الصحبي الوهايبي: طقـم الأسنــان

الصحبي الوهايبي: طقـم الأسنــان

في ليلــة شتـــائيّة باردة، دلـف زوجان عجوزان إلى مطعم بسيط، وطلب الزّوج حاجته ثمّ دفع ما عليه وأخذ طبقَ الطّعام بين يديه؛ ثمّ جلس العجوزان مثل محبّيْن جديدين إلى طاولة في آخر القاعة، ونضا الرّجل عن اللّمجة الوحيدة غلافها، ثمّ قسمها شطرين، شطر له وشطر لزوجته؛ ثمّ عدّ عصيّات البطاطا المقليّة، نصفها له، ونصفها لامرأته؛ ثمّ مزّ من قنّينة الكوكا، وكذا فعلت المرأة؛ وشرع الرّجل يأكل نصيبه على مهل؛ والزّبائن حولهما يسترقون النّظر، ياه! إنّهما لا يقدران على شراء لمجة ثانية... قام إليهما فاعل خير، وانحنى يهمس في أذن الرّجل: «سيّدي، هل أستطيع أن أطلب لكما لمجة ثانية؟ واحدة لا تكفي»؛ وردّ العجوز: «شكرا، بل واحدة تكفي، لقد تعوّدنا أن نتقاسم كلّ شيء»؛ وعاد إلى طعامه، والمرأة تنظر ولا تأكل؛ ومضت برهة من الزّمن، ثمّ عاد فاعل الخير: «سيّدي، دعني ألحّ، دعني أطلب لكما لمجة ثانية»؛ وردّت المرأة: «شكرا يا ولدي، لا تشغل نفسك، نحن نتقاسم كلّ شيء؛ لقد تعوّدنا»... والرّجل يأكل على مهل، والمرأة تنظر، حتّى أتى زوجها على شطره، ومسح فمه ويديه؛ فدنا منهما فاعل الخير ثالثة، فلمّا رفض العجوزان عرضه بأدب، سأل: «وأنت يا سيّدتي، لمــاذا لا تأكلين؟»، فأجابته: «أنا أنتظر طقم الأسنان، يا ولدي، حتّى ينزعه زوجــي؛ ألم أقــل لك إنّنا نتقاسم كلّ شيء؟»...يبدو أنّ قدر كثيرٍ من أهلنا أن ينتظـــروا حتّى يخلــوَ لهم طقــم الأسنان.

قال القاضي للمتّهم: «يوم الخميس 25 جويلية، قتلتَ زوجتك ضربا بمطرقة؛ هل تنكر؟»؛ وردّ المتّهم: «لا أنكر، إنّي أعترف!»؛ ووقف أحد الحاضرين في القاعة يصرخ: «أيّها الكلب، أيّها النّذل!»؛ وصرخ القاضي: «سكوت! أو...» ولم يكمل القاضي وعيده، فقد استكان الرّجل وجلس؛ وعاد القاضي يسأل: «ويوم 23 أكتوبر، قتلتَ حماتك ضربا بمطرقة؛ هل تنكر؟»؛ وردّ المتّهم: «أعترف، لا أستطيع أن أنكر»؛ ومرّة ثانية قفز الرّجل من بين الحاضرين صائحا: «أيّها الكلب، يا ابن الكلب، يا...»؛ وغضب القاضي: «أخرجوه!»؛ ثمّ دفعه فضوله أن يسأل: «هل أستطيع أن أعرف لماذا تشتم المتّهم، وما الذي يثير حنقك إلى هذا الحدّ؟»؛ فاستدار الرّجل، يقول: «يا سيّدي القاضي، هذا المتّهم الماثل أمامكم، جاري منذ عشرين سنة، وبيننا ماء وملح؛ وكلّما طلبت منه أن يعيرني مطرقة لشأن أقضيه، تعلّل بكونه لا يملك مطرقة؛ أيّ جار هذا؟ يمسك عنّي مطرقة؟»... أهل السّياسة في هذا البلد لم تستوعبوا من القضيّة إلاّ المطرقة...

امرأة تسأل صغيرها: «يا حبيبي حبيب، قل لي ماذا تعلّمت اليوم في المدرسة؟»؛ والطّفل ذو البَشرة النّاعمة كجلد الثّعبان يجيب: «لقد تعلّمنا الكتابة يا أمّي»، والأمّ سعيدة بطفلها: «هذا جميل! وماذا كتبتَ يا حبيبي؟»، والطّفل الثّعبان: «أوه! يا أمّــي، لا أدري ما كتبنا، فنحن لم نتعلّم القراءة بعد!»؛ الطّفل حبيب لا يختلف كثيرا عن هؤلاء السّاسة الذين تعلّموا الكتابة ولم يتعلّموا القراءة.

الصحبي الوهايبي

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.