محمد النفطي: الأمن والفايك نيوز

محمد النفطي: الأمن والفايك نيوز

في السنة الماضية ومباشرة إثر تسلمه مقاليد البيت الأبيض نطق الرئيس الأمريكي كلمة " فايك نيوز" لينعت بها الأخبار التي تردّدها بعض وسائل الإعلام الأمريكية والتي يعتبرها أخبارا زائفة. وردّدها الرئيس تراب مرارا سواء في تصريحاته المباشرة أو تلك التي وردت على لسانه في وسائط الاتصال الاجتماعي. ولم تمض إلا بضعة أشهر حتى سرى مصطلح الفايكنيوز وانتشر انتشار النار في الهشيم فتداولته كل وسائل الإعلام العالمية الى أن تمّ اختياره "المصطلح  الإعلامي البديع" لسنة 2017. وقد لا يعنينا  المصطلح في حدّ ذاته بقدر ما يهمنااستخدامه في وسائلنا الإعلامية العامة والخاصة ووسائل التواصل الاجتماعي التي تنقل الأخبار الزائفة  سواء التي تنشر بنية الضرر أو التي تذاع عن غير قصد. ونخّص بالذكر الأخبار التي تعتني بالمجال الأمني لما لها من حساسية وتأثير سلبي على الجو العام في البلاد وعلى حياة  المواطنين.

زائف في اللغة العربية  يعني  غير صالح للتداول، كما يصف الشئ الذي يظهر فيه الغشّ والرداءة. وعادة ما نستخدم هذا المصطلح في بلادنا لنعت العملة النقدية الزائفة أو المزيفة لحبّنا الشديد للمال فنتثبت مليا من صحتها ونتحقّق من صلوحيتها. ولا نطلق هذا المصطلح على رداءة الأخلاق مثلا فلا نقول أخلاقا زائفة كما لا نصف المعاملات التجارية أو المهنية بهذا المصطلح  لعدم اكتراثنا بأمور المجتمع أو بما بقي فيه من قيم معنوية. وقد لا يصمد مصطلح الخبر الزائف في وسائل الإعلام العربية طويلا ليتم  استبداله  بالفايك  نيوز لسلاسة  نطقه ووزنه فهو يوحي بما هو حلو المذاق مثل الكايك فتقبله النفس بلطف ويهضمه اللسان بيسر.

فكيف نتّقي شر الفايك نيوز ونحذر خطرها حتى لا تصيبنا معرّة منها بغير علم؟ والجواب ببساطة لا يعدو أن يحمل في طياته عملا ذا مستويات ثلاثة.

أوّلا: هو تربوي وتحسيسي يهدف إلى تنبيه المستخدم لوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي إلى خطورة الأخبار الزائفة على المجتمع التونسي والمؤسسات وبالتالي الوطن، وذلك لما قد تحمله  هذه الأخبار من أخطار على انسجام المجتمع وسلامة المواطنين إذ تنشر الخوف وتبعث عدم الطمأنينة وتولد غياب الثقة والأمن. ولمن لا يتعض بالأحكام المدنية فإنّ التعاليم القرآنية تنبهنا إلى خطر إذاعة ونشر الأخبار غير الموثوقة. "وإذا جاءهم أمر من  الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم..." (من الآية 83 من سورة النساء).

ثانيا: هو رقابي وتوجيهي. وهي وظيفة المؤسسة المكلفة بالتعديل في المجال السمعي البصري والتي تعرف بالهايكا. فدورها أساسي في هذا المجال للتأكد من تطابق العمل مع مواصفات المهنة. كما أنّ الاقتراب من المؤسسة الأمنية وتبادل الأراء وتنسيق  بعض مجالات العمل كتنظيم لقاءات تحسيسية وتوجيهية من شأنه أن يضيف جدوى للطرفين سيعود بالنفع على كليهما.

ثالثا: يكون العمل الوقائي وازعا ومانعا. يمنع من ارتكاب سلوك معين يتّصف بالعداء للمؤسسة الأمنية. هذا البعد لا مفرّ منه وهو مجال تطبيق القانون على كل من يتجاوز حدود المصلحة الوطنية وينتهك ما لا يسمح به القانون ويخترق.

محمد النفطي 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.