أخبار - 2017.08.02

في منتصف ولايته الرئاسية : الباجي قايد السبسي يتحدّث لليدرز

في منتصف ولايته الرئاسية : الباجي قايد السبسي يتحدّث لليدرز

"يقولون أني أشكو من سَأَمٍ؟ لا أبدا. حينما عقَدْتُ العزم في لحظة تاريخية بامتياز على الترشح لمنصب الرئاسة، فلِأجْل ممارسة المهام السامية على رأس الدولة ممارسة كاملة غير منقوصة وحتى النهاية !"

من كان يتصوّر في سنة 2014  أنّ الرئيس الباجي قايد السبسي سيكون اليوم في المنصب متحمّلا ٲعباