أخبار - 2018.12.18

كمال العكروت: حول التمرد والإرهاب

كمال العكروت: حول التمرد والإرهاب

في ظل الأوضاع الأمنية الداخلية والاقليمية والدولية وعدم الاستقرار في بعض دول ما يُعبر عنه بدول "الربيع العربي" وارتباطها بالإرهاب ومشاركة بعض العناصر التونسية فيه ولما لكل هذا من وقع على الوضع بتونس، حيث أصبح الحديث عن الارهاب على لسان كل الناس وقد أصبح في أغلب الأحيان هناك خلط بين التمرد والارهاب وحتى بين الجريمة الصرفة والارهاب على الرغم من اختلاف الأهداف وطرق العمل وما يتطلبه التعامل مع كل واحدة منها من مقاربة مختلفة.

سأبدأ إذا هذا البحث بمحاولة التعريف بمفهوم الجريمة ثم التمرد ثم الإرهاب، وذلك باستعراض ما توصل إليه بعض المفكرين والمختصين ومنظّري مقاومة التمرد والإرهاب، على غرار David Galula*   والجنرال الأمريكي David Petraeus*، من استنتاجات وتوصيات في هذا الشأن.

لقد عرّفت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (في سنة 2000)، الجماعة الاجرامية المنظمة بأنها " مجموعة مهيكلة من ثلاثة اشخاص أو اكثر، تعمل بصورة منسقة بهدف ارتكاب واحدة او اكثر من الجرائم الخطيرة او الافعال المجرّمة من اجل الحصول، بشكل مباشر او غير مباشر، على منفعة مالية أو مادية" .
وأما التمرّد فقد عـُرّف بأنـّه "حركة سياسية مسلحة تهدف إلى الإطاحة بحكومة قائمة، أو الخروج عليها، عبر استخدام التخريب وفي بعض الحالات العمل المسلح ضد الدولة. وتكون السلطة السياسية هي القضية المركزية في التمرّد، فيما يكون دعم الشعب (وبالتالي الشرعيّة) مركز ثقله. "

وبالتالي فإنّ الهدف الرئيسي للمتمرّدين يتمثل في إقامة نظام منافس للسلطة القائمة (Counter state) وكسب أكثر ما يمكن من التأييد الشعبي، بما يفقد النظام القدرة على إدارة ترابه وشعبه، وبالتالي شرعيّته، ويفسح المجال أمام المتمرّدين لافتكاك السلطة.

وفي معرض الحديث عن الشرعيّة، يمكن القول أنها تمثل مقياسا أساسيّا لقوّة الدولة. وفي الصدد، يقول Max Weber(2)  أنّ "الحكومة الشرعيّة هي التي تحظى بقبول شعبي وتحتكر وسائل استعمال العنف الشرعي". ومن هنا فإن الشرعية تتمحور حول قدرة الدولة على بسط سلطتها على كامل ترابها من جهة، ومردوديّة الحكومة من جهة ثانية (من حيث توفير الأمن وتطبيق القانون وتوفير الخدمات وتمكين أوسع شريحة ممكنة من المواطنين من الوصول لتلك الخدمات)، وعموما فعندما تفقد الحكومة شرعيّتها، تصبح معرّضة للتحدّي. فإنـّه من خلال شرعيّتها، تكون الحكومة قادرة على فرض خطابها في مواجهة خطاب الجماعات المارقة. كما أنّ التأييد الشعبي يتجسّم من خلال استعداد المواطنين للتنازل عن بعض حقوقهم إذا كان ذلك يخدم سياسة الحكومة في مكافحة الإرهاب.
 هذا وتوجد ستة (6) مؤشرات للشرعية، حسب الجنرال (3)David Petraeus ، يجب على كلّ فاعل سياسي في مواجهة تهديدات الاستقرار أن يحرص على توفيرها:

  • القدرة على توفير الأمن للسكان.
  • تعيين القيادات بطريقة يراها أغلبية السكان عادلة ونزيهة.
  • وجود مستوى عالي من المشاركة الشعبية والدعم للعملية السياسية.
  • أدنى نسبة ممكنة من الفساد.
  • مستوى مقبول من التطوّر السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
  • قبول واسع للنظام من قِبل مؤسسات المجتمع المدني.

