أخبار - 2018.01.02

الطيب اليوسفي : تداعيات " الفوضى الخلاقة "

الطيب اليوسفي : تداعيات " الفوضى الخلاقة "

سنة جديدة تقبل والعالم العربي في أسوء حالاته في خضم تبعات وتداعيات ما سمي بالربيع العربي.
فالعديد من البلدان العربية تعيش أزمة خانقة وتشهد صراعات داخلية وأوضاعا سياسية واقتصادية واجتماعية متدهورة، فضلا عن النزاعات وعودة شبح الحروب الطائفية.

وما حدث ويحدث في المنطقة العربية ليس وليد الصدفة. فإن كان جزء منه يعود إلى الأخطاء القاتلة التي ارتكبها بعض الحكام العرب وإلى التطلع المشروع للحرية والديمقراطية وتجاوز الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية فإن المستجدات الجارية امتداد لما سمي بالفوضى الخلاقة والتي هي بدورها تجسيد لأطروحات ومخططات المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية. والمنطق هو مثلما يقول جيسي هلموز الذي كان رئيسا للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ  (1995-2001) " أن تظل الولايات المتحدة الأمريكية في مركز الدائرة حاملة الشعلة الأخلاقية والسياسية والعسكرية..."

وقد برزت مؤسسة ايريتاج فوندايشون منذ سنة 1973 بنشرها لدليل يضم أسماء ما يناهز 1500 من الباحثين والخبراء المحافظين الجدد. وأصبحت نظرياتهم وتحاليلهم حاضرة بقوة في وسائل الإعلام الأمريكية. كما شهدت كتب المحافظين الجدد انتشارا كبيرا على غرار كتاب " نهاية التاريخ " لفرنسيس فوكوياما. وبالنسبة إليه فإن التساؤلات حول مجرى التاريخ لم يعد لها موجب منذ انتصار النموذج الغربي الذي يجيب في نظره على كل التساؤلات والذي سيمتد إلى العالم بأسره.
وترتكز أطروحات المحافظين الجدد وأجنداتهم  بالنسبة إلى المنطقة العربية على تقسيم المقسّم وتحويل الدول الموروثة عن انهيار الإمبراطورية العثمانية إلى كيانات أصغر ذات طابع اثني وطائفي وتفجير الصراعات والنزاعات بينها.

كما ترتكز على أنّ ضمان مستقبل إسرائيل يظلّ مرتبطا بتقسيم الأقطار العربية وتفجير الصراعات المذهبية صلبها وإغراقها في خلافات ونزاعات داخلية تعيدها إلى مربع الطوائف والقبائل والعشائر.

وقد برزت هذه المخططات بالخصوص في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن من خلال  عتاة المحافظين الجدد على غرار ريتشارد بارل وبول فولفوويتس وجون بولتون وويليام كريستال وروبار كاغان وايليوت ابرامس وغيرهم الذين  يستمدون أطروحاتهم من نظريات أبيهم الروحي ليو ستروس.

وشكّل غزو العراق إشارة الانطلاق لتجسيد ما سمي بالفوضى الخلاقة ولتكريس نظرية الدومينو الذي ما أن تسقط قطعته الأولى حتى تتدحرج بقية القطع والدليل ما تلا غزو العراق من فوضى مدمرة  امتدّت إلى عدد من البلدان العربية الأخرى ومن بروز للنعرات الطائفية وللتنظيمات المتطرفة والإرهابية.

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.