أخبار - 2016.12.28

قطـاع‭ ‬التمور‭ ‬فـــي‭ ‬تــونـس إشكالات‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتّصدير

قطــاع‭ ‬التمــور‭ ‬فـــي‭ ‬تــونـــس إشكالات‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتّصدير

يعتبر النخيل أهمّ ثروة فلاحية على ضفاف شط الجريد في واحات بلاد الجريد وقبلي وكذلك في قفصة وقابس حتى أنّ بعض الفلاحين يعتبرونه بمثابة بترول المنطقة. وازدهر النخيل في تلك الواحات بسبب تغذيه من مياه العيون التي تكوّن جداول يُسقى منها النخيل واليوم يتمّ الاعتماد على الآبار لذا تعيش الواحات نقصا في المياه . ويعتبر التمر من المنتوجات الفلاحية المستهلكة بكثرة في العالمين العربي والإسلامي وخاصة خلال شهر رمضان إذ تستهلك الدول العربية حوالي 10 كلغ من التمور للشخص الواحد سنويا.

وينتج العالم اليوم ما يزيد عن 6 ملايين طن تستهلك منها الهند حوالي 40% ومع ذلك وجدت تونس لنفسها مكانا في هذا الحجم الكبير من الإنتاج  بفضل اتّساع واحاتها وهيكلة القطاع وتقنيات العمل المعتمدة والعناية بالتصدير وخاصة تصدير دقلة النور.

200 نوع أهمّها دقلة النور

تنتج تونس 200 نوع من التمـور وهنـــاك مـــن يعدّها أكثر من ذلك، من أهمّهـــا دقلـــة النور والفطيمي ولخــوات والكنتة والعليق، وهي التي تجد إقبالا في الأسواق العالمية.أمّا بقية الأنواع فتروّج في السوق المحليةوتصنّٓف دقلـة النور الأفضل من بينها.

ويذكر العارفون بالميدان أنّ دقلة النور أصلها من الجزيرة العربية جاءت إلى المغرب العربي مع الفاتحين في القرن السابع. ويرى بعض المؤرخين أنّ كلمة دقلة قد تكون تحريفا لكلمة دجلة، اسم النهر الواقع بين سوريا والعراق . وتُعتبر دقلة النور من بين أفضل أنواع التمور في العالم وأجودها ويقبل عليها المستهلكون بكثافة وخاصة في أوروبا.وهناك نوع آخر مفضّل لدى بعض المستهلكين في العالم هو المجهول الذي لا يُنتج في تونس.

ورغم أنّ دقلة النور تنتجها عديد البلدان مثل الجزائر خاصة والولايات المتحدة بولايات كليفورنيا وتكساس وأريزونا وجنوب إفريقيا وإسرائيل والمغرب إلا أنّ دقلة النور التونسية والجزائرية تبقى الأجود والأكثر جاذبية للأسواق العالمية. ومن غريب الأمور أنّ دقلة النور المزروعة في الولايات المتحدة  هي من أصل تونسي وقد زرعها واعتنى بها هناك منذ البداية تونسيون  انتقلوا إلى الولايات المتحدة  لتعليم زراعة النخيل.

تونس أوّل مصدّر للتمور من حيث القيمة الماليّة

تعتبر تونس من بين الدول العشر الأوائل المنتجة للتمور في العالم وتتصدّر القائمة مصر لكنها تستهلك داخليا كلّ إنتاجها. ومن كبار المنتجين في العالم نجد السعودية والعراق والإمارات. أمّا دقلة النور فيبلغ إنتاج الجزائر منها 500 ألف طنّ سنــويــا لكنها لا تصدّر إلاّ حوالي 15 ألف طن وتنتج الولايات المتحدة الأمريكية كذلك 15 ألف طنّ سنويا. ورغم أنّ تونس ليست أوّل منتج فإنّها مصنّفة أوّل مصدّر للتمور في العالم من حيث القيمة المالية وأول مزوّد لأوروبا. فقد أنتجت واحاتنا التي تمسح حوالي 41 ألف هكتار حوالي 240 ألف طن في الموسم الماضي 2015 2016 (منها 182.250 ألف طن دقلة نور) صُدّر منها حوالي 108 آلاف طنّ مكّنت تونس من عائدات من العملة الصعبة قُدّرت بـ 463.3 مليون دينار.