وعموما فإن سيادة القانون إلى جانب نجاعة وقوة بقية أدوات السلطة الوطنيّة (عسكري، أمني/ استعلامي، سياسي/ ديبلوماسي، قانوني، إعلامي، مالي، اقتصادي...) وخضوع السلطة نفسها للقانون من شأنه أن يعزز شرعيتها لدى مواطنيها. هذا ولئن يكون العمل العسكري قادرا فقط على التعامل مع علامات (symptômes) فقدان الشرعيّة كالإرهاب والتمرّد، فإنّ استرجاع وتعزيز الشرعيّة لا يكون في المقابل إلا عبر مقاربة شاملة ومتعدّدة الأبعاد، تستخدم فيها مختلف أدوات القوة الوطنية.

أما الإرهاب فعُرّف الإرهاب بكونه " الاستخدام غير قانوني للقوة أو العنف، أو التهديد باستخدامهما ضد الأشخاص أو الممتلكات مع سابقية الإضمار لإجبار الحكومات أو المجتمعات على الاستجابة لمطالب وإرادة الإرهابيين وذلك من أجل تحقيق أهداف سياسية . وغالبا ما تكون وراء الإرهاب دوافع دينية او سياسية او معتقدات إيديولوجية أخرى(4).

هذا وقد توسع مفهوم الارهاب ليشمل كذلك الإرهاب الالكتروني والذي يسعى لتحقيق نفس غايات الإرهاب التقليدي ولكن باستخدام الوسائل المعلوماتية (الكمبيوتر، الانترنات) وقد تتمثل الهجمات في استهداف أنظمة تشغيل ومراقبة محطات إنتاج الطاقة، التشويش على أنظمة الملاحة الجوية، تعطيل أنظمة التعاملات بالبنوك والبورصة.

والجدير بالذكر أن التقارب بين التنظيمات الإرهابية والمجموعات الإجرامية يبقى ممكنا، وقد يكون ظرفيا بخدمة مصالح مشتركة، أو في شكل انصهار دائم بحيث تصبح المنظمة الإرهابية هجينة(Hybride)  تحمل خصائص الإرهاب والجريمة على غرار " تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي" مع وضع تبريرات دينية إيديولوجية لأنشطتها الإجرامية .
من خاصيات الإرهاب هي:

  • العزلة عن الناس
  • العيش في ملاذات آمنة
  • خلفية ايديولوجية
  • استخدام العنف المسلح والقتل (بما في ذلك قتل المواطنين الأبرياء) كمنطق يبرر ايدولوجيا.

ويكون الرد على هذه الجماعات عسكريا / أمنيا (80%) أو بطرق أخرى (اجتماعيا، سياسيا، اقتصاديا...) (20%) كما أنه كلّما انخرط تنظيم ما في الإرهاب الصرف صارت إمكانية معالجته سياسيا صعبة.
لكن كيف تنشأ الأزمة سواء كانت تمرّدا أو إرهابا؟

المنطلق يكون بتأثير المحيط العام أي جملة العوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى التاريخيّة والجغرافية التي قد تؤثر في الفرد  فتخلق لديه شعورا بالإقصاء والضيم. هذا الشعور سرعان ما يتحوّل إلى نقمة وسخط على السلطة يدفعانه للبحث عن إطار أرحب يعبر فيه عن أفكاره مع أناس يشاركونه نفس الهموم، عندها ينظم إلى جماعة. لكن سواء بفعل الاختلافات الفكرية أو المصلحية أو تحت تأثير السلطة (محاولة استمالة المجموعة أو اختراقها أو صدها) تتولد عن المجموعة انقسامات قد تدفع بالبعض إلى خيار سلمي (العمل السياسي، او التقرب من السلطة) ، فيما قد يختار البعض الآخر خيار العنف والمواجهة مع السلطة. عندها ترد السلطة الفعل، مما قد يدفع باتجاه خيارين:

