محمد ابراهيم الحصايري: وَأوَّلُ الغَيْثِ "قَطَرٌ" ثمّ ينهمر
لست أدري كيف استطعت، وأنا أتابع مُجْرَيَات زيارة رئيس الجمهورية إلى دولة قطر قبل أيام معدودات، أن أُلْجِمَ قلمي عن الكتابة عن هذه الزيارة وعن بعض نتائجها التي بدت لي مُستفزّة حقّا.
وربما يكون ذلك لأنّي ظننت، وبعض الظن إثم، أن الزيارة، كما صُوّرَتْ لنا، آتَتْ أًكُلَهَا فعلا، غير أنّي حين أعلن وزير المالية أن الدوحة تريد استرجاع قرض المليار دينار الذي كانت قدّمته لحكومة الترويكا سنة 2012 والذي ذَرَتْهُ رياحُ تكاليف الانتدابات العشوائية والتعويضات غير المستحقة، والزيادات غير المعقولة في الأجور ونفقات الدعم المُهْدَرَة، وجدتني مدفوعا إلى الرجوع إلى التصريحات "التمجيدية" التي حَفّت بها، قبل بدايتها وأثناء أيّامها الثلاثة ثم بعد انتهائها...
ففي حين وصفها وزير الشؤون الخارجية، قبل أن تبدأ، بأنها "تاريخية" "، قال المتحدّث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بعد أن انتهت، إنها كانت "ناجحة بكل المقاييس" وإن نتائجها "كانت إيجابية على جميع الأصعدة"...
وما استوقفني في نتائج الزيارة هو اقتراح أمير دولة قطر عقد مؤتمر دولي لدعم الاقتصاد التونسي، وهو اقتراح رحّب به رئيس الجمهورية، ويبدو، حسب ما أكّده مستشاره الأول المكلّف بمتابعة الإصلاحات الاقتصادية، أن وضع الترتيبات العملية لعقده سيكون موضوع اجتماع يعقده وزيرا خارجية البلدين خلال الفترة القريبة المقبلة...
وهذا الاقتراح الذي لا أراه "بريئا" يستدعي ثلاث ملاحظات أولاها أنه يشكّل نوعا من "التسويف المهذّب"، فدولة قطر لو كانت تريد فعلا دعم الاقتصاد التونسي لأعلنت خلال الزيارة عن قرارات عملية تصبّ في هذا الاتجاه.
أما ثانيتها فهي أن هذا النوع من المؤتمرات، تكاثر بتكاثر بؤر التوتّر والتأزّم الاقتصادي، حتى أصبح "موضة" العصر، وأصبحت الجهات المُمَوّلة تنصح به كل من يلجأ اليها للتهرّب من أي دعم يمكن أن تقدمه له فورا ومباشرة...
وأما ثالثتها فهي أن هذا الاقتراح يذكّر بالاقتراح المماثل الذي كان الرئيس الفرنسي اقترحه على رئيس حكومة التكنوقراط الشهيرة...
وقد انعقد هذا المؤتمر فعلا تحت شعار فضفاض وباللغة الانجليزية غير أنّ خيبة الأمل فيه كانت كبيرة عندما تبين أن مردوده لم يُغَطِّ حتى تكاليف عقده...
محمد ابراهيم الحصايري
- اكتب تعليق
- تعليق