أخبار - 2018.07.29

المدير العام للصيد البحري: لا بــدّ مــن تطـويـر حـوكمــة القطاع ومقـــاومة الصيـــد العشوائي في تونس

المدير العام للصيد البحري لا بــدّ مــن تطـويـر حـوكمــة القطاع ومقـــاومة الصيـــد العشوائي

كيف السبيل إلى تطوير حوكمة قطاع الصيد البحري؟ وماهي الوسائل الكفيلة بالحدّ من ظاهرة الصيد العشوائي التي تستنزف الثروة السمكية الوطنية؟ وأيّ تفسير لالتهاب أسعار الأسماك ومنتوجات البحر؟

هذه الأسئلة حملناها إلى السيد رضا المرابط المدير العام للصيد البحري وتربية الأسماك بوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري للإجابة عنها.

أوضح السيد رضا المرابط في البداية أنّ الإدارة العامة للصيد البحري تشرف على كلّ القطاع لكن عديد الأطراف تتدخّل فيه مثل وكالة المواني والتجهيزات المائية ومهمّتها التصرف في المواني، والمجمع المهني المشترك لمنتوجات الصيد البحري، والمركز الفني لتربية الأحياء المائية، والبحرية التجارية والحرس البحري. أمّا على المستوى الجهوي  فلكلّ إدارة من يمثّلها جهويّا وتوجد دوائر وأقسام للصيد البحري وتتبع تلك الهياكل الجهوية المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية الذي هو مسؤول عن قطاع الفلاحة عموما وهي غير مرتبطة مباشرة بالإدارة العامّة، الهيكل المشرف على القطاع. وتبعا لذلك أصاب الوهن إدارة الصيد البحري في الجهات، ممّا جعل الوزارة تفكّر في تطوير حوكمة القطاع بتنفيذ عدّة برامج.

تطوير الحوكمة

وقال إنّ أوّل هذه البرامج إعادة هيكلة القطاع لكن على مراحل ففي البداية سيتمّ العمل على إعادة إحياء المندوبية العامة للصيد البحري تتبعها مندوبيات جهوية ممّا يوحّد الجهود في القطاع على أن يقع في مرحلة ثانية إدماج وكالة المواني  والتّجهيزات المائية في المندوبية العامّة بالتنسيق مع وزارة التّجهيز. وبالتوازي مع ذلك تواصل مؤسّسات البحث العلمي والتكوين والمراكز الفنيّة عملها وتبقى مؤسّسات مستقلّة. كما أشار في نفس الإطار إلى أنّ هناك مقترحا لإحداث هيكل للمراقبة في البحر يهتمّ بالصيد والإنقاذ ويكون تحت إشراف المندوبية العامّة في مرحلة أولى ويصبح مستقلاّ في مرحلة لاحقة على غرار التجربة الإسبانية . وأضاف أنّ الإدارة تعمل على تطوير قانون الصيد البحري الصّادر سنة 1994 في اتّجاه تقسيم السواحل التونسية حسب أنواع السمك الذي يتمّ اصطياده فيها. كما سيعمل التّطوير أيضا في اتّجاه التصرّف التّقني اليومي في القطاع بالاشتراك مع المهنة لتتكفّل الإدارة بالإشراف على الاستراتيجيات والمشاريع الكبرى، علاوة على إعداد قانون إطاري لتربية الأحياء المائية وتحسين الإطار المؤسّساتي وإعداد دليل إجراءات موحّدة خاصّ بتربية الأحياء المائية  ودراسة تخصيص مناطق لتربية الأحياء المائية بالبحر وعلى اليابسة. ومن المقترحات المطروحة لتحسين حوكمة القطاع ذكر السيد رضا المرابط ضرورة تحسين المنظومة الإحصائية وتجميع المنتجين في هياكل مهنية حسب نشاط التربية والعمل على تعديل القانون المعمول به حاليا بما يتماشى وخصوصيات القطاع.

ويتعلّق البرنامج الثّاني بمقاومة الصيد العشوائي، باعتباره أكبر مشكلة يعاني منها قطاع الصيد البحري . ويتطلب ذلك دعم المراقبة بحرس الصيد البحري وبالزوارق السريعة وللوزارة خطّة للتصدّي لهذه الظاهرة من خلال برنامج تنفيدي في خليج قابس يمتدّ على مدى خمس سنوات من 2016 إلى 2020 تقدّر اعتماداته بـ 10 ملايين دينار نظرا إلى أنّ خليج قابس يعتبر محضنة المتوسط وفيه يفرّخ السّمك ويؤكّد ذلك اكتشاف الخبراء وجود الأنواع التي زرعت في خليج قابس في شواطئ صقلية والسواحل الإيطالية.