  • إمّا الانعزال عن المجتمع واعتماد العمل السري ضد نظام الحكم، وهو ما يتولد عنه الإرهاب مع تبنـّي أقصى حالات العنف أو الإرهاب الصّرف كمنطق مبرّر إيديولوجيّا (في ظل فقدان الصلة مع المجتمع يتحول المجتمع بدوره إلى هدف للإرهاب)،
  • أو الاندماج صلب المجتمع والعمل على كسب ودّ ودعم أكثر ما يمكن من الشعب (خاصة عبر الأنشطة الخيرية، وتقديم خدمات بدلا عن السلطة في المناطق التي يكون فيها تواجد هذه الأخيرة ضعيفا) والهدف الرئيسي هو اكتساب شرعية تمكن ذات المجموعة من افتكاك السلطة لاحقا.

هذا ويمثل الرسم الموالي ملخصا لخاصيات كلّ من الإرهاب والتمرّد. فالتمرّد يـُبنى على أساس الدعم الشعبي للمتمرّدين، وبالتالي تكون الأولوية لمقاربة شاملة (يصفها David Galula(5)  بالسياسة) تمكـّن من معالجة الأسباب التي دفعت بالمواطنين إلى دعم المتمردين وتسمح باستعادة ثقتهم، هذا دون نسيان العمل العسكري / الأمني (يصفه David Galula  بالسياسي) ضد المتمردين الرافضين للحوار لما يمثلونه من خطر على استقرار الدولة بنسبة 20 بالمائة. أما بالنسبة للإرهاب، فتكون المعادلة معاكسة، باعتماد العمل العسكري / الأمني بنسبة 80 بالمائة (خاصة في ظل افتقار الإرهابيين للدعم الشعبي) والسياسي (معالجة الأسباب) بنسبة 20 بالمائة.

كما أنه وبالرجوع الى الجدلية الثلاثية في الحرب الكلاسيكية عند Carl von Clausewitz(6) فان مكونات هذه الجدلية هم ثلاث، الحكومة والجيش والمواطنين العزل، ويكون التركيز بالأساس على جيش الحكومة "ب" لإجبارها على الاستجابة لمطالب وإرادة الحكومة "أ"، أي حرب بين جيش نظامي ضد جيش آخر نظامي. وأما في الحرب غير التقليدية (الإرهاب الصرف) فيكون التركيز بالأساس على المواطنين العزل لإجبار حكومة ما على الاستجابة لمطالب وإرادة الارهابيين.

أهمّ مقاربات مكافحة التمرّد والإرهاب حسب المنظرين في المجال:

يرى Galula David أنّ هناك عدة عوامل تضمن عادة نجاح التمرّد، وهي تباعا:

وجود قضيّة: يبحث المتمرد عن مشاكل حقيقية أو مفتعلة في البلاد، يُدرج في إطارها مطالبه بشكل يتيح له حشد أكثر ما يمكن من الساخطين.

نظام سياسي ضعيف: يكون غير قادر على تحقيق لحمة وطنيّة وليست له إرادة قوية للسيطرة على المتمرّدين، فضلا عن افتقاده للمعرفة في مجال التصدي للجماعات المتمرّدة. كما أنّ لمستوى ولاء أجهزة الأمن والجيش والمؤسسات المدنيّة تأثير في النصر على هذه التهديدات.

وجود حالة أزمة: مع سلطة ضعيفة، فإن أي أزمة سواء كانت بفعل عوامل داخلية أو خارجية، وعرضية أو مختلقة، قد تعطي شرارة انطلاق تمرّد عنيف.

الدعم الخارجي: إن وجود شريط حدودي مشترك مهما كان طوله (خاصة مع دولة تؤيد التمرّد)، يمثل عاملا هاما لنجاح هذا الأخير. وقد يكون الدعم معنويا أو سياسيا أو تقنيّا أو بالمعدات.
الخصائص الجغرافية و الاقتصادية: إنّ الجغرافيا الطبيعية (التضاريس والمناخ) والبشرية (توزيع السكان)، وكذلك البنية الاقتصادية مؤثرة في نتائج الحرب على التمرّد.

