شؤون وطنية -
2015.10.05
التّعليـم في تـونس من التعدّد إلى التــوحيــد
"منذ إمضاء اتفاقيّات 03 جوان 1955 بين تونس وفرنسا، كان التعليم في تونس بمرحلتيه الابتدائيّة والثانويّة متعدّدا ومتنوّعا: فمؤسّسات التعليم الابتدائي كانت أربعة أصناف: مدارس فرنسيّة للذّكور أو للبنات أو مختلطة، ومدارس فرنسيّة-عربيّة للذّكور أو للبنات، ومدارس قرآنيّة عصريّة وكتاتيب تقليديّة. وكان لكلّ واحد منها تعليم ثانوي متنوّع بدوره، يشتمل على معاهد ذات صبغة ومناهج فرنسيّة بحتة ومعاهد أو شعب صادقيّة تونسيّة ومعاهد زيتونيّة. ولو تأمّلنا حركيّة التعليم التّونسي في تاريخه الحديث لتبينا فيها مرحلتين مختلفتين بل ومتناقضتين في إتجاههما: حركيّة تباين وتعدّد وحركيّة تجانس وتوحيد."
بنية التّباين والتعدّد
تعود تركيبة التعليم في تونس إلى أصلين مختلفين: هما نظام التّعليم التّقليدي الزّيتوني ونظام التّعليم الأوروبي وخاصّة منه الفرنسي. وقد مثّلت المدرسة الصادقيّة التي أنشأت سنتين بعد تولّي خير الدّين باشا الوزارة الكبرى، أنموذجا للتّعليم العصري، إذ كانت الغاية الاساسيّة من احداثها تعليم العلوم الرياضيّة والطبيعيّة واللّغات الاجنبيّة الى جانب العربيّة والفقه والعلوم الدينيّة. وتفرّعت عن هذين الأصلين قبل الاحتلال وأثناءه أصناف تعليميّة جديدة، ولعلّ أقدمها هو التّعليم العربي التّقليدي وفيه درجات تبدأ من الكتّاب وتنتهي بالجامع الأعظم مرورا بالمساجد والزّوايا، وكان جامع الزّيتونة يمثّل قمّة هذا التعليم فسُمي كلّه زيتونيّا.
وقد تمحور التعليم الزيتوني على القرآن والسنّة وما اتّصل بهما من علوم فقهيّة وكلاميّة ونحويّة وبلاغيّة. لم يشهد هذا النّمط التّعليمي إصلاحات تذكر باستثناء بعض التّعديلات الطّفيفة التي أمر بها على التّوالي المشير احمد باشا والصّادق باي في القرن التّاسع عشر. أمّا التعليم الفرنسي فدخل البلاد التونسيّة قبل الحماية عن طريق البعثات التبشيريّة المسيحيّة بعد أن توافدت على تونس في العصر الحديث جاليات أوروبيّة متزايدة شكّلت في القرن التاسع عشر مجموعة ديموغرافيّة ذات وزن اقتصاديّ واجتماعيّ وسياسيّ معتبر. وقد أصبحت هذه المجموعات ورقة سياسيّة هامّة منذ ظهور التّنافس الفرنسي الإيطالي على تونس، فعملت حكومات البلدين على تشجيع إنشاء المدارس التي تعلّم لغتها وتنشر فكرها تيسيرا لوضع اليد على مقدرات البلاد وثرواتها.
تسارع نسق تطوّر التّعليم الأوروبي في تونس بشكل دفع سلطات الحماية إلى إحداث إدارة التّعليم العمومي سنة 1883 للإشراف بالدّرجة الأولى على مختلف المــدارس الفرنسيّة، وقد بلغ عددها آنذاك 24 مـــدرسة تسيّرها جمعيّات دينيّة مسيحيّة. كانت المـــدارس الفـــرنسيّة بمرحلتيها الابتدائيّة والثانويّة مفتوحة في المقـــام الأوّل أمام الأطفال الفـــرنسيّين وبقيّة الأوروبيّين والأطفال اليهود وأمام بعض الأطفال التونسيّين من ذوي الأعيان.
