ببادرة من حاكم الشارقة، إحداث بيت للشعر بالقيروان
وأخيرا انتصر الحرف ورفرفت القصيدة عاليا في سماء القيروان وأصبح لهذه المدينة بيت للشعر يأوي مبدعيها وشعرائها ويدخلون أروقته في نخوة الفارس المبتهج الذي يمتشق سيف الكلمة ويحمل زوّادة الحلم وأريج الحياة.
لقد عاشت القيروان مؤخّرا على وقع هذا الحدث الأدبي الذي جسّم حلما جميلا طالما راود الشعراء وسكن جوانحهم منذ زمن بعيد. وهاهو اليوم يتحول إلى حقيقة ويأتي ليسعد به عُــشّاقه ويُنصــف هذه المدينة التي ظلت منذ سالف العصور تتنفس هواء الشعر وتتفيّأ ظلاله الوارفة وتبدع فيـه فكانت على مرّ الأزمنة عاصمة للأدب والفكر والثقافة ويكفي أن نذكر على سبيل المثال الحصري القيرواني صاحب القصيدة الشهيرة ياليل الصبّ متى غـده وابن رشيق وابن شرف وغيرهم كثير لنُدرك القيمة الثقافية لمدينة القيروان ولاّدة الشعراء والملهمين.
لقد تحقق هذا المُنجز الشعري في إطار مبادرة أطلقها في واقع الأمر صاحب السمو الدكتور الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة بإحداث بيوت شعر بكافة أقطار الوطن العربي ومن هذا المنطلق فانّ بيت الشعر بالقيروان هو رابع بيت تم إحداثه بعد المفرق بالأردن ونواكشوط بموريتانيا والأقصر بجمهورية مصر العربية لذلك يمكن اعتباره أجمل قصيدة تهديها الشارقة الى القيروان بعد أن كتبتها بأنامل المحبة والصدق والوفاء باعتبار أن هذا المُـنجز الأدبي هو تكريم غير مسبوق للشعر والشعراء ومنعطف مشرق لخدمة الثقافة الجادة التي تجمع ولا تفرق وتفتح معالم الطريق أمام الشباب والمواهب الواعدة وتكرس سبل التواصل مع الأجيال الأدبية والانفتاح على التجارب الشعرية في العالم.
كما أن هذا المنجز يؤسس لتظاهرات كبرى ذات قيمة معرفية وأدبية عالية من أجل أن يبقى بيت الشعر ملاذا للطموح والانعتاق وحاضنا للإبداع ومكانا مضيئا للغة يمتلك فيه الشاعر أجنحة أخرى للتحليق في متاهات مزخرفة بالعز والمجد والفخار .فنحن اليوم أحوج ما يكون إلى إعطاء الثقافة الأدبية دورا أكبر لخدمة الإنسان ومعانقة قضايا الحضارة بمفهومها الشامل وقد يكون الشِعر أحد عناصرها ورموزها ومفاتيحها التي تُسهم في رسم صورة الغد والانخراط في المشهد الكوني واستبصار الأشياء الغائبة والانخراط في هموم العصر وأوجاعه.
لقد كان الحفل الافتتاحي لبيت الشعر القيرواني رائعا ومميزا بحضور السادة عبد الله محمد العويس رئيس دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة ومحمد عبد الله البريكي مدير بيت الشعر بالشارقة والأستاذ عبد الفتاح صبري مدير تحرير مجلة الرافد الشارقية وشكري بن حسن والي القيروان الى جانب عدد كبير من الشعراء والأدباء ورجال الفكر والثقافة .
فهنيئا للقيروان وللشعراء بهذا المولود الجميل الذي وُلد كبيرا بأهدافه وأبعاده ومراميه وهنيئا لجمعية ابن رشيق للشعر والنقد الأدبي بالقيروان المتعاونة مع هذا المشروع الذي أقام الدليل مرّة أخرى على أنّ الشعر لن يموت ولن يأفل نجمه وسيظل النبتة السحريّة التي تينع في القلب لتمنحه لـذّة الحياة.
الشاعر عبدالعزيز الهمّامي
- اكتب تعليق
- تعليق