في المقابل، هناك جملة من الإجراءات والتدابير الوقائيّة يمكن للسلطة المدنية اتخاذها قبل اندلاع التمرّد بما يُقلّص من فرص نجاح التمرّد، أهمّها:

  • تعزيز المنظومة السياسية وقدرة الحكومة على التأثير على المواطنين،
  • تكييف النظام القضائي مع متطلبات مكافحة التمرد،
  • اعتقال قادة الحركات التخريبية،
  • اختراق الحركات الهدامة لاستباق تحرّكاتها وإن أمكن خلق الانشقاقات داخلها حتى تنهار.
  • هذا ويصعب عادة تنفيذ هذه الخطوات إذا كان الرأي العام غير مدرك لحساسية المرحلة أو إذا كان المسار التشريعي معطِلا لعمل السلطة.

أمّا بخصوص مبادئ مكافحة التمرّد، فإنّ Galula يدعو إلى تطهير البلاد من المتمردين، منطقة بعد أخرى، باتباع الخطوات التالية:

  • تركيز ما يكفي من القوات المسلحة لتدمير أو طرد  الجسم الرئيسي للمتمردين من المنطقة، مع أخذ بعين الاعتبار ضرورة الإحاطة والتعويض  للمتساكنين المتضررين من العمليات العسكرية. كما يجب ضمان تأييد أو على الأقل حياد الأهالي في منطقة العمليات.
  • تركيز قوات قارة وكافية بالمنطقة لحماية الأهالي والحيلولة دون عودة المتمردين، في نفس الوقت تواصل الوحدات المتحركة تعقبهم.
  • التواصل مع السكان ومراقبة تحركاتهم بهدف قطع أي ارتباطات لهم بالمتمردين.
  • تصفية أية هياكل سياسيّة للمتمردين بالمنطقة، مع فتح الباب أمام العناصر الراغبة في التوبة بما قد يُشجع المزيد من العناصر على الاستسلام ويخفف من احتمال الازدحام في السجون.
  • إرساء، عن طريق الانتخابات، سلطات محلية مؤقتة جديدة.
  • حسن اختيار السلطات الجديدة بإعطائها مهام معينة (تسيير أعمال الإدارة المحلية، إدارة مشاريع اجتماعية واقتصادية، جمع المعلومات...) وتعويض من ينقصهم الحزم والكفاءة، مع إعطاء كامل الدعم للقيادات الحية وتوفير الحماية لها من أية أعمال انتقامية من قِبل المتمردين.
  • التشجيع على الوحدة الوطنية واتخاذ التدابير الضرورية لمعالجة مسبّبات الأزمة بين الفرقاء.
  • القضاء على آخر فلول المتمردين بما يُنهي أي احتمالات لعودتهم مستقبلا.

من جهته، استلهم الجنرال الأمريكي D. Petraeus الذي عمل في كل من العراق وأفغانستان، استراتيجيته لمكافحة الجماعات المسلحة هناك من أفكار Galula. وقد صاغ هذه الأفكار، بعد تحيينها وفق تجربته الميدانية في وثيقة مرجعية FM 3-24 صارت بمثابة دستور للعقيدة الأمريكية لمكافحة التمرّد.

وتتمثل مبادئ مكافحة التمرّد، حسب Petraeus أساسا في الآتي:

