"مقامات انتقالية" و" لبهيم وأمي سيسي في المجلس التأسيسي" لعادل الأحمر كتابان في كتاب
ظهر مؤخرا عن " دار آفاق- برسبكتيف للنشر " بتونس إصدار جديد لزميلنا عادل الأحمر في نوع الأدب الهزلي الساخر.
وقد اتخذ هذا الإصدار، على غرار السلع من نوع" اثنين في واحد" المنتشرة في الأسواق، شكل " كتابين في كتاب"، إذ أنه يضم عنوانين يشتركان في الموضوع، وهو موضوع " المرحلة الانتقالية" التي عاشتها تونس بين 2011 و 2014، لكنهما يختلفان في الشكل الأدبي.
مضحكات مبكيات
فالكتاب الأول، وهو بعنوان " مقامات انتقالية" ، يندرج في أدب المقامات، ذلك الجنس الأدبي الذي تدعمت أسسه في القرن الرابع الهجري على يدي بديع الزمان الهمذاني، وقد أبدع من خلاله في نقد أحوال عصره المتأزم بأسلوب جمع بين طرافة المواضيع، وسخرية اللهجة، ومتانة اللغة، مع التزام السجع.
وقد رأى عادل الأحمر اقتفاء آثار الهمذاني على هذا النهج ليروي غرائب وعجائب المرحلة الانتقالية، التي تلت " ثورة الكرامة والحرية"، وأفرزت ظواهر جديدة، وأنماطا من السلوك فريدة، كان لابد- حسب رأي المؤلف-" من التأريخ لها بأسلوب هزلي خفيف، وشكل أدبي طريف، ليكون الأدب شاهدا على عصره، ومصورا بالقلم لأحوال مصره".
ومن أجل ذلك استعار عادل الأحمر من بديع الزمان الهمذاني راوي مقاماته، ولكن باسم مقلوب ( هشام بن عيسى) ، كما أخذ عنه بطله المحبوب، فجعل من أبي الفتح الإسكندري معاصرا لنا اسمه" أبو السكر الإفحندري"، نسبة إلى الإفحندرية، وهي مدينة لا توجد على الخرائط الجغرافية، لكنها من محض خيال الكاتب وتهويماته الذهنية.
أما مضامين المقامات فهي مقتبسة من أحداث المرحلة الانتقالية ومن بعض الظواهر المضحكة المبكية التي أفرزتها، وفي عناوينها إشارة واضحة إلى تلك الأحداث والظواهر، وذلك على غرار : المقامة القناصية- المقامة الدعوية- المقامة العبدلية- المقامة البوعزيزية- المقامة البورقيبية- المقامة الميليشياوية- المقامة البرنوسية – المقامة الموزية- المقامة التكتكية- المقامة الماسونية...
مجلس " كلا على قلوب التوانسة وشرب"
أما الكتاب الثاني، وعنوانه " لبهيم وأمي سيسي في المجلس التأسيسي"، فهو من نوع الشعر الهزلي باللهجة العامية التونسية، ويضم قطعا شعرية ساخرة ناقدة في موضوع واحد من مواضيع المرحلة الانتقالية ، هو موضوع المجلس التأسيسي، ذلك المجلس الذي " رأى منه التونسيون العجب، وكلا على قلوبهم وشرب" ، على حد تعبير المؤلف، قبل أن يبيض لهم الدستور في شكل " ياسر محلاه" ( حسب واضعيه) ، لكن " جاء لبهيم كلاه" ، إن صدقنا الدكتور قيس سعيد.
ويتناول هذا الشعر الهزلي بالنقد والسخرية أحوال المجلس، وبعض الطرائف التي تخللت أعماله، وواقع التمطيط الذي طرأ على وضع الدستور حتى غدا مثل حكايات" ألف ليلة وليلة". وقد جاء الكتاب ضمن ثلاثة محاور (" المجلس يتأسس... الدستور يتبسس.. النايب يتحسس ") لم يخف فيها عادل الأحمر تأثره بأستاذين كبيرين في الشعر الساخر، هما علي الدوعاجي ومحمود بيرم التونسي، فنسج على منوالهما، معترفا بفضلهما، كما استعار من بعض أنماط الشعر الشعبي التونسي ومن بعض الأغاني المعروفة نماذج كيفها ووظفها للضحك من المجلس والدستور والنواب.
"باجيات" و" رباعيات"
وقد أضيفت للكتابين هدية جاءت في شكل " بونوس" (Bonus) بعشرة بالمائة، هو عبارة عن أشعار مختلفة بالعامية التونسية توزعت بين "باجيات" ( نسبة إلى الباجي قايد السبسي عندما كان رئيسا للحكومة المؤقتة ) وبين "رباعيات ثورية" ومقطوعات عن تأسس الحكم الجديد بقيادة "الترويكا".
وبإصدار هذين" الكتابين في كتاب"، يواصل عادل الأحمر الإبداع في نهج الأدب الهزلي الساخر، وذلك بعد أن صدر له كتاب عام 2014 بعنوان " عبد الله التونسي"، تناول فيه بالنقد والابتسامة أحوال المواطن التونسي قبل "الثورة" وبعدها مباشرة.
- اكتب تعليق
- تعليق