اليوم العالمي للأرض: 2016 تحيا تونس الخضراء
يعتبر دستور تونس الجديد واحدا من أكثر دساتير العالم تقدّما وقد أشيد بأحكامه التي تعنى بحقوق المعوقين، والرعاية الصحية، ولاسيما تلك المتعلقة بتغيّر المناخ. فتونس فعلا واحدة من ثلاث دول في العالم ضمّنت دستورها التزاما بإدارة الشأن المناخي. إذ تقرّ ديباجة الدستور "بضرورة المساهمة في سلامة المناخ والحفاظ على البيئة السليمة بما يضمن استدامة مواردنا الطبيعية"، ويُلزم الفصل 45 منه الدولة بضمان الحقّ "في بيئة سليمة ومتوازنة" و"توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوّث البيئي ".
لقد جدّت خلال العقدين الأخيرين أحرّ تسعة عشر عاما سجلّها التاريخ. إنّ تغيّر المناخ لتهديد حقيقي ووجودي يواجهه العالم. وتلتزم الولايات المتحدّة بالمحافظة على الزخم الذي حقّقه اتّفاق باريس، ذلك الاتّفاق التاريخي الذي اعتُمِد بالعاصمة الفرنسية يوم 12 ديسمبر الماضي، ممّا يشير إلى التزام عالمي بالتصدّي لتغيّر المناخ بخفض انبعاثات غاز الكربون. ودعما لهذا الاتّفاق، قدّمت الولايات المتّحدة الأمريكية خلال شهر مارس 500 مليون دولار إلى صندوق المناخ الأخضر لمساعدة البلدان النامية على تخفيض انبعاثات غاز الكربون والاستعداد لتأثيرات التغيّر المناخي. وستستفيد تونس من هذا الصندوق وعلى مواطنيها أن يعتزّوا بتمسّك حكومتهم بالتزاماتها الدستورية إذ سيوقّع وزير الخارجية السيّد خميّس الجهيناوي في نيويورك اليوم 22 أفريل، الذكرى السنويّة السادسة والأربعين لليوم العالمي للأرض، اتّفاق باريس التاريخي للحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة.
وتتشارك الولايات المتّحدة الأمريكية وتونس أيضا بشكل مباشر في التصدّي لتغيّر المناخ هنا في تونس إذ نساعد شركات النسيج التونسية على استيفاء المعايير الدولية فيما يتعلق بالجودة، وظروف العمّال، وحماية البيئة. وبفضل المساعدة الفنيّة والدعم المالي اللّذان يقدّمهما برنامج مواطن الشغل الذي تموّله الولايات المتّحدة الأمريكية، حازت شركات تونسية شهادة الأيزو. ولا يصبّ هذا الإنجاز في مصلحة البيئة فحسب، بل يستفيد منه أيضا قطاع الأعمال بما أنّ المستهلكين الدوليين يسعون أكثر فأكثر لشراء منتجات من شركات صديقة للبيئة. وهكذا تتلازم حماية البيئة والنموّ الاقتصادي لضمان مستقبل زاهر لتونس.
ولتغيّر المناخ تأثير مباشر على قطاعين رئيسيين يعتمد عليهما الاقتصاد التونسي: الصناعات الزراعية والسياحة. وتشير الأبحاث إلى أن استدامة النموّ في الإنتاج الزراعي بتونس في حالة تغيّر مناخي كبير يمكن أن تصبح موضع تساؤل. فقد تفقد تونس في أقلّ من نصف قرن أكثر من ثلث سواحلها الجميلة جراء التغيّرات المناخية. وكما هو حال الكثير من التحديّات التي تواجهها تونس، يدرك التونسيون أنّ تغيّر المناخ مشكلة قائمة ويريدون إصلاح الأمر ولكنهم يشعرون أنّ ضآلة جهودهم لن تكون قادرة على إحداث فرق إيجابي فيحبطهم بذلك نسق التغيير. ولكن تمتد أمامنا طريق طويلة في مجال التغيّر المناخي وعلينا جميعا أن نسلكها. وقد أثبت التونسيون، رغم كلّ التحديات الأخرى التي يواجهونها أنهم يهتمّون بتغيّر المناخ. في الواقع، لا يسعهم تجاهل الأمر ولا يستطيع أحد منّا كذلك إغفاله. تحيا تونس الخضراء!
دانيال روبنستين
سفير الولايات المتحدة الامريكية بتونس
- اكتب تعليق
- تعليق