أخبار - 2016.07.25

بوجمعة الرميلي: 'تطير السكرة ويحضروا المداينية'

'تطير السكرة ويحضروا المداينية'

في أجواء الدعوة لتكريس الوحدة الوطنية ينقلب الأمر ليصبح الخلاف والانقسام هو القاعدة والوحدة الاستثناء، في حين كان هناك اعتقاد سائد أنه من غير المستحيل توفير قاعدة من المشتركات التي تؤلف، انطلاقا وبادئ ذي بدأ من تفادي ما يفرق و لا يكون طبعا متعلقا بمسائل جوهرية غير قابلة للمساومة. وهو ما جعل الكثير يتساءل عما هو المعنى من تأليب الجميع، ستة أحزاب وثلاث منظمات، من أجل هدف واحد، إسقاط الحبيب الصيد، دون أي ضمان أو تأكد مسبق أن الوصول إلى الحكومة المشتركة ممكن وصالح.

هذه العوامل والطريقة الفجئية والمتكتمة جعلتنا لا ننساق وراء ذريعة التخوف من المخاطر الاقتصادية والمالية لتبرير ما يسميه البعض ب'رقصة قرطاج'، لأن التعكر المالي والاقتصادي والاحتقان الاجتماعي بدأ يتضاعف منذ المبادرة ولن يتوقف.

و هب أن شيئا من الاختلاف في وجهات النظر و في بعض القرارات بدأ يتسرب بين رأسي التنفيذي، فهل كان التباعد إلى هذا الحد الذي لا يسمح بطرح المسائل بالصراحة والشفافية المطلوبة لإصلاحها؟ و هب أنه وقع التوصل بالتحليل الموضوعي إلى أن البلاد في حاجة لمرحلة جديدة، في قطيعة تامة مع ما ساد منذ جانفي 2015، انطلاقا من إعادة تموقع مجمل الأطراف السياسية و الاجتماعية ومرورا بالبرنامج ووصولا إلى الحكومة، فهل كان هذا مرفوضا مسبقا و من طرف من؟ كيف وقع حبك العملية دون توقع السيناريو الذي وصلنا إليه أي رفض الحبيب الصيد الاستقالة و الاضطرار إلى جر الأغلبيىة التي كلفته إلى طرده؟ كيف سيقيم الأشقاء والأصدقاء هذا الوضع السياسي التونسي، هل هو علامة على السلامة والاستقرار أم الإضطراب واللخبطة ؟ وبما أن الحكومة الحالية أصبحت من عداد الأموات، دعنا نتناول موضوع الحكومة المقبلة، بعد ما عبر كل من الاتحاد العام التونسي للشغل والمسار والمشروع والجمهوري عن رفضهم أن يكون رئيسها من النداء كما تتطالب بذلك النهضة وما تبقى من قيادة النداء. ما العمل حينئذ ؟ مجرد العودة إلى المربع الأول بعد التخلص من الصيد ؟ كل هذا من أجل هذا ؟ و إلى ماذا سيؤول 'اتفاق قرطاج' حول 'العدد المهول من الأولويات' بما فيه إرساء 'سياسة للمدينة (une politique de la ville)' تتطلب خمسة سنوات للتشاور والتصور المشترك وخمسة عشر سنة على الأقل للإنجاز ؟ قلنا ونعيد القول أن الانطلاق في سياسة تنموية جديدة ممكن بناء على ثلاثة شروط، التثمين الكبير لمكتسبات الأمن والاستقرار وشكر سياسة الحبيب الصيد عليها، التصديق بأن دواليب الدولة بدأت تتحرك في الاتجاه الصحيح من خلال إخراج المشاريع المعطلة من حلقاتها المفرغة، ضرب الفساد بيد من حديد وإعلاء هيبة الدولة وتطبيق القانون والوقوف في وجه اللوبيات المشبوهة والمتابعة اللصيقة واليومية لجدوى عمل الإدارة في مختلف الوزارات والجهات. وهو توجه يتتطلب بالفعل وحدة وطنية وتجنيد شعبي وتكاتف اجتماعي وسياسي لتقاسم التكلفة والمردود الايجابي بجميع المقاييس.

لكن كيف يمكن التفكير في مثل هذا البناء والحزب الذي تحصل على أربعين بالمائة من أصوات الناخبين في الوضع الذي هو عليه ؟ هناك من يقول أن أمر النداء انتهى ولم يعد من الممكن ربط مصير البلاد بمصيره وبالتالي أصبح من الضروري المرور إلى 'مرحلة بدون نداء'. هب أن هذه الفرضية صحيحة. ماذا سيعوض النداء في بناء الموازنة الجديدة التي ستسند الحكومة المقبلة ؟ لقد فهمنا من الخفي - الظاهر أن هناك جملة من المرشحين لهذا التعويض في إطار 'الجبهة الديمقراطية أو الرئاسية أو شيء من هذا القبيل'، لكن هذه أمور على الورق لا تسمح بالتفريط في الموجود رغم أنه معطب لتعويضه بما لا يتجاوز عالم الافتراضي. لمجرد طرحنا لهذه الأسئلة أصبحنا من الفاسقين الساقطين. سامحهم الله.   

بوجمعة الرميلي

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.