غسّان سلامة: طرابلس أصبحت على شفا حرب شاملة

غسّان سلامة: طرابلس أصبحت على شفا حرب شاملة

رسم د. غسّان سلامة الممبعوث الأممي إلى ليبيا صورة قاتمة عن الوضع في هذا البلد بعد تصاعد الاشتباكات الدامية في طرابلس .

وذكر في كلمة توجّه بها إلى مجلس الأمن يوم الأربعاء 5 سبتمبر الجاري أنّ أعمال العنف التي عصفت بالعاصمة منذ 26 أوت أتت على ستار الهدوء الذي كان قد غلف مدينة طرابلس منذ ماي 2017.

61  قتيلا و159 جريحا

وأفاد د. غسّان سلامة أنّ الاشتباكات التي استخدمت فيها الدبابات والمدفعية الثقيلة في الأحياء السكنية أزهقت أرواح 61 ليبياً وأصيب 159 آخرون بجروح. ومعظم من قضى كان من المدنيين بينهم أطفال واضطرت العائلات لترك منازلها.

ولاحظ أنّ النهب والجريمة أصبحا "أمرا مألوفا مع انتشار العصابات في الشوارع. ومئات المجرمين هربوا من السجن، فيما كان المهاجرون إما عالقين في مراكز الاحتجاز، أو هائمين على وجوههم في الشارع. وأصبحت المدينة على شفا حرب شاملة".

وأكّد د.غسّان سلامة  أنّ  البعثة  تعمل الآن على حماية هذا السلام الهشّ أملاً في ترسيخه، ومن أولى الخطوات التي اتخذتها تقديم المساعدة الفنية وبذل مساعيها الحميدة دعماً لوقف إطلاق النار.

وأبرز ضرورة محاسبة المجموعات التي تعمد إلى انتهاك وقف إطلاق النار قائلا :"لذا فإن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يقفان لهم بالمرصاد فرداً فرداً.  فقد تجاوزنا زمن الإفلات من العقاب. ولن نسمح بتكرار ما حدث في 2014".

ظروف معيشية حالكة

وبيّن أنّ مدبنة درنة  في الشرق تشهد اشتباكات متفرقة وقصفا جويا وأنّ الأمم المتحدة تعمل على تيسير تقديم المساعدات الإنسانية للأهالي المتضررين في المدينة..."

وأضاف : " لا تزال السجون ومراكز الاحتجاز تعج بممارسات سوء المعاملة والاستغلال، ولا نزال نعاني من صعوبة كبيرة في الدخول إلى هذه المرافق سواء في الشرق أم في الغرب. وقد أخذ اللاجئون وطالبو اللجوء القابعون في مراكز الإيواء باللجوء إلى الإضراب عن الطعام علّهم يجدون مخرجاً من ظروف المعيشة الحالكة التي يقاسونها.غير أنه لا ينبغي استخدام هذا الوضع كذريعة لأي مجموعة مسلحة لفتح البوابات للإرهابيين والمجرمين المحتجزين في موقع ما لتهجيرهم إلى أماكن أخرى.

وطوال الوقت، يعاني الليبيون من تدهور ظروف المعيشة كما عانوا في السنوات السابقة. والآن، وبالنسبة لكثير منهم، كل يوم يمر ما هو إلا محنة تعصف بهم".

مراجعة ماليّة لتحقيق الشفافيّة

وأكّد المبعوث الأممي أنّه من أجل إعادة الاستقرار إلى ليبيا، ثمة ضرورة ملحّة لإرساء مؤسسات مدنية وعسكرية قوية وموحدة تعمل لمصلحة جميع المواطنين على حد سواء. وقال : " إننا ملتزمون أيضاً بالدعوة إلى توزيع أكثر إنصافاً للثروة في ليبيا، لا يركز على استرضاء المجموعات بناءً على قوتهم العسكرية، بل على تأمين معيشة المواطنين بناءً على احتياجاتهم".

وأضاف أنّ البعثة الأممية ترى في طلب رئيس الوزراء، فائز السراج، للدعم الدولي لإجراء مراجعة مالية فرصة ثمينة لتحقيق الشفافية والمساءلة بشأن كيفية إدارة ثروات البلاد، مشيرا إلى أنّه قام بجمع محافظ المصرف المركزي الليبي المعترف به دولياً في طرابلس ورئيس المصرف المركزي الموازي في الشرق في اجتماع في مكتب البعثة من أجل الاتفاق على المعايير العامة للمراجعة.

تخريب العملية السياسية

وقال المبعوث الأممي إنّه عندما تتوقف العملية السياسية، سيعتقد البعض أن هناك فرصة لفرض التغيير عبر فوهات البنادق، ملاحظا أنّ الشعب الليبي قد اتخذ قراراً واضحاً حول كيف ينبغي أن يحدث هذا التغيير - من خلال الانتخابات وبشكل سلمي وديمقراطي. وقد انعكس هذا بشكل واسع أثناء مشاورات الملتقى الوطني.

وأشار إلى أنّه ليس من المستغرب أن الليبيين يريدون تغييراً في قيادتهم السياسية. فقد تم انتخاب أعضاء مجلس النواب منذ أكثر من أربع سنوات من قبل خمسة عشر بالمائة من السكان إذ "تم انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للدولة، الذي يمثل جزءاً بسيطاً من أعضاء المؤتمر الوطني العام، قبل ست سنوات. فيما تولت حكومة الوفاق الوطني مهامها ليس من خلال الانتخابات، بل بالتعيين وكثير منهم لم يمارسوا مهام عملهم منذ فترة طويلة".

وذكر أنّ إجراء الانتخابات الوطنية يستوجب استيفاء عدد من الشروط التي تستلزم جهداً كبيراً لتحقيقها.

وقال د. غسّان سلامة : "مرة تلو الأخرى، وعد مجلس النواب بتشريع قانون الاستفتاء والانتخابات. وبعد ثلاث جلسات كُرّست لقانون الاستفتاء، وتأخيرات عديدة، أخفق مجلس النواب في سنّ هذا القانون. ولم يدخر أولئك الذين لديهم مصلحة في إبقاء الوضع الراهن أي جهد لمقاومة التغيير المطلوب.

فالكثير من أعضاء مجلس النواب يخفقون في القيام بعملهم على النحو الواجب. ويسعون إلى تخريب العملية السياسية لتحقيق مآرب شخصية خلف ستار الإجراءات. فالأمر واضح، هم ببساطة ليست لديهم النية في التخلي عن مناصبهم. وقد وضعوا أحكاماً قانونية يبتغى منها البقاء في السلطة إلى الأبد. ومن أجل طموحات شخصية للبعض، دفع جميع مواطني ليبيا أثماناً باهظة.  العملية السياسية، وليس لضمان إطالة عمر المجلسين".

وأكّد أنّه استنفد كل "الطرق التقليدية في سبيل الدفع بالعملية التشريعية إلى الأمام. وإلى يومنا هذا، لا تزال هذه الطرق إما مسدودة أو أنها مصممة بحيث لا تفضي إلى أية نتيجة".

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.