ولايــــة بـــاجـــــة: كنز تونس المغمور
تعتبر ولاية باجة من أولى الولايات الفلاحية في البلاد التونسية، حيث تتّسم بخصوبة أراضيها وثراء محاصيلها، وتعدّد مواردها المائية، بالإضافة إلى تنوّع الصناعات فيها. وتمسح 3740 كلم2 وتعدّ حوالي 300 ألف ساكن. تشتمل الولاية على 9 معتمديات ( باجة الشمالية وباجة الجنوبية وتستور ومجاز الباب وتبرسق وقبلاط ونفزة وعمدون وتيبار). وتتميّز بمناخ بارد ورطب في الشتاء وحارّ وجافّ في الصيف مع نزول كميات كبيرة من الأمطار تتراوح ما بين 600 إلى 1200 مم سنويّا.
تتميز ولايـــة باجـة أيضا بانفتاحها على البحر الأبيض المتوسط من جهة نفزة وامتدادها على شريـــط ســاحلي يبلغ طوله 26 كلم. وهي تتوسّط 5 ولايات (جندوبة وبنزرت وزغوان ومنوبة وسليانة).
وعلاوة على أراضيها الشاسعة والخصبة، تزخر باجة بالمناطق الأثرية والتاريخية مثل دقّة وعين تونقة وتستور..
وتطمح ولاية باجة إلى أن تكون قطبا إقليميا وتنمويّا نظرا إلى إمكانياتها الضخمة والمتنوّعة وموقعها الجغرافي بتوسّطها لإقليم الشمال الغربي من جهة، وقربها من العاصمة، مركز الحيوية الاقتصادية، من جهة أخرى، فضلا عن كونها همزة وصل مع السوق الجزائرية الحدودية.
مطمورة روما
تأتي تسمية باجة من «فاقا» «Vaga»، حيث أطلق عليها الرومان هذا الاسم الذي يعني «البقرة الحلوب» في إشارة إلى خصوبة أراضيها ولكنها قبل أن تصبح بلدية رومانية في عهد الإمبراطور «سبتيموس سافاروس» يدير شؤونها مجلس شيوخ بلدي، كانت قرية فلاحية مزدهرة في العهد القرطاجني ومركزا مهمّا عند النوميديين، حيث اختارها يوغرطة مقرّا لإقامته وكانت تُنظّم فيها سوق للتجارة يأتيها التجار من مختلف أنحاء البلاد.وكانت تشتهر في ذلك الوقت بزراعة الشعير والقمح ولا عجب أن سمّاها الرومان «مطمورة روما» لأنّها كانت تزوّدها بهذه المنتوجات.
شهدت باجة تقلّبات على مدى التاريخ، فتارة عرفت ازدهارا مثل ما شهدته في العهد الأغلبي حيث بنيت بها الجوامع والأسواق والأسوار وتواصل ذلك إلى بداية العهد الصنهاجي وتارة عرفت ركودا ودمارا، وتحديدا مع زحف الهلاليين. ولم يعد إليها رونقها إلا في العهد الحفصي ثم العثماني، حيث تمّ تجديد بناءاتها وخاصة قصبتها التي اشتهرت بها منذ العهد القرطاجنّي لتحصين أسوارها ودفاعاتها على مرّ العصور.
قرب باجة من العاصمة (100 كلم) جعلها ذات تأثير على السياسة ونظام الحكم أيّا كان، فقد أنجبت وجوها مهمّة من القضاة والعلماء مثل الأديب «العياضي الباجي» والمؤرخ «محمد الصغير بن يوسف» وعالم المنطق « محمد الشافعي بن القاضي».
تتميّز باجة كذلك بمدينتها العتيقة المعروفة بجوامعها مثل جامع مراد باي الذي بناه مراد الثاني والمسجد الكبير، وكذلك بتعدّد أضرحة الأولياء الصالحين مثل سيدي بوتفاحة وسيدي بابا علي صمادي وسيدي الطيب وسيدي صلاح زلاوي، بالإضافة إلى الأسواق وبعض المعالم مثل قصر باردو الذي بناه العثمانيون سنة 1615. ويحيط بالمدينة العديد من الأبواب، بعضها مازال موجودا رغم الدمار الذي لحق أسوار المدينة العتيقة في عهد الاستعمار والبعض الآخر لم يبق منه غير الاسم.
- اكتب تعليق
- تعليق