  • الشرعية هدف أساسي: الهدف الأساسي للحرب على التمرّد هو تطوير حَوكمة فعّالة من قبل حكومة شرعية في نظر المواطنين، بحيث تكون أغلبيتهم مطيعة للسلطة تلقائيا وليس بالإكراه.
  • ضرورة توحيد الجهود: رغم تعدد الأطراف عند وقوع حرب على التمرّد (بما في ذلك المنظمات الدولية، والمنظمات غير الحكوميّة)، على الأقل يكون هناك تنسيق على مستوى الخطاب والأهداف بين ذات الأطراف.
  • اولوية العوامل السياسية: القيادة السياسية يجب أن تشارك في تسيير العمليات من التصميم إلى التنفيذ.
  • على قوات مكافحة التمرّد أن تكون على دراية بالعدو وببيئته: يجب أن تكون قوات مكافحة التمرد ملمّة بحيثيّات الصراع (طبيعته وأسبابه)، وكذلك فهم دوافع ونقاط قوة وضعف المتمردين.
  • المعلومات هي محرّك العمليّات: بدون معلومات كافية ومناسبة، تفقد القوات التقليدية الكثير من الوقت والموارد في عمليات عديمة الجدوى وقد تكون لها نتائج عكسيّة إذ قد تسبب خسائر جانبية. كما أنـّه من الضروري توزيع المعلومة إلى أدنى المستويات القيادية.
  • يجب عزل المتمردين عن قضيتهم ومصادر دعمهم: إنّ حرمان المُتمرد من مصادر الدعم إلى أقل خطورة من مطاردة وعزل كل واحد على حدة، مع ما قد ينجرّ عن ذلك من عمليات انتقامية من قبل أقاربهم وأصدقائهم، فضلا عن قدرة الحركات المتمرّدة على تعويض الخسائر البشرية بسرعة. ولذلك يكون من الأجدى فصل المتمردين عن مصادر دعمهم بإجراءات سياسية (تلبية المطالب الواسعة للشعب تجفيف منابع الدعم والتموين) ردعيّة (مراقبة السكان أو الحدود والصرامة في تطبيق القانون) وتشريعية (سن قوانين استثنائية تحمي القوات المتدخلة وتضمن علوية القانون).
  • الأمن في ظل سيادة القانون أمر أساسي: إنّ توفير الأمن للسكان يُساعد على اخماد الفوضى والقيام بإصلاحات دائمة لهزم التمرد. هذا ومن المهم أن يُنظر إلى المتمردين كمارقين من قِبل جزء كبير من المواطنين. كما يجب على قوات الأمن أن تتجنب التورط في أعمال غير شرعية (كاستخدام غير مبرر أو مفرط للقوة / انتهاكات لحقوق الإنسان ) بما يؤدي إلى نتائج عكسية ويضعف الثقة في الحكومة.
  • على قوات مكافحة التمرّد الاستعداد لالتزام طويل الأمد: إنّ حركات التمرّد تتميّز بقدرتها على البقاء لفترات طويلة، بما يجعل محاربتها مستهلكة للكثير من الوقت والجهد. كما أن المواطنين، وهم مركز الثقل الرئيسي في المواجهة بين السلطة والمتمردين، لا ينحازون عادة للحكومة إلا إذا كانوا مقتنعين بقدرتها على تحقيق النصر ومقتنعين بأن الخسائر التي تتكبدها القوات النظامية لا تؤثر في عزمها على قهر التمرّد.
  • استخدام المستوى المناسب من القوة: إنّ أي استخدام للقوة يولـّد سلسلة من ردود الفعل لدى السكان، فضلا عن كون أي عمليّة عنيفة تتسبّب في أضرار جانبية هامة، من شأنها أن تولـّد نتائج عكسية (تقتل 5 مسلحين في حين تؤدي إلى تجنيد 50 آخرين).
  • التعلم والتكيف: إنّ المتمردين لهم قدرة دائمة على تغيير خطط عملهم، بما يضطرّ القوات النظامية إلى التكيف الدائم. ومن هنا، يجب على الوحدات أن تكون قادرة على المراقبة والتعلّم وتطوير تجربتها العملياتيّة.
  • إعطاء المبادرة لأدنى المستويات القياديّة (المرؤوسين): تتطلب عمليات مكافحة الإرهاب من المرؤوسين القدرة على رد الفعل بسرعة وبالشكل المناسب في وقت قد يكون غير كافي لمراجعة قياداتهم. وبالتالي ينبغي للقائد تمكين مرؤوسيه من اتخاذ قرارات عند الضرورة، بشأن تنفيذ الخطة، على أن يكون التنفيذ متماشٍ مع توجهات القيادة وخطتها.
  • النجاح في مكافحة التمرد يتطلب أكثر من العمليات العسكرية لتحقيق الفوز: إنّ الهدف من مكافحة التمرّد هو إنشاء مناخ سياسي يُساعد على تقليص دعم السكان للمتمرّدين و تقويض أيديولوجية هؤلاء المارقين. وبالتالي  من الضروري تركيز الجهد على عدة مستويات (الاقتصاد والتعليم والخدمات العامة ...).
  • خوض الحرب الإعلامية بلا هوادة: إن الصراع يدور حول الشرعية وقد نفوز به أو نخسره حسب منظور المواطنين، علما وأنّ الإعلام يلعب دورا كبيرا في تكييف هذا المنظور.
  • إدارة التوقعات: يجب الحذر عند الإعلان عن أي تقدّم وتجنب التصريحات المبكرة وعدم استباق النتائج، بل من المهم إدراك أن النجاح في مكافحة الإرهاب يكون بطيئا والتحديات كثيرة.
  • قول الحقيقة: إن النزاهة أمر بالغ الأهمية في المعركة ضد التمرّد. فيجب الاعتراف بالنكسات والإخفاقات، وتحديد الطرق المثلى للردّ، مع تحميل الصحافة وأنفسنا واجب الالتزام بالصدق في نقل الحقيقة، حتى لا نفقد مصداقيتنا في أعين المواطنين.
  • هذا وتبقى أهمّ مؤشرات النجاح في التعاون الطوعي من جانب المواطنين مع السلطة وفك الارتباط بانسحاب المتمردين دون رجعة أو القضاء عليهم.

