أخبار -
2016.10.17
العدالة المناخية وحقّ تونس الضّائع
بقلم حمدي حشّاد - نشرت الفدرالية الدولية لصليب الأحمر مؤخرا تقريراً حول حصيلة الخسائر البشرية والاقتصادية في العالم الناتجة عن الكوارث الطبيعية المرتبطة بالتغيرات المناخية خلال 20 سنة الأخيرة، ويتزامن هذا التقرير مع انعقاد قمة المناخ (كوب 22) التي ستنعقد بمراكش خلال شهر نوفمبر.
ويسلّط التقرير الضوء على مدى تزايد وتيرة الكوارث الطبيعية المنسوبة أساساً إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض وتجاوزها المعدلات الاعتيادية، كما يشير التقرير لكون 90% على الأقل من الكوارث الطبيعية التي ضربت دول العالم ترجع بالأساس إلى اختلال المنظومة المناخية، ويذكر أن هذه الكوارث تسببت في مقتل أكثر من 600 ألف ضحية في العشرين سنة الأخيرة.
الدول العربية والتغيرات المناخية
كان للدول العربية نصيب في هذا التقرير، حيث صنّفت منطقة شمال إفريقيا وشرق الأوسط كأكثر المناطق عرضة للكوارث الطبيعية مستقبلاً، ففي سنة 2013 أصابت العاصفة الثلجية أليكسا التي منطقة "الشرق الأوسط" بشلل شبه كلي، فقد خلفت العشرات من القتلى وتسببت في إلغاء ألوف الرحلات الجوية في المنطقة هذا بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية الجسيمة التي تكبدتها دول المنطقة ، كذلك أصابت موجة الجفاف تونس في سابقة تعتبر الأولى في درجة شدتها حيث تجاوزت درجة الحرارة عتبة 54 درجة مئوية ، و هذا ما انعكس بشكل خطير على الفلاحة التونسية حيث أشار تقرير وزارة الفلاحة التونسية لشهر أوت إلى انخفاض مرعب لمنسوب أكبر السدود بتونس سد سيدي سالم قدر بنحو 73 % من طاقة خزنه الكلية و يضمن السد تزويد إقليم تونس الكبرى بمياه الشرب و ري قسم كبير من الأراضي الزراعية بشمال التونسي وهو ما يشكل كارثة بكل المقاييس .
العادلة المناخية وتونس
يعتبر التحدي المناخي بنسبة لتونس أبرز التحديّات لهذا القرن ، فالدراسات منظمة الاغذية و الزراعة الأممية (FAO) بنسبة لتونس تشير إلى تدهور محتمل لواقع الزراعة التونسية خلال الاعوام القليلة القادمة حيث ستنخفض زراعات الحبوب و الأشجار المثمرة إلى نصف، كما سترتفع نسبة الملوحة بالمورد المائية في وسط وجنوب التونسي إلى نسب ستجعل معها الزراعة شبه مستحيلة وهو ما يهدد ولايات تطاوين وقبلي وتوزر بتصحر ديموغرافي خلال السنوات المقبلة، كما يطرح ارتفاع منسوب مياه البحر المرتبط بذوبان الجليد بأكثر من 1 متر خلال العقود القادمة تحدياً اخر للاقتصاد التونسي حيث ستغمر المياه جانب كبير من ارخبيل قرقنة وجزيرة جربة وجانب كبير من ساحل الشمالي لمدينة صفاقس العاصمة اقتصادية للبلاد و هو ما سيكبد البلاد خسائر فالبنية التحتية و المنشأت البحرية.
ولا تعتبر تونس من الدول المسؤولة تاريخياً عن ظاهرة الاحتباس الحراري فمساهمتها في هذه الظاهرة في حدود 0,07 -0,11% من إجمالي الانبعاثات العالمية و هي نسبة ضئيلة إذا قورنت بحجم الخسائر المنتظرة للاقتصاد التونسي خلال الفترة القادمة ، لكن هناك بارقة أمل فمن خلال إقرار منظومة صناديق من طرف أكبر الدول الملوثة كصين والولايات المتحدة لتعويض الدول الأكثر تضررا ومساعدتها على تأهيل اقتصادها يمكن لتونس أن تستفيد من هذه الصناديق للحد من الاضرار المنتظرة، فحسب خبراء الاقتصاد تبلغ كلفة التأقلم المناخي لتونس 18 مليار دولار و من شأن هذه الصناديق أن تمول جانب هام من هذا المبلغ و تطرح تونس خطة طموحة للاستثمار في مجال الطاقات المتجددة لتبلغ نسبة 30% من إجمالي الاستهلاك الوطني بموفى سنة 2030 .
تتنظر تونس فرصة ذهبية في قمّة مراكش للمناخ لطرح رؤيتها وتطلعاتها وأن تظفر ببعض الدعم لمواجهة التحديات المناخية المنتظرة، خاصةً وأن اتفاقية باريس للمناخ الموقعة حديثاً والتي ستكون محور القمة تضع في اولوياتها تعويض الدول المتضررة كتونس وتدعو كبار الدول الملوثة للإسهام بشكل فعال في صناديق التعويض والتأقلم المناخي.
حمدي حشّاد
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
- اكتب تعليق
- تعليق
أصداء المؤسسات