عادل الأحمر: يحيـــا الــبلـــّوشـــي!

عادل الأحمر: يحيـــا  الــبلـــّوشـــي!

مع اقتـــراب موعد المهرجانات، بدا صديقي العياشي يضبضـــب ع الاستدعاءات ، وذاك هو دأبه في كلّ صيف، يحــــب يعمـل فرجة وكيف، دون أن يــرهـــق  ميزانيته العائلية، بمصاريف إضافية.

وأنا من أوّل المطلوبين  لدى العيّاش، لتدبير الفرجة بوبلاش، لظنّه بأنّي قريـــب من أجواء الثقافة، ولاعتقاده أنّ كـــلّ شيء سهــل على الصحافة، وأن الإعلاميين هـــم أمهر الناس، في تدبير الرّاس، يعيشون ملوكا بين الفطورات، وحفلات الاستقبال والعشـــاوات ، وللشاطرين منهم نصيبهم مـــن الرحــلات والأسفار، دون دفع ملّيم ولا دينار، إلى جانب التمتع بالفرجة المجانية، في التظاهـــرات الثقافية والمقابلات الرياضية.  ومن رأي العيّاش أنّ هذه المنافع الجانبية، التي تتمتّع بها الأسرة الإعلامية، يمكن أن تمتدّ -ولم لا ؟ - للأحباب والأصدقاء.

لذلك كنت في مثل هذا الوقت من كل عام، أنتظر هجمة صديقي دون سابق إعلام، لكي «أستوسّط» لـــه في دعـــوات، تمكّنـــه مــن مــواكبة المهرجانات، بين كرطـاج والحمامات، ومن الأفضل أن تكون صالحة لـــزوز م الناس، لكي يصطحب حرمه المصون ويقص الرّاس.

وعندما أتوصّل، كل مرّة، وبعد تعب، إلى إقناع العيّاش بأنّي عاجز عن تحقيق الطلب، مستظهرا باشتراك في هذا أو ذاك من المهرجانات، ينعتني صديقي بشتّى الأنعات: «أنت صحافي، م النوع الطافي، وما تعــرفشي تعيـــش، غيرك مدبّرها وقعدت إنت منتوف الريش».

وإذا قلـــت له إنّ البلــــوشي مضرّ بخزينة المهرجانات، يتحفني العياش بـ«تيـــرادة» من أقوى «التيرادات»، عن أولئك الذين يحتلون المقاعد الأمامية، في كل المهرجانات الصيفية، دون دفع ولو مليم، وهـــم مـــن أهل الرخاء والنعيم، أو من كبار المسؤولين، ولا حاجة  لهم   إذن إلى «التقمين»، فلا أجد على كلامه ردّا، ولهجومه صدّا.

والحقيقة أنّ البلــوشي عند صديقي أسلوب حياة، واختيار من جملة العديد من الاختيارات، فرضته دون شـــكّ أحواله الاقتصادية، ولكنّه كذلك عقلية مشتركة تونسية، لا تعتـــرف بالفوارق الطبقية، هي عقلية الهندي المقشّر، وتدبير الراس ملخّــر، و«لا هو – حاشا من سمع-  لا تلهميق ولا طمع»، كما يقول العيّاش، بل هو حبّ متأصّل في العباد، لكل أمر يحصل عليه دون تعب أو إجهــــاد، وفرح بالعطايا والهدية، حتى لو كانت في آخـــر العام يومية، أو كعبة «قاطو» وكاسين، في حفــل تدشين، وإلاّ كوكتال كامل الصّفات، في سفارة م السفارات.

وممّا يثلج صـــدر العيّاش أنّ التّهنيد، مهما اختلفت التّسميات، تشترك فيه كلّ الثقافات، بل هو تقليد  اجتماعي راسخ في البشر، إن لم يكن توريثا جينيا ونوعا من القضاء والقدر، أو فقط محض اختيار، يحمل هذا الشّعار، الذي يرفعه صاحبي دون احمرار:  «ياخي اشكون ما يحبّش الهندي المقشّر براس بوك ؟ لا تخاف على إيديك ولا يدقّك شوك !».

عادل الأحمر

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.