إن الدول في مراحل تحول ديمقراطي تكون في أضعف حالاتها لأن هناك تفكيكا لنظام قديم وبناء لنظام جديد وبالتالي فإنه كلما طالت الفترة الانتقالية كلما زاد الخطر الذي يطال أمنها القومي. هذا الظرف يتم استغلاله من قبل التنظيمات الارهابية لعرقلة مشروع الانتقال الذي لا يصب في مصلحتها،  فهي التي تنمو في ظل الفوضى. فعلى الحكومة أن تدعم قدرتها على بسط سلطتها على كامل ترابها من جهة، ومردوديّتها  من جهة ثانية (من حيث توفير الأمن وتطبيق القانون وتوفير الخدمات وتمكين أوسع شريحة ممكنة من المواطنين من الوصول لتلك الخدمات) كما عليهاّ استرجاع وتعزيز الشرعيّة عبر مقاربة شاملة ومتعدّدة الأبعاد، تستخدم فيها مختلف أدوات القوة الوطنية.

كمال العكروت

(1) أميرال (م) كمال العكروت مستشار للأمن القومي لدى رئيس الجمهورية

(2) Max Weber né le 21 avril 1864 et mort le 14 juin 1920, est un économiste et sociologue allemand.

David Petraeus (né le 7 novembre 1952 à New York), est un ancien général de l'armée américaine, commandant de la Force internationale d'assistance et de sécurité en Afghanistan  entre 2010 et 2011 et (3) directeur de la Central Intelligence Agency de 2011 à 2012.

(4) تعريف وزارة الدفاع الأمريكية

(5) David Galula (né en 1919 à Sfax en Tunisie -1968): le stratège militaire de la contre-insurrection. Nul n’est prophète en son pays  l’histoire de David Galula le confirme. Officier tombé dans l’oubli en France, il est étudié dans les académies militaires américaines et ses théories sont appliquées en Irak et en Afghanistan. Bien que datant de 1964, le livre de Galula "Contre-insurrection : théorie et pratique", demeure un document de référence pour ceux qui étudient la façon de faire face aux différents mouvements subversifs ou révolutionnaires.

Carl von Clausewitz, (1780 -1831), est un officier général et théoricien militaire Prussien, auteur en particulier d'un traité majeur de stratégie militaire, intitulé ‘’de la guerre (6)’’.

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.