وبالتوازي مع هذا النمط التّعليمي النخبوي، سعت إدارة الاحتلال إلى إحداث نوع من المدارس سمّته: المدارس الفرنسيّة-العربيّة، وهي مدارس تعليمها مزدوج اللغة. ومن بين المدارس التي فتحت آنذاك، مدرسة «LOUISE – RENEE MILLET» نسبة الى راعيتها، زوجة المقيم العام الفرنسي والتّي كانت مخصّصة لتعليم البنات. وقد احتضنها في البداية قصر اسماعيل باشا في المدينة العتيقة، قبل إن ينتقل مقرّها سنة 1912 الى نهج الباشا. وبالتوازي مع هذين النمطين : النمط التعليمي «الخالص» الموجّه إلى الأطفال الفرنسيّين وأبناء الجاليات الأوروبيّة (الإيطاليّين والمالطيّين) إلى جانب اليهود والنّمط «المختلط» الموجّه إلى أبناء التونسيّين وغرضه التغلغل لغويّا وثقافيّا في الناشئة من اجل إرساء قيم الولاء للدولة الحامية، نجد أنماطا تربويّة أخرى ظلّت إلى زمن معيّن مهمّشة ولا تنتمي إلى إطار إشراف إداري حكومي ونذكر منها : التّعليم الزيتوني والتّعليم الصّادقي ومدارس القرآن العصريّة والكتاتيب.. ويمكن الانتهاء إلى القول إنّ المنظومة التربويّة في تونس إبّان الاحتلال كانت موزّعة بين القطاع الخاص والقطاع العام. ونقصد بالقطاع الخاص تلك المبادرات الخاصّة التي يقوم بها البعض، سواء كانوا من الجاليات الموجودة في البلاد أو من الأهالي من اجل إنشاء مدارس تحمل سماتهم وانتماءاتهم الدينيّة والعرقيّة. وبالفعل نعثر على فسيفساء من المدارس الابتدائيّة خاصّة تحمل جنسيّة مؤسّسيها وديانتهم، فنجد مدارس إسلاميّة وأخرى يهوديّة وفرنسيّة لائكيّة أو مسيحيّة وإيطاليّة، وكلّ منها يتّجه إلى جمهور معيّن ويستعمل لغة وبرامج تتماشى ووظيفته وتستجيب لأهدافه.
أمّا في القطاع العام، فتختلف المدارس وتتنوّع لغة ومحتوى لاختلاف غاياتها. فلغة البلاغ الرئيسيّة هي الفرنسيّة مع تخصيص وقت معيّن للغة التلاميذ الأمّ إن كانوا غير فرنسيّين. وقد أفضى ذلك تدريجيّا إلى إيجاد نوعين من المدارس: مدارس تكاد لا تستعمل الفرنسيّة وأخرى مزدوجة.
إنّ تصنيف المدارس حسب أصل التلاميذ القومي والدّيني شديد الوضوح: فحضور الأطفال الأوروبيّين واليهود بالمدارس الفرنسيّة بنسبة تفوق 98 بالمائة ووجود الأطفال التونسيّين العرب بالمدارس الفرنسيّة والمدارس القرآنيّة العصريّة بنسبة تفوق 99 بالمائة معناه وجود شبكتين من المدارس، إحداهما مخصّصة للتونسيّين والأخرى لغيرهم .
