الٲستاذ دومينيكو ألساندري دي روسي: السجن كالمستشفى: نشفى ونذهب في حال سبيلنا!
لا ينبغي اعتبار السجن مجرّد عقوبة لا بدّ من قضائها، بل هو دافع إلى محاسبة النفس والرجوع إلى الجادّة وتغيير السلوك. والسبل إلى ذلك متعددة: انطلاقا من الهندسة المعماريّة وصولا إلى الإحاطة النفسيّة والتربويّة والثقافيّة.
ما انفكّ الأستاذ دومينيكو ألاساندري دي روسي (Domenico Alessandri De Rossi)، البالغ من العمر 70 سنة وهو مهندس معماري وعضو في جمعيّة حقوق الإنسان، يناضل من أجل نصرة هذه القضيّة النبيلة. كتابه الصادر تحت عنوان "Non Solo Carcere"، والذي ألّفه بالتعاون مع مجموعة من المختصّين في المسائل المتعلقة بالمؤسّسة السجنية، يُعتبر بمثابة المرجع في هذا المجال. الأستاذ دي روسي مهندس مطارات في الأصل، لكنّ نضاله من أجل حقوق الإنسان جعله يصرف اهتمامه إلى هذا الملف إلى ٲن ٲصبح من بين المتخصّصين فيه.
يقول دي روسي في حديث أدلى به لمجلة ليدرز: "يتمثّل الخطر الٲكبر في ٲن نرى السجين يتعلّم في السجن عكس ما يجب تغييره في فكره وسلوكه. فلا اختلاف بين السجن والمستشفى، فدخول السجن ينبغي أن يكون سبيلا إلى العلاج لا إلى تفاقم العلّة وتعاظم المرض. وفي صورة مغادرة السجن دون التعافي منه، فإن الخطر يتفاقم بالنسبة إلى المريض نفسه وإلى المجتمع كذلك. ويصبح الخطر ٲكبر في حال جنوحه نحو التطرّف".
المهمّ ليس الزنزانة
ويرى الأستاذ دوماينيكو ألاساندري دي روسي ٲنّ الحلول تتمثل في اعتماد مقاربة شاملة، قائلا: "من المهمّ تهيئة سجون من الحجم المتوسط تتّسع لأربعمائة أو خمسمائة سجين على أقصى تقدير. ومن الأفضل أن تكون هذه السجون مندمجة في المدن، ممّا يمكّن من تيسير الزيارات وتخفيف وطأة العـزلة. كما يجب ٲن تكون الهندسة المعمارية مناسبة لتهيئة الورشات المهنية وقاعات الدروس والمراكز الثقافية والرياضية".
ويستطرد دي روسي: " المهمّ ليس الزنزانة، بل ما زاد عليها. ينبغي أن يكون نظام الاعتقال سبيلا إلى إعادة التأهيل ودافعا لتحسين السلوك. اذ يجب مراقبة السجين وتمكينه من فرصة لإصلاح نفسه ومدّ يد المساعدة له ومجازاته على كلّ خطوة يخطوها في الاتجاه الصحيح وعلى كلّ جهد يبذله، وذلك من خلال وضعه في غـرفة تتوفّر على مزيد من المرافق ووسائل التهوية. بالإضافة إلى دفعه للانخراط في عديد الأنشطة ومنحه مزيدا من فرص الخروج وغيرها. وبصورة تدريجيّة يتمّ تحفيزه على تحمّل مسؤولياته إلى حدّ تمكينه من الاحتفاظ بمفاتيح الزنزانة عند ذهابه صباحا إلى العمل في إحدى الورشات المهنية. ومن الطبيعي أن يتمّ أخذ الاحتياطات الصارمة تجاه المعتقلين الخطيرين الذي ينبغي عزلهم ووضعهم تحت الرقابة المشددة".
قليل من الحرّاس وكثير من المربّين
ويرى الأستاذ دي روسي أنّ "مبدأ انتقاء المعتقلين وتعهّدهم بالمتابعة الشخصيّة على أساس من الاحترام ينبغي أن يكون مشفوعا بعاملين إثنين هامين، ويتمثل العامل الأول في اعتماد التكنولوجيات في حراسة المساجين وذلك للتقليص من عدد الحراس والزيادة في عدد المربّين والوسطاء الثقافيين والمهنيين. أما العامل الثاني فيتمثّل في تأمين تدريب مناسب لفائدة الإطارات السجنية. والمطلوب هنا هو تمكين الحراس المباشرين والطاقم العامل في السجن من المعارف التاريخية والجغرافية والثقافية اللازمة لمساعدتهم على الانصات للمعتقلين وفهمهم والوقوف على عاداتهم وتقاليدهم ومأكلهم وما يحظر أكله إلى غير ذلك. وتكتسي معرفة كل ذلك ـ إلى جانب الإحترام ـ أهمية قصوى من حيث صفو العلاقات وتخفيف حدة التوترات التي قد تحدث".
- اكتب تعليق
- تعليق