أخبار -
2016.09.16
الدبلوماسية الشعبية
"الدبلوماسية الشعبية" مصطلح طارئ أفرزته "الثورة" في جملة ما أفرزت من مفاهيم وممارسات دخيلة في ظل ارتخاء قبضة السلطة وعجزها عن الإمساك بزمام الأمور... وهو مصطلح ضبابي يكتنفه الغموض لكن لا أحد فكّر في تعريف معناه وتحديد أبعاده... ولأن ممارسة "الدبلوماسية الشعبية" تتّجه نحو الترسّخ والتوسّع خارج أي قواعد أو ضوابط، فإنني أعتقد أن الوقت حان لتدقيق المقصود بها ولضبط حدودها.
وما من جدل أن الجغرافية الحزبية التي تشكّلت بعد "الثورة" فرضت أسلوبا جديدا في التعاطي مع شؤون البلاد في الداخل والخارج، فمثلما أصبح من حق الاحزاب أن تشارك في رسم وتنفيذ سياسة تونس الداخلية أصبح من حقها أن تشارك في رسم وتنفيذ سياستها الخارجية، غير أن الأسئلة التي لا مهرب من طرحها في هذا المجال هي: هل تتّسق مقاصد التحركات التي تقوم بها الأحزاب تحت مسمّى "الدبلوماسية الشعبية" مع مقاصد الدبلوماسية الرسمية؟ وهل لا يُخْشَى أن ينعكس منطق "التدافع" الذي يطغى على حراك الأحزاب في الداخل على تحركاتها في ألخارج؟ وحتى إن افترضنا أن هذه التحركات سليمة النية فما الذي يضمن سلامة نوايا الأطراف الخارجية المقابلة؟
إن أحدا لا ينكر حق الأحزاب في أن تتحرك خارجيا، غير أن تجركاتها يفترض أن تكون في اتجاه ما يماثلها من الأحزاب، أما أن تكون في اتجاه السلطات الرسمية بدءا من وزراء الشؤون الخارجية ومرورا برؤساء الحكومات ووصولا إلى رؤساء الدول فإن ذلك لا يمكن إلا أن يسترعي الانتباه...
وإذا لاحظنا أن لبعض الأحزاب التي تمارس "الدبلوماسية الشعبية" رؤى وأهدافا قد لا تتناغم بالضرورة، بل هي قد تتناقض أحيانا تمام التناقض مع سياسة الدولة الرسميّة، فإن المفترض أن يسارع رئيس الجمهورية الذي أوكل له الدستور مهمة "تمثيل الدولة وضبط السياسات العامة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي... وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة" بالعمل على وضع ضوابط لهذه الدبلوماسية وإيجاد آلية للتواصل المنتظم والتنسيق المستمرّ وتبادل المعلومات السابق واللاحق بينه وبين الأحزاب حتى يكون الجانبان باستمرار على بيّنة مما ينفع تونس ولا يضرّها.
محمد ابراهيم الحصايري
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
- اكتب تعليق
- تعليق
أصداء المؤسسات