أخبار - 2018.10.22

البعد الديني في الشراكة التركية الإفريقية بين الحضور والغياب

البعد الديني في الشراكة التركية الإفريقية بين الحضور والغياب

بالرغم من أنّ انعطافة تركيا الإفريقية هي بالأساس، كما أسلفت القول، من صنع حزب العدالة والتنمية الذي تأسس سنة 2001 على أنقاض حزب الفضيلة المنحلّ، وصعد إلى الحكم بقيادة رجب طيب أردوغان سنة 2002 فوضع القارة السمراء في سلم أولويات الدولة التركية،

وبالرغم من أن تركيا تعلن صراحة أنها تريد أن تتصالح مع ذاتها الحضارية الإسلامية، وأنها تعتز بماضيها العثماني وتريد إحياء تراثه،

وبالرغم من أن تركيا لا تخفي حرصها على توظيف العامل الديني في بناء وترسيخ أركان شراكتها مع إفريقيا، حيث يؤكد منظّر السياسة الخارجية التركية الجديدة أحمد داود أوغلو في كتابه الشهير "العمق الاستراتيجي: موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية"، أن تركيا تمتلك،في توجهها نحو القارة السمراء، مزايا تتقدم بها على عدة دول أخرى،ومن هذه المزايا أن لديها مشتركات دينية وثقافية مع عدد من الدول الإفريقية، ومنها أيضا أنها أقرب جغرافيًّا إلى الفضاء الإفريقي من أغلب منافسيها على ارتياده،

وبالرغم من أنها حرصت على الاستعانة في تحقيق أهداف استراتيجيتها الإفريقية بـ"منظمة التعاون الإسلامي" التي اضطلع مواطنها أكمل الدين إحسان أوغلو بأمانتها العامة طيلة عقد من الزمن (فيما بين سنة 2004 وسنة 2014)، اجتهد خلاله في خدمة مصالح بلاده وعمل على تفعيل دورها كدولة ذات شأن في العالم الإسلامي الذي يتألف من سبع وخمسين دولة، عددٌ هام منها دول إفريقية،

وبالرغم من أنها لم تكن في وقت ما، وعلى امتداد عدّة سنوات قبل محاولة انقلاب جويلية 2016، تتحرّج من الاعتماد على "جماعة فتح الله غولن"المفكر والداعية الإسلامي الذي كان حليفا للرئيس رجب طيب أردوغان، والذي لعبت جماعته دورا هاما في العديد من الدول الافريقية حيث قامت بالكثير من الأعمال الخيرية والاستثمارات وخاصة بإنشاء ما يربو على المائة مدرسة في القارة،

بالرغم من جميع ما تقدم، لم أسمع أحدا من الأفارقة، سواء ممن تحدَّثْتُمعهم أو ممن استمعت إلى حديثهم خلال فعاليات منتدى الاقتصاد والأعمال التركي الافريقي الثاني، يتكلّم، من قريب أو بعيد، عن الدين، أو عن خيارات تركيا الدينية.

وأعترف بأني تعجّبت من ذلك وأعجبت به في آن واحد، ذلك أن الأفارقة،على ما يبدو، تعلّموا، قبل البعض، التفريق بين الدين وبين الاقتصاد، وأدركوا أن الخلط بينهما عادة ما يؤدي إلى إضاعة فرص تنموية حقيقية، وإهدار شراكات يمكن أن تعود عليهم وعلى شركائهم بالنفع العميم.

محمد إبراهيم الحصايري

 

قراءة المزيد

في أهمية الخطاب السياسي التركي المُوَجَّه إلى القارة الإفريقية

منتدى الاقتصاد والأعمال التركي الإفريقي الثاني (1 من5): في أهمية التساند بين السياسي والاقتصادي

حديث الاقتصادي ودوره في تعزيز الشراكة التركية الإفريقية

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.