أخبار - 2016.03.09

أرادوا أن يحوّلوا بن قردان إلى إمارة فتحولت إلى مقبرة لهم

أرادوا أن يحوّلوا بن قردان إلى إمارة فتحولت الى مقبرة لهم

عاشت مدينة بن قردان التونسية المتاخمة للحدود التونسية الليبية كامل نهار الاثنين 7 مارس ساعات رعب واقتتال دموي عنيف بين وحدات من الجيش الوطني تعززها وحدات من الأمن والحرس والديوانية من جهة، وعناصر إرهابية تفيد معلومات أنّها تنتمي إلى تنظيم ما يعرف بالدولة الاسلامية الإرهابي " داعش "من جهة أخرى.

ووفق ما تمّ تداوله من أخبار، قدم بعض هذه العناصر عبر الحدود مع ليبيا على متن سيارات رباعية الدفع، وبعضهم الآخر كان ينتمي إلى خلايا إرهابية اتخذت لها موطء قدم في المدينة وفي جوارها، وكانوا على أهبة تامة للهجوم وِفْقَ خطة محكمة وتنسيق حُسِبَ له ألف حساب.

انطلقت العملية في الفجر لمّا حلّت المجموعات الإرهابية التي يتجاوز قوامُها عشرات العناصر ( في حدود الخمسين نفرا ) بمشارف بن قردان سالكة طريق بن قردان- تطاوين قبل أن تشنّ هجوما عنيفا جدا على ثكنة الجيش الوطني، وبادرت بإطلاق النار بكثافة مستهدفة بشكل مباغت أحد العسكريين وأردتْه قتيلا. وفي الوقت، نفسه كانت مجموعات أخرى مدججة بالأسلحة الخفيفة والقذائف والمتفجرات والصواريخ المحمولة على الكتف تنفذ عمليات هجومية راح ضحيتها على وجه الخصوص أحد الضباط التابعين لفوج مكافحة الاٍرهاب وعون من الديوانة. كما استهدفت منطقة الحرس الوطني وغير بعيد عن ذلك مقر المعتمدية حيث أصابت ثلاثة أعوان بعيارات قاتلة.
ولم يمض وقت طويل عن بدء الهجوم، حتى انطلقت قوات الجيش والحرس والشرطة تهرع إلى حيث كانت المواجهات في استنفار قوي. وفي الأثناء، حاول المهاجمون استمالة بعض المواطنين في إحدى ساحات المدينة واستدراجهم باستعمال مضخمات الصوت في سعي فاشل لاستثارتهم وضمّهم إلى صفوفهم لمحاربة " أهل النار" و "الطواغيت ". لكن قوات الدفاع الوطني بمختلف وحداتها سرعان ما ضربت توقا منيعا على كل الأماكن لعزل المهاجمين وصدهم ومنازلتهم بكل بأس وبسالة. وهو ما تَمَّ فعلا وما تكلل بظفر مبين.

لقد هـدأ ميدان المعركة نسبيا بعد مغيب الشمس وأسفرت المواجهات المسلحة وِفْق حصيلة أولية محيَّنة قدمها رئيس الحكومة الحبيب الصيد عن القضاء على 36 إرهابيا فيما تمّ إيقاف سبعة آخرين أدلوا بمعلومات جدّ هامّة، واستشهد 19 من بينهم سبعة مدنيين وعسكري واحد وعون من الديوانة وثلاثة من أعوان الشرطة وسبعة من أعوان الحرس الوطني. وقد أصيب 17 شخصا بجروح من بينهم ثلاثة مدنيين وسبعة عسكريين وسبعة من أعوان الأمن.

والواضح أن إرهابيي عملية بن قردان حاولوا اقتراف مجزرة لا تختلف لا كثيرا ولا قليلا عن المجازر التي اعتادت عصابات القتل والدمار على ارتكابها في وضح النهار ويوميا في سوريا وفي العراق وفي ليبيا ... وتستهدف في معظمها عزَّلا أبرياء، مصلين في الجوامع ومواكب العزاء وسواد الناس في الأسواق وأماكن التبضع وفي المستشفيات والمدارس وفي مقار السيادة وثكنات الجيش وقوات الأمن ...

وعلى الرغم من الصدمة الجديدة التي أصابت التونسيين إثر هجوم بن قردان الإرهابي فإنّ ثقتهم قد تعزّزت في  قدرة وحدات الجيش الوطني وقوّات الأمن الداخلي على مواصلة الدفاع عن حياض الوطن بشجاعة واستبسال وفي إحباط أيّة عمليّة إجراميّة مهما كان نوعها وطريقة تنفيذها. ولاشكّ أنّهم تأثّروا أيّما تأثّر لما رأوا إخوانهم في بن قردان وفي ربوع الجنوب يقفون سدّا منيعا أمام محاولات الإرهابيين الرامية إلى زعزعة أمن البلاد والمسّ من سلامة ترابها، من خلال تلك المشاهد المنعشة التي تناقلتها القنوات التلفزية وهم يتحدون نيران دعاة الفتنة ليلتحموا، في لحظات معبّرة، مع رجال الجيش وقوّات الأمن والحرس والديوانة، مظهرين روحا وطنيّة عالية وحبّا مكينا لتونس. 
 عبّر جموع التونسيين بمختلف مشاربهم عن استنكارهم الشديد للهجمة الشرسة التي كانت مدينة بن قردان مسرحا لها أمس، ولم تتخلف كل الأحزاب بدون استثناء تقريبا وكذلك منظمات المجتمع المدني والنقابات ... عن إدانتها الشديدة لمثل هذه المحاولات الدنيئة التي تخطط لها أطراف معروفة بعدائها لتونس ولشعبها العربي المسلم الذي يتطلع في تحفز وهِمّة واقتدار إلى بناء مجتمع ديمقراطي آخذ بقيم الحداثة والمساواة، متشبّث بحقوق الإنسان بمفهومها الكوني الشامل ،اعتمادا على أسلوب حكم  يُعْلي كرامة البشر ويتعامل مع مواطنين أحرار، نساء ورجالا، على قاعدة المساواة الكاملة بين الناس جميعا.
 وقد أكّد رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في بيانين له إلى الشعب التونسي أنّ هذا الهجوم الإرهابي الذي جدّ في بن قردان " غير مسبوق  ، ولكن "تم صَدُّه " إثر التدخل السريع والحاسم لوحدات الأمن والجيش.وأكد أنّ الاٍرهاب سوف لن يجد له على الإطلاق موطىء قدم في تونس وأنّ الجرذان الآتية من غياهب التاريخ ستُحارَب بلا هوادة وسيقصى عليها.

كما صدرت ردود فعل مستنكرة من بلدان شقيقة وصديقة وجهات اجنبية عديدة نددت بشدة بالهجوم الإرهابي الذي ضرب بن قردان.

لقد أراد دعاة الظلامية والارهاب والفوضى أن يحولوا معتمدية بن قردان إلى إمارة داعشية تدين بالولاء الى سلطة هلامية لا يعرف لها مستقر، ولا يسمع لها صوت، لكنهم صُدُّو و وُوجِهوا ببسالة قل نظيرها وتبدلت بن قردان من إمارة للمتآمرين والظلاميين الى مقبرة لهم، وفي ذلك عبرة لمن يعتبر.

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.