ويمكن القول إنّ تكريس التمايز الثّقافي والقومي والدّيني عبر الآليّات التربويّة لا يفسّر لنا حالة التعدّد والتباين و«التشرذم» في المنظومة التعليميّة فحسب، بل يكشف لنا استراتيجيّة انتقائيّة في التدرّج التعليمي والمعرفي وفي نوعيّة التعليم المخصّص لهذه الفئة وتلك. وعلى سبيل المثال لا الحصر، اقتصر التّعليم الزّيتوني التّقليدي على علوم القرآن والحديث والفقه واللّغة، وكان المتخرّجون منه بدرجة الأهليّة موزّعين إمّا في مجالات التّعليم العربي الابتدائي والثانوي أو في قطاع العدليّة (عدول إشهاد وقضاة شرعييّن). ولم يكن الحال أفضل بالنّسبة إلى المدارس العربيّة-الفرنسيّة إذ كان تعليمها مزدوج اللّغة، مهنيّ الآفاق، خصّصته السلط الاستعماريّة للأطفال التونسيّين العرب دون غيرهم، وفتحت مؤسّساته الأولى بالعاصمة سنة 1905 . والجدير بالملاحظة أنّ حركة الشّباب التونسي أجمعت على رفض اقتراح غلاة المعمّرين الدّاعي إلى إرجاع الأهالي إلى كتاتيبهم، مشدّدة على إبراز عيوب التّعليم التّقليدي وخاصّة الكتاتيب، كما أجمعت على ضرورة ألاّ يكون تعليم الأهالي مختلفا عن غيرهم من أوروبيّين ويهود وألاّ يعزلوا في مدارس خاصّة بهم .
حققّت استراتيجيّة الانتقاء المعرفي كلّ رهاناتها بدءا بتكريس قيم التميّيز العنصري على خلفيّات دينيّة وقوميّة بين التلاميذ، علما وأنّ هذا التمييز لا يعدو أن يكون سوى امتداد طبيعي لأوضاع بلد مستعمر ورازح تحت أثقال الجهل والخصاصة.
وعلاوة على التمييز القومي والدّيني بين مختلف الجنسيّات، انتهج المستعمر تمييزا داخليّا بين التونسيّين، إذ نراه يسمح لبعض الأهالي الموالين للحماية بضمّ أبنائهم لصفوف التّعليم الفرنسي المحض، وتبقي الغالبيّة السّاحقة من أبناء الشعب حبيسة أنماط تعليميّة تقليديّة محدودة الآفاق. وبذلك ضمنت فرنسا من وراء هذا الانتقاء لا فقط تعميق التّفاوت بينهم على خلفيّات عشائريّة وجهويّة، بل وكذلك تمزيق الوحدة الوطنيّة بين التونسيّين من اجل إحكام السّيطرة على ثرواتهم وأرواحهم، ومن ثمّة تحقيق مستوى ثان من الانتقاء نسميّه «الانتقاء الوظيفي».
ويتبيّن لنا من خلال جميع أشكال التّمايز والانتقاء في المنظومة التربويّة «المختلطة» زمن الحماية الفرنسيّة، أنّ التعليم، رغم تشرذمه وتقطّع أوصاله وآفاقه المتواضعة بالنّسبة الى أبناء التونسيّين، كان إحدى حلقات الصّراع على الهيمنة سواء على العقول أو على المناصب. لقد كان التعليم البوّابة المفتوحة على أعلى المناصب القياديّة في المجتمع (مصعد اجتماعي)، وحيث أنّ هذا المجتمع واقع تحت الحماية، فمن الطّبيعي أن يوضع مخطّط طويل المدى من اجل عدم السّماح للتونسيّين بنيل هذه المناصب واختراق أجهزة الدّولة الاستعماريّة وفضح نواياها. والنتيجة هي إبقاؤهم آليّات طيّعة بيد الاستعمار والقضاء على كلّ بوادر المقاومة التي غالبا ما تنطلق شرارتها الأولى من أروقة المدارس والجامعات.
حركية التوحيد
لم يكن التعدّد والتباين في المنظومة التعليميّة في تونس زمن الاحتلال سوى تعبير عن واقع التشرذم و»القبلنة» (TRIBALISATION) الذي كانت تتخبّط فيه البلاد. ولم يفعل المستعمر سوى تكريس واقع الفرقة وشحن النّعرات العشائريّة وتشجيع التّعليم التّقليدي مع الانفتاح على النخبة التونسيّة الموالية لسياساته. وبالمثل لم يبرز مشروع التّوحيد كمجرّد عمليّة إداريّة، بل كان يعكس تحوّلات المجتمع التّونسي في تلك الحقبة. فالتّحرّر من الاحتلال المباشر أفقد الجاليات الأوروبيّة تفوّقها وامتيازاتها السّياسيّة واتّجه نحو المساواة بين جميع الأطفال دون تمييز بينهم لاعتبارات جنسيّة أو دينيّة أو قبليّة.
