أخبار - 2018.01.09

الاحتجاجات الاجتماعية : حتّى لا يفلت الأمر من يد الحكومة

الاحتجاجات الاجتماعية : حتّى لا ينفلت الأمر من يد الحكومة

لا بدّ من تحرّك سريع، ولكنّه يتّسم بالحكمة والرصانة لتطويق الأوضاع الاجتماعية المتأجّجة في العديد من مناطق البلاد، على خلفية غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار والتي زاد في التهابها دخول قانون المالية حيّز التنفيذ بداية من مطلع هذا العام.

وضع اجتماعي صعب استغلته أطراف لتوظيفه سياسيّا، معتبرة أنّ النزول للشارع هي الوسيلة الوحيدة لإيقاف الزيادة في الأسعار.

وقد حذّر منجي الرحوي القيادي في الجبهة ورئيس لجنة المالية بالبرلمان "التونسيين من خطورة ما يُحاك ضدّهم والمتعلق بتوجه الائتلاف الحاكم إلى إقرار زيادات جديدة في المواد المدعمة "توجّه لن توقفه إلا الاحتجاجات الشعبية".

ومن بين ما يُحاك ضدّ التونسيين، حسب منجي الرحوي، قيام الائتلاف الحاكم" بدسّ أنصاره بين المحتجّين لتحويل الاحتجاجات إلى عمليّة نهب لتشويه التحرّكات"! فهل من ارتكب أعمال نهب وحرق وتخريب لمنشآت عامّة وخاصّة عناصر مندسّة دفع بها بغاية تشويه احتجاجات سلمية؟ هذا أمر لا يمكن أن يُصدّق.  

مهما يكن من أمر فإنّ ما يبعث على انشغال عموم التونسيين اليوم المنحى الخطير الذي أخذته الأحداث على خلفية هذا الحراك الاجتماعي المتنامي في  العديد من مناطق البلاد التي عاشت خاصّة ليلة 8 جانفي أعمال نهب وحرق وتخريب طالت المنشآت العامّة والأملاك الخاصّة في سيناريو مرعب يذكّر الجميع بما عرفته البلاد إبّان انتفاضة جانفي 2011 من فوضى عارمة بسبب اضطراب الأوضاع الأمنية وانحسار سلطة الدولة.

ولئن يقرّ الجميع بحقّ أيّ مواطن تونسي في التظاهر السلمي الذي يكفله الدستور وذلك لاستحثاث الحكومة على إيجاد الحلول المناسبة، فإنّ المطلوب الآن  تطبيق القانون  بما في ذلك إعلان منع الجولان ليلا في بعض المناطق، في ظلّ سريان حالة الطوارئ لمحاصرة الناهبين والمخرّبين وحماية الممتلاك العامّة والخاصّة.

هذه الاحتجاجات الليلية والتي قد تتكرّر في قادم الأيّام تجعلنا نقف على جملة من الحقائق أولاها حالة الاضطراب التي تبدو عليها الحكومة في معالجة هذا الوضع المتأزّم وقصورها على الصعيد الاتصالي، حيث كان من المفروض إعداد خطّة استباقية
لمصارحة الشعب بالحقيقة وتوخّي سبل الإقناع وهو ما فشلت فيه إلى حدّ الآن. والحقيقة الثانية إمعان تيارات يسارية في انتهاج سياسية شعوبية تصبّ الزيت على النار وتجيّش الشارع اعتقادا منها أنّ "العنف الثوري" هو الطريق الوحيد لتغيير الواقع. أمّا الحقيقة الثالثة فهي تكمن في عجز منظومة الحكم التي أنتجها دستور 2014 عن إفراز برامج جادّة تعالج مشاكل البلاد وترسم رؤية للمستقبل في ظلّ تشتّت السلطة والفوضى السائدة اليوم في المشهد السياسي، فضلا عن انحدار مستوى الخطاب
وفقدانه لكلّ مصداقية. 

والتونسيون الحيارى ينتظرون اليوم خطاب تهدئة يطمأنهم على المستقبل .. ينتظرون خاصّة إجراءات عاجلة قبل أن تزداد أوضاعهم المعيشية  تأزّما من رئيس الجمهورية ومن رئيس الحكومة. ولعلّه من المفيد اليوم الإسراع بتنظيم الحوار الاقتصادي

والاجتماعي الذي يسمح لمختلف الأطراف، حكومة وأحزابا ومنظمات وطنية ، بتشخيص دقيق للوضع للقيام بالتعديلات اللازمة للتقدّم على درب معالجة الأزمة التي تردّت فيها البلاد مع الحرص على الأخذ في الاعتبار شواغل المواطن.

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.