | 12.2 % | 7.90 |
القيروان | 34.9 % | 15.8 | 24.18 |
القصرين | 32.8 % | 22.7 % | 17.05 |
سيدي بوزيد | 23.1 % | 17.7 % | 28.58 |
قابس | 15.9 % | 18.8% | 11.09 |
مدنين | 21.7% | 14.5 % | 6.37 |
تطاوين | 15.0 % | 25.8 % | 6.03 |
قفصة | 18.0 % | 26.2 % | 8.80 |
توزر | 14.7 % | 15.5 % | 13.15 |
قبلي | 18.5 % | 21.0 % | 25.44 |
وطني | 15.2 % | 14.8 % | 10.47 |
المصدر: المعهد الوطني للإحصاء والكاتب
مستوى عيش الفلاحين والعملة الفلاحيين
تشير الإحصائيات المتوفرة إلى أنّ متوسط الإنفاق الفردي حسب الصنف المهني والاجتماعي لرئيس الأسرة بلغ في سنة 2015 زهاء 3871 دينارا كمعدل وطني مقابل 2808 دينارات للفلاحين و2188 دينارا للعملة الفلاحيين. ومقارنة بمتوسط الإنفاق الفردي السنوي للأسر التي ينتمي رئيسها لصنف العملة غير الفلاحيين( 2980 دينارا) نلاحظ أنّ وضع الفلاحين أسوء من وضع العملة غير الفلاحيين وأنّ وضع العملة الفلاحيين أكثر سوءا وأنه إذا استثنينا البطالين فإنّ سكان الأرياف هم أضعف السكان من الناحية الاقتصادية. وإذا نظرنا إلى توزيع السكان حسب الوسط وشرائح الإنفاق الفردي السنوي نلحظ انسجاما مع ما سبق حيث يتميّز الوسط البلدي على الوسط غير البلدي بنسب أعلى كثيرا من زاوية الشريحتين (من 3000 دينار إلى 4500 دينار ومن 4500 دينار فما فوق).
توزيع السكان حسب الوسط وشرائح الإنفاق
(المعهد الوطني للإحصاء)
الشريحة | بلدي | غير بلدي | وطني |
أقل من 500د | 0.0 | 0.3 | 0.1 |
من 500د إلى 750د | 0.1 | 2.3 | 0.8 |
من 750د إلى 1000د | 0,7 | 5,1 | 2,1 |
من 1000د إلى 1500د | 4,3 | 16,5 | 8,1 |
من 1500د إلى 2000د | 8,9 | 20,4 | 12,5 |
من 2000 د إلى 3000د | 25,3 | 28,8 | 26,4 |
من 3000 د إلى 4500د | 27,6 | 17,9 | 24,5 |
4500 د فما فوق | 33,1 | 8,7 | 25,4 |
ظروف السكن حسب الوسط والولاية
الربط المحين بمختلف الشبكات حسب الوسط
بلدي | غير بلدي | المجموع | |
الكهرباء | %97,7 | %93,8 | %96,6 |
الغاز | %30,2 | 2.5 % | %22,3 |
الماء | %94,7 | %59,9 | %84,6 |
التطهير | %82,3 | %10,2 | %61,5 |
المصدر: المعهد الوطني للإحصاء
الخلاصة
تدلّ كلّ المؤشرات المتوفرة أنّ سكّان الأرياف يعانون أكثر من غيرهم من الفقر والبطالة ولا يمكن استثناء سكان أرياف الولايات الساحلية النامية نسبيا (بمعنى الواقعين على السواحل لا بمعنى المتواجدين في منطقة الساحل)، حيث نلاحظ أنّ معتمديات ولاية المهدية الداخلية مثلا تعاني هي أيضا من الفقر والبطالة. كما تدلّ نفس المؤشرات أنّ معاناة المناطق الضعيفة تتأتّى أساسا من عدم توفر فرص الشغل، ولا سيّما الشغل في الصناعة، ومن ضعف موارد النشاط الفلاحي، هذا علاوة على أوضاع البنية الأساسية والمرافق التربوية والصحية. ونستطيع أن نعتمد على المعلومات المتوفرة من الناحية الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية لنحدّد نسبة الريفيين بالمعنى الذي افترضناه في مدخل هذا المقال من مجمل سكّان تونس بنسبة أعلى جدا من نسبة الفقر الرسمية التي تبلغ الضعف أو تتجاوزه قليلا. وهذه نسبة تقترب لحدّ ما من نسبة السكان غير البلديين. وحيث أنه من المفتـرض أن تعـــمّ البلديات لتبلغ نسبة السكـــان غير البلديين الصفر فإنّه أصبح من الضروري إيجاد صيغ جـــديدة ديمغرافيا لتحديد تطـوّر السّكان الريفيين أو القرويين ومتابعــتـه.
الحبيب التّهامي
- اكتب تعليق
- تعليق