لقد كانت روح التوحيد قائمة على تجانس الخصائص الروحيّة والفكريّة والثقافيّة للمجتمع التّونسي بكافّة شرائحه وإنهاء حالة الفرقة والتشتّت السابقين. فما هي مراحل مشروع التوحيد؟ وما هي أهدافه المعلنة وغير المعلنة؟
بدأت عمليّة توحيد أنماط التّعليم في الحقيقة قبل الاستقلال أي في عهد الحماية ثمّ تواصلت بعد ذلك في الإصلاحات المتلاحقة التي شهدتها المنظومة التربويّة في تونس. تمثّلت أولى عمليّات التّوحيد وأهمّها في تقريب أحد أنماط التّعليم الحرّ وهو التعليم القرآني العصري، من أحد أنماط التّعليم الحكومي، هو التعليم الفرنسي-العربي. تمّت هذه الخطوة زمن الحماية الفرنسيّة، أي في جوان 1938، عندما قرّرت إدارة الاستعمار تدعيم المدارس القرآنيّة العصريّة ماليّا ووضعها تحت إشرافها الإداري، ثمّ سحب برنامج المدارس الابتدائيّة الفرنسيّة العربيّة عليها (اكتوبر 1953).
أمّا الخطوة الثالثة التي أنهت توحيد هذين الصّنفين من التعليم فقد حدّدها الأمر المؤرخ في 22 فيفري 1956، إذ تقرّر بمقتضاه أن «يقع تأميم المدارس القرآنيّة العصــريّة فتطبّق بها الأوقات والبرامج والقانون المدرسي والرّخص والعطل المتّبعة بالمدارس الحكومية» .
وبهذه الخطوة بدأ التعليم في تونس يتّجه تدريجيّا من التعدّد إلى الثنائيّة: تعليم فرنسي موجّه أساسا للأوروبيّين واليهود، وتعليم مزدوج فرنسي-عربي موجّه للتونسيّين العرب. ثم سرعان ما انتقلت حركيّة التعليم التّونسي من الثنائيّة إلى التوحيد منذ جوان 1955 وساعد على ذلك خروج التّعليم الفرنسي نهائيّا من ساحة التعليم العمومي التونسي ودخول التعليم الزيتوني تحت نظر وزارة المعارف في أوائل 1956.
وعموما يمكن تلخيص مراحل التّوحيد كما يلي:
- انفصال المدارس ذات النظام الفرنسي عن التعليم العمومي التّونسي وإلتحاقها جملة بالبعثة الثقافية الفرنسية.
- تأميم المدارس القرآنية العصرية (22 فيفري 1956)
- إخضاع التعليم الزيتوني لإشراف وزارة المعارف (17 ديسمبر 1955 )
وهكذا لم يبق لقانون 4 نوفمبر 1958 إلاّ استكمال اختياراته وبلورتها على ضوء الواقع الجديد.
وقد تسارع نسق التوحيد بشكل غير مسبوق، ففي ظرف ثلاث سنوات، أي من جوان 1955 إلى نوفمبر 1958 سقط من التعليم طرفاه: التعليم الفرنسي الصرف والتعليم العربي الصرف وتوحّد التعليم الحكومي كلّه في الازدواجيّة. وبذلك أصبحت الازدواجيّة اللغويّة والثقافيّة هي الخيار الرّسمي التعليمي والثقافي والإداري للدولة التونسيّة الناشئة. ويمكن القول إنّ إصلاح 1958 ظلّ الإطار التّشريعي والمرجعي لجميع الإصلاحات اللاّحقة، ولهذا يجدر بنا الوقوف على مزاياه.