أمّا البرنامج الثالث فيتعلّق حسب المدير العام للصيد البحري وتربية الأسماك بمتابعة الراحة البيولوجية التي تتواصل مدة 3 أشهر كلّ سنة من جويلية إلى سبتمبر وأشار إلى أنّ تونس انطلقت في تطبيقها على القوارب التونسية سنة 2009  ثمّ فرضتها على كلّ القوارب في حوض المتوسّط سنة 2017.

وأخيرا يتناول البرنامج الرابع تجهيز المراكب بنظام ذكي للمراقبة بالأقمار الصناعية باستعمال تقنية VMS ويسمح هذا النظام بتنظيم المجال البحري والتحكّم فيه وبمراقبة تطبيق الراحة البيولوجية ورفع المخالفات وبتحيين كل معطيات قطاع الصيد البحري باستعمال التكنولوجيات الحديثة وبدعم برامج البحث العلمي المتعلّقة بالتصرف في المصائد السمكية،  ممّا يساعد على التصرف الرشيد في الثروة السمكية والحفاظ على التوازن بين مجهود الصيد وإمكانيات الاستغلال . وتقرّر تطبيق هذه التقنية إجباريا على القوارب التي يزيد طولها عن 15 مترا وقد تمّ تركيب التقنية على حوالي 20 % من القوارب المعنية وقدّم إلى الآن حوالي 43 % من أصحاب القوارب طلبات تركيب هذه التقنية، ومن لا يمتثل لهذا الإجراء يحرم من الخدمات التي تقدّم لمراكب الصيد، علما أنّ هذا التّمشي سيساهم في القضاء على 70 % من الصيد العشوائي.

وأشار السيد رضا المرابط إلى برامج أخرى في نفس الإطار منها ما يهمّ تحيين برامج تقييم المخزون وتحيينها ومنها ما يهم دعم منظومة التأهيل التي تراجعت منذ 2011 بتأهيل المواني الموجودة وبناء مواني جديدة وتأهيل مراكب الصيد والمصانع المصدرة. وأكّد أنّ كلّ هذه البرامج لا يمكن أن تنجح إلا بالمحافظة على الثروة السمكية والتصدي لمن يريدون استنزافها.

تشجيعات وحوافز

وبخصوص تدخّلات الدولة في القطاع ولمساعدة الصيادين أفاد السيد رضا المرابط أنّ الدولة تدعم المحروقات بالنسبة إلى صيّادي الشمال بنسبة 45ـ% وصيّادي الجنوب بـنسبة 35% تضاف إليها منحة بـ 5 % لمن يستعمل تقنية VMS وتساهم الدولة بـ 50% من كلفة اقتنائها وتركيبها وأضاف أنّ معدّات الصيد البحري معفاة من الأداءات ويتمتّع الصياد بمنح مختلفة كما توجد تشجيعات تهمّ النّقل والتّصدير. وفي نطاق تشجيع الاستثمار تخصّص الدولة منحة للمستثمر في القطاع تصل إلى 70% من كلفة المشروع.

أسعار من نار

وبيّن السيد رضا المرابط أنّ ارتفاع أسعار السمك في السوق التونسية راجع إلى نقص الإنتاج  في الفترة الفاصلة بين آخر فصل الشتاء وبداية فصل الربيع لنقص الإبحار بسبب كثرة الرياح، مشيرا إلى أنّ الأسعار انخفضت قليلا في الفترة الماضية لكن بقيت مرتفعة بسبب التّصدير ونقص كميات السمك المعروض والصيد العشوائي وهجوم سلطعون البحر خاصة في خليج قابس. وذكر أنّ هذا الحيوان البحري  يتغذّى من يرقات الأسماك والأخطبوط والقمبري كما يتلف شباك الصيادين ولأنّه يتكاثر بصفة مهولة وضعت الوزارة خطة لتشجيع البحارة على صيده وتصديره إلى الخارج فهو مطلوب جدّا في آسيا وفي بعض دول الخليج حيث توجد جاليات آسياويّة تستهلكه وقد صدّرت تونس منه حوالي 650 طن سنة 2017. وأكّد أنّ الأسعار ستنزع إلى الانخفاض بدخول موسم السّمك الأزرق.

خــــالد الشّابي

قراءة المزيد:

مستقبل واعد لتربية الأسماك في تونس

الثّــروة السّمكيّــة في تونس بيــن الاستنـــزاف والاحتكار

قطاع الأسماك في تونس: التّصدير والتّوريد

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.