وقد صُدّر المنتوج إلى 82 دولة من قبل 200 مؤسسة. وتُصدّر التمور التونسية في أشكال مختلفة إمّا في علب صغيرة أو كبيرة أو في شكل شمروخ طبيعي أو بثّ أو تمر منزوع النوى أو التمور الموجهة إلى الاستعمال الصناعي. وقد سجّلت تونس تطوّرا في الإنتاج مقارنة بالموسم الماضي 2014- 2015  حيث بلغ الإنتاج آنذاك 223 ألف طنّ صُدّر منها 99.5 ألف طن عادت على تونس بمداخيل مالية ناهزت 458.4 مليون دينار. ومقارنة بموسم 2010 2011 نلاحظ تطوّرا مهمّا في حجم التصدير الذي بلغ آنذاك 84 ألف طنّ بعائدات مالية قُدّرت بـحوالي 291 مليون دينار . كما تمّ تسجيل نموّ سنوي في صادرات التمور قُدّر معدّله بـ 12% وقُدّر معدّل النمو السنوي لقيمة الصادرات بـ 9%. أمّا بخصوص الموسم الحالي 2016 2017 فتسجّل التقديرات نقصا طفيفا في الإنتاج الجملي بنسبة 1.7% ليقدر بـ 241.666 ألف طنّ مع ملاحظة استقــرار في إنتاج دقلة النور بـ 183.388 ألف طن تقريبا.

تطوّر التخزين والتكييف

ويعود نجاح تونس في مجال تصدير التمور رغم أنّ إنتاجها ليس الأول في العالم إلى عدّة أسباب أهمّها تطوّر قطاع تخزين التمور وتكييفها إذ لدينا اليوم 73 محطة تكييف أضفت على الإنتاج ميزة تفاضلية مقارنة بإنتاج المنافسين، هي إمكانية وجود التمور التونسية في السوق العالمية طوال السنة. فتونس تستطيع التصدير في أي فترة من السنة وليس فقط في مواسم استهلاك التمور خلال شهر رمضان أو حفلات رأس السنة وهو ما لا يتوفّر عند المنافسين، إضافة إلى دعم الدولة للمصدّرين من حيث النقل والعمل الترويجي في الصالونات والمعارض بالخارج. كما يلعب البرنامج الوطني لحماية عراجين التمور ضد دودة التمر والأمطار دورا مهمّا في المحافظة على الانتاج وجودته بتوفير الناموسيات (حوالي 2.6 مليون في السنة) لتغليف العراجين بمنحة  تقدّر بـ 80% تتكفّل بها الدولة. وقد قلّص هذا البرنامج نسبة الإصابة إلى ما بين1% و2% بينما تُقدّر المعايير العالمية بـ 5%. كما حصل النجاح بفضل الخبرة والمعرفة بالقطاع من حيث الإنتاج والترويج التي اكتسبها المنتج والمصدّر التونسي وتغيب عن غيره من المنافسين وكذلك بفضل هيكلة القطاع.

التحدّيات والآفاق

ورغم هذا التطوّر الذي عرفه تصدير التمور تبقى عديد التحديات تواجهه أهمّها وعلى مستوى وطني نقص الماء لأنّ المائدة المائية التي يرتوي منها التمر غير كافية للمستقبل، وكذلك جودة الإنتاج، ذلك أنّه في صورة تعميم مواصفات الجودة لهذا المنتوج كما هي المعايير الدولية فإنّ ذلك سيساهم في مزيد تطوير التصدير، إضافة إلى ضرورة التوقّي من الآفات الزراعية، لأنّ عندما تتوفّر العناية اللازمة بالنخلة فهي قادرة على إعطاء انتاج يصل إلى حدود 100 كلغ من التمر والحال أنّ معدل إنتاج النخلة الواحدة حاليا هو 66 كلغ.