من أبرز التّغيرات التي جاء بها هذا الاصلاح، هو توحيد التّعليم الابتدائي في صنف وحيد تدوم مدّته ستّ سنوات، وينتهي بالإحراز على شهادة انتهاء الدروس الابتدائيّة أو باللّحاق بالتّعليم الإعدادي أو الثّانوي. أمّا على مستوى التّعليم الثّانوي، فقد أسفر الإصلاح عن ظهور صنفين يدوم أحدهما ثلاث سنوات وسميّ بالتّعليم الإعدادي ويدوم الآخر ستّ سنوات وسمّي بالتعليم الثانوي. وقد تفرّع التّعليم الثانوي بدوره إلى سنــة مشتركة تنفتـــح على ثــلاثة فروع هي: فرع التّعليم الفنّي وفرع التّعليم الاقتصادي وفرع التّعليم العام.
تمّــت المـــراجعة الأولى لإصلاح 1958 سنة 1967 ولم تتوقّف عمـــليّا إلاّ في أواسط السبعينيّات مارّة بطورين سمّي أوّلهمـــا إصلاحا واستمرّ من 1967 إلى 1969 وسمّي الثاني «إصلاح الإصلاح». ففي الإصلاح الأوّل أُلغي التعليم الإعدادي ذو الثلاث شعب والثــلاث سنـــوات في أكتوبر 1967 ووقع تعويضه بتعليم مهنـــي يدوم أربع سنوات ويشتمل بدوره على ثــــلاث شعب صناعيّة وتجـــاريّة وفــــلاحيّة. كما أضيفـــت سنة سابعة للشّعب الطويلة بعد أن كانت في إصلاح 1958 ستّ سنـــوات. وتمّ في الفترة نفسها إلحـــاق التّعليم الفلاحي بكتابة الدولة للتربية، وإخراج شعبة الترشيح من الفرع العام. أمّا في «إصلاح الإصلاح» فسنشهد انفصال التّعليــم المهنـــي عـــن التعليم العـــام، وانقســام التّعليم الثانوي إلى مرحلتين: الأولى مشتــركة وتـــدوم ثلاث سنوات وتنتهي بمؤهّل تقنـــي، والثانيـــة أربع سنوات وتنتهـــي باجتيـــاز امتحان الباكالوريا.
وقد اندرجت إصلاحات 1967 إلى 1970 في إطار نزعة توحيد هياكل الإشراف بما يتماشى وسياسات التخطيط التي بدأت الدولة التونسيّة النّاشئة في انتهاجها منذ سنة 1962. فمركزيّة التّخطيط الاقتصادي والاجتماعي باتت تقتضي تجميع هياكل تكوين الإطارات تحت إشراف موحّد حتّى يتيسّر تنسيق التّكوين مع احتياجات المخطّط العام. ويرجع إلحاق التّعليم الفلاحي بالذّات بوزارة التربية آنذاك إلى أهميّة القطاع الفلاحي في التخطيط الاقتصادي العام والى إرادة دعم القطاع التعاضدي بتوفير الإطار اللازم لتسييره، لذلك ارتبطت عمليّة الإلحاق بالتّجربة التعاضديّة في القطاع الفلاحي وانتهــت بانتهائها. ففي شهر ماي 1970 ألحقت المدارس الفلاحــيّة بوزارة الفلاحة. ومنذ ذلك الحين اتّضحت معالم المنظومة التعليميّة التونسيّة واستقـــرّت على الشّكــل الذي تبدو عليه الآن مع بعض التّعديلات الجزئيّة. وخلاصة القول إنّ حالة التشتّت والتمايز القومي والدّيني والاقتصادي التي اتسمّ بها الوضع التعليمي في تونس إبّان الحماية، أبرزت حتميّة التّوحيد بانتهاء أسباب الفرقة والتشتّت، فجاء إصلاح 1958 ليضع الإطار التشريعي والإداري والتنظيمي لنظام التّعليم التّونسي الموحّد. وقد هيّأ هذا الإصلاح لإصلاحات 1967 – 1969 التّي اتّخذت منحى اجتماعيّا وتربويّا وسياسيّا واضح المعالم.
مصطفى بن تمسك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
- اكتب تعليق
- تعليق
أصداء المؤسسات