إن هذا لشيء عجاب: مأساة اليمن: طريق إلى الدكتوراه الفخرية
من أعجب أخبار الأسبوع الأول من الشهر الجاري خبران جاء أحدهما يوم السبت 07 أكتوبر 2017 وهو يتعلق بمنح معهد العلاقات الدولية الروسي بموسكو الملك سلمان بن عبد العزيز بمناسبة زيارته إلى اتحادية روسيا شهادة دكتوراه فخرية، وجاء الآخر يوم الأربعاء 04 أكتوبر 2017 وهو يتعلق بمنح جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية نجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان شهادة مماثلة.
ووجه العجب في الخبرين ليس منح الشهادتين في حد ذاته، فقد بات هذا الأمر عاديا، وإنما في شرح أسباب منحهما، فلقد أعلن معهد العلاقات الدولية بموسكو انّ منح الملك سلمان بن عبد العزيز الدكتوراه الفخرية يأتي "تقديراً لدوره في دعم الاستقرار والسلام الدولي وتنمية تعزيز العلاقات السعودية الروسية".
ولو اقتصر التبرير على الجانب الثاني أي على تعزيز العلاقات السعودية الروسية، لما استدعى أي تعليق.
أما مجلس إدارة جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية فقد أوضح أن شهادة الدكتوراه المسندة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان منحت له "في مجال تقوية وتوثيق علاقات السعودية الدولية وتوسيع وتطوير قاعدتها الاقتصادية والتجارية على الصعيدين المحلي والعالمي ونشر قيم الاعتدال والوسطية"، وذلك، كما جاء على لسان مدير الجامعة الشيخ سليمان بن عبد الله أبا الخيل، عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، في مؤتمر صحافي عقد بالمناسبة، لدوره في "جمع كلمة العرب والمسلمين وإنشاء اتحادات عسكرية وتحالفات متنوعة ومختلفة"، وهو ما تجلّى في "جهود سموه في إعادة الأمل لليمن الشقيق من خلال عاصفة الحزم للقضاء على الحوثيين في اليمن"...
ولست أدري كيف يستقيم لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن تتحدث عن جهود ولي العهد في "إعادة الأمل لليمن الشقيق"، وكأنها لم تعلم بحجم المأساة الناجمة عن "عاصفة الحزم" التي ما تزال متواصلة منذ أكثر من سنتين ونصف السنة والتي أدت فيما أدت إليه، إلى:
- سقوط ما يقارب عشرة الاف ضحية بينهم مئات الأطفال، وجرح 45 ألف شخص.
- تفشي وباء الكوليرا في اليمن وإصابة مئات الآلاف من اليمنيين به.
- معاناة مليون طفل يمني من سوء التغذية، علاوة على أنهم مهددون بوباء الكوليرا، علما بأنّ طفلا يمنيا يموت كل عشر دقائق.
- انهيار الاقتصاد اليمني ممّا يهدد ملايين اليمنيين بالجوع.
- ارتفاع عدد اليمنيين المحتاجين إلى المساعدة الإنسانية العاجلة الى 20.7 مليون من جملة 28 مليون يمني.
- تشريد أكثر من ثلاثة ملايين شخص.
- عجز أكثر من نصف السكان (16 مليون) عن الوصول إلى الماء الصالح للشرب.
وفي حين أدرجت الأمم المتحدة التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن على لائحة سنوية سوداء للدول والكيانات التي ترتكب جرائم بحق أطفال، وفي حين تؤكد الجمعيات الحقوقية والمنظمات الإنسانية أنّ الأزمة الإنسانية في اليمن "عار على البشرية"، يأبى النفاق المحلي والدولي الا أن يصر على إيهامنا بعكس الواقع ونقيض ما يجري على الميدان، في كنف مقدار مذهل من اللامبالاة والتغافل.
محمد إبراهيم الحصايري
- اكتب تعليق
- تعليق