الظرفية الاقتصادية: الأسابيع والأشهر القادمة تنذر بالأسوء
الظرفية الإقتصادية في تونس مُثْقَلةٌ بعوامل وتطورات تنبئ بالأسوء في قادم الأسابيع والأشهر سواء أتعلق الأمر بقدرة المواطن الشرائية، أو بعودة الثقة إلى النفوس، أو باستقرار الأوضاع في البلد سياسيا واجتماعيا.
التضخم يعود مجددا؛ العجز الخارجي في تفاقم؛ الدينار التونسي في انحدار مخيف ... في ظل أزمة حكومية وشيكة أصبحت مفتوحة تماما.
الأزمة السياسية
تشي الأزمة السياسية التي تعيشها البلد بفشل الأحزاب السياسية ومن ورائها هذا النظام السياسي الذي تم تبنيه غداة " الثورة " والقائم على تعدد الأحزاب بموجب دستور 2014. يبدو بحسب ما يذهب إليه المحللون من ذوي الدراية بالشأن الاقتصادي وبالشأن الوطني عموما أن لا خيار أمام البلد في الحال وفي الاستقبال إلا إعادة النظر في هذا الدستور الذي فتح الباب على مصراعيه أمام تعدد مراكز التأثير والقرار وأدخل البلد في حال من التذبذب والاضطراب وعدم الاستقرار... فهل سيكون بوسع المرشح إلى رئاسة الحكومة خلفا للسيد الحبيب الصيد أن يتمتع بقدر من المصداقية في ظل هذا الدستور، أم سيضطر إلى إصدار القرارات والمراسيم دونما حاجةٍ الى الرجوع إلى هيئة تشريعية تقليدية تعطل أكثر مما تشرع ودون تجاوز للدستور؟ لكن مثل هذا التمشي يحتاج بدون شك إلى وجود شخصية قوية وعلى درجة فائقة من الصدقية والقدرة على التأثير والاقناع وتغيير المشهد السياسي الحالي تغييرا جذريا وفرض أمر واقع جديد. تُرى‼ من يدلنا على شخصية بهذا الحجم، وبهذه المواصفات، وبهذه القدرة على تجاوز الأزمة الخانقة التي يعيشها البلد والتي استعصت تماما على الحل؟
التجارة الخارجية
تُشير البيانات الصادرة مؤخرا عن المعهد الوطني للإحصاء والمتعلقة بالتجارة الخارجية إلى انخفاض في الصادرات بالدينار الجاري بنسبة 7,6٪ قياسا بشهر أفريل، وإلى تراجع في الواردات بنسبة
16,9 ٪ ، إلى جانب ارتفاع في العجز التجاري بـ1,7٪ على كامل السنة. وقدرت قيمة الصادرات التونسية خلال الفترة المتراوحة بين جانفي وماي 2016 بحوالي 11,7 مليار دينار مقابل 12 مليار دينار في نفس الفترة من السنة الماضية؛ فيما قدرت قيمة الواردات خلال ذات المدة ( جانفي - ماي 2016 ) بـ 16,8 مليار دينار، مقابل 16,7 مليار دينار في سنة 2015. ويعزى تراجع الصادرات خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة إلى انخفاض قيمة البيوعات من الطاقة في اقتران بانخفاض أسعار النفط.
التضخم
سجل التضخم ارتفاعا ذَا بال خلال شهر ماي المنقضي قدرت نسبته بـ 0,62٪ بحساب الشهر و + 7,4% بحساب سنة كاملة. وتقدر مصالح المعهد الوطني للإحصاء نسبة التضخم الناتج عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية في علاقة بقدرة المواطن الشرائية بـ 13,1٪ خلال شهر ماي، مقابل 3 أو 4 ٪ خلال الأشهر الستة الأخيرة. ويبدو أن هذه النزعة إلى الارتفاع ستتواصل وستتسارع مع قرب عـيد الفطر وارتفاع درجات الحرارة إلى جانب بعض العوامل السلبية الأخرى كإتلاف جزء مُهِمٍّ من المحاصيل من الخضر والغلال بسبب هبوب الرياح بقوة ونزول البرد والارتفاع المرتقب لأسعار البترول وتدني قيمة الدينار... كل هذه العوامل مجتمعة سيكون لها دون شك أثر عميق في مستوى قدرة التونسي الشرائية خلال النصف الثاني من السنة.
الموسم الفلاحي 2915 - 2016
يرجح المرصد الوطني للفلاحة أن تبلغ صابة الحبوب خلال الموسم 2015 - 2016 مقدار 14 مليون قنطار، مقابل 13 مليون قنطار خلال الموسم الزراعي الماضي، وذلك رغم تناقص المساحات المخصصة خلال الموسم الحالي للزراعات الكبرى من 935 ألف هكتار في 2014 - 2015 إلى 810 ألف هكتار. وقد شملت عمليات بذر الحبوب خلال موسم 2015 - 2016 مساحات تمتد على مليون و200 ألف هكتار؛ وتعرض جزء منها يقدر بالثلث تقريبا إلى التلف بسبب سوء الأحوال الجوية خاصة في الوسط وفي الجنوب.
قيمة العملة التونسية
انخفضت قيمة الدينار قياسا بالأورو خلال الأسبوع المنقضي بنسبة 2,40٪ . وقد تراجعت قيمة العملة التونسية منذ بداية السنة بنسبة تقارب 10٪ ( 9,88 ٪ على وجه التحديد ). وفَقَدَ الدينار التونسي خلال سنة واحدة 10,9٪ من قيمته قياسا بالدولار الامريكي. ويتوقع خبراء اقتصاديون وماليون أن قيمة الدينار ستزداد انخفاضا في قادم الأيام والأسابيع موازاة لصعود قيمة العملات الأجنبية.
ويعزى انهيار الدينار في جانب مهم منه إلى تدني الإنتاجية وتراجع الإنتاج الصناعي والخدماتي وتردي الاقتصاد، وهو ما يرسخ الاعتقاد السائد لدى بعض الخبراء بأن الوضع الاقتصادي المتدهور قد يدفع إلى اتخاذ قرار سيادي بتخفيض قيمة الدينار رسميا وهو ما يدعو إليه صندوق النقد الدولي الذي يعتبر أن قيمة الدينار الحالية تفوق قيمته الحقيقية وبالتالي لا بد من تعديل سعر الصرف في اتجاه تخفيض قيمته.
يوسف قدية
- اكتب تعليق
- تعليق