عندما تتحوّل ندوة حول محمد الأمين باي إلى محاكمة لبورقيبة

أن تخصّص مؤسسة التميمي ندوة حول شخصية محمد الأمين باي، ودوره خلال الحركة التحريرية للبلاد ، فذلك من جوهر اهتمامات  هذه المؤسسة بالذاكرة الوطنية، وأمّا أن يدعى إليها، "الشيخان" محمد الهنتاتي وعادل العلمي، وعدد من نواب حركة النهضة، إلى جانب أعضاء من العائلة الحسينية، من بينهم الدكتور المختار باي، رجل القانون المعروف ونجل أحمد الباي الثاني، فذلك أمر ملفت للنظر.

وقد لاحظ من حضر الندوة يوم السبت أنّها انحرفت عن غايتها، إذ تحوّلت إلى محاكمة للزعيم الحبيب بورقيبة الذي وصفه بـ"المجرم الكبير" عادل العلمي رئيس حزب تونس الزيتونة والمؤسس للجمعية التونسية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بينما قال محمد الهنتاتي، رئيس جمعية الأئمة إنّ بورقيبة "خان الدين والوطن".

واعتبر الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، معزّ السيناوي في تصريح لليدرز العربية أنّ "هذه التصريحات غير مسؤولة وأنّ "رئاسة الجمهورية تترفّع على التعليق عليها، خاصة وأنّ بورقيبة هو اليوم محلّ إجماع كزعيم وطني من قبل جميع القوى الوطنيّة".  

كان من المفروض أن تفضي الندوة إلى حوار هادئ رصين حول حقبة من تاريخ تونس كان محمد الأمين باي أحد الفاعلين فيها وأن يتمّ ،وفق مقاربة أكاديميّة محايد،  تقييم مواقف آخر ملوك تونس. ولا شكّ أنّ ما أضرّ بصورة هذا الملك قبوله خلافة محمد المنصف باي الذي كان محبوبا لدى جموع التونسيين. ولم يشفع لمحمد الأمين  باي الموقف الجريء التي اتخذه لمّا أذن لحكومته في ديسمبر 1951 برفع شكاية لدى الأمم المتحدة بعد رفض روبار شومان المطالب التونسية، فقد ظلّ في نظر التونسيين ذلك الذي افتك العرش من منصف باي بعد خلعه
منه من قبل السلطات الفرنسية.

كما يعاب على محمد الأمين باي قبوله بأصلاحات مزالي وفوازار سنة 1954، غير أنّه كان يستحقّ وعائلته معاملة أفضل بكثير من تلك التي لقيها سنة 1957.

أيّاما قليلة قبل الاحتفال بذكرى وفاته، يتعرّض بورقيبة إلى الإساءة وإلى حملة حاقدة. هل يعلن رئيس الجمهورية عودة قريبة لتمثال بورقيبة إلى قلب العاصمة؟ هل سيصغى إلى الأصوات المندّدة بـ"عبدة الأصنام" وبـ" الحنين إلى عبادة الشخص"؟ هل ستطلب وزارة التربية من الأساتذة تخصيص ساعة يوم 6 أفريل للحديث عن بورقيبة، رغم دعوة نقابة التعليم الأساتذة منخرطيها إلى عدم الاستجابة لهذا الطلب؟ أمّا الهاشمي الحامدي، فقد ندّد من لندن بعودة  "التبندير".