أما بالنسبة إلى التحديات الخارجية فتبقى المنافسة على استقطاب الأسواق الجديدة تحديّا مهمّا يواجه قطاع التمور في تونس، إضافة إلى المحافظة على الأسواق التقليدية التي يعمل المنافسون على دخولها. ومن التحديات أيضا إمكانية انخفاض تصدير دقلة النور إلى المغرب والذي يبلغ حاليا حوالي 30 ألف طن لأنّ للمغرب برنامجا لتحقيق الاكتفاء الذاتي من دقلة النور في المستقبل. كما أّنه من الضروري الاهتمام بالمنافسة التي تفرضها نوعية تمر المجهول المنتج خاصة في الولايات المتحدة  وإسرائيل وهما أول منتج لهذا النوع في العالم ويطلقون عليه اسم ملك التمر وهو أكبر حجما من دقلة النور إذ تزن حبّة المجهول ما بين 20 و30 غرام بينما تزن حبّة التمر العادية ما بين 6 و11 غراما. وتغزو حاليا إسرائيل السوق العالمية بحوالي 35% من هذه النوعية وهي تنتج حوالي 30 ألف طن سنويا.

ولمواجهة تلك التحديات تعمل الهياكل المساندة بالتعاون مع المهنة على البحث عن أسواق جديدة في آسيا وأمريكا وإفريقيا وعلى تنويع الإنتاج وتطويره والاهتمام أكثر بالتمر البيولوجي وبتحويل التمر.

التمر البيولوجي والتحويل

ومواكبة للتطورات الاستهلاكية في العالم دخلت تونس غمار الإنتاج البيولوجي لعديد المنتوجات الفلاحية منذ سنوات عدة. وكان للتمر نصيبه إذ بلغت مساحة واحات التمر البيولوجي 1330 هك وتطوّر الإنتاج في موسم 2015 ليصل إلى حوالي 10.6 ألف طن صدر منها 7900 ألف طنّ بعائدات مالية تُقدّر بـ 45.4 مليون دينار، بينما كان الإنتاج في حدود 7 أطنان فقط موسم 2010. وتتصدّر أمريكا الدول التي تستورد التمر البيولوجي التونسي بنسبة 29.5% ثم ألمانيا بنسبة 29% فهولندا بنسبة 17.6%.

ورغم عدم توفّر معطيات دقيقة عن تحويل التمور للتصنيع فإنّ مجالاته كثيرة منها ما يتمّ تحويله ليستعمل كمربّى أو مستحضر طبّي ويُستعمل عجين التمر وكذلك حبّاته  في تحضير أنواع من المرطّبات ويُطحن نوى التمر ليُستعمل قهوة وهناك دراسات حالية لاستخراج الزيت من نوى التمر. وتجد هذه الأنواع طلبا عليها في الأسواق المختلفة وخاصة الأمريكية التي تركّز على التمر منزوع النوى. وهناك نوع من التمر المحسّن مطلوب في السوق الايطالية خاصة يتمّ غسله بالماء الساخن ثم تجفيفه ثم تلميعه بالغلوكوز ثم تعليبه في علب مختلفة الحجم. كما تطوّر جانب توفير علب دقلة النور التي تُستعمل هدايا في الأعياد والمناسبات وتنافس إسرائيل تونس في ذلك إذ تعرض نوعية المجهول في علب هدايا تشبه الشوكولاطة في نفس المناسبات.

فوائد التمر الصحيّة

إضافة إلى الفوائد المالية التي يوفّرها التمر للاقتصاد الوطني تؤكّد الاكتشافات العلمية أنّ له فوائد أخرى يمكن تطويرها فهو يحمي من النوبات القلبية ومن خطر الإصابة بالجلطات وهو يساهم في تخفيض مستوى الشحوم في الدم كما يخفّض من ضغط الدم ويحتوي على فيتامين (أ) و فيتامين (ب) وعلى مضادّ للأكسدة وعلى بروتينات وألياف غذائية، علاوة على احتوائه على السكّر الذي يوفّر طاقة الجسم...

خــــالد الـــشّــــابي

لقراءة المزيد
محســـن بوجبــل: نصدّر 12 ألف طنّ من التمور سنويّا إلى 30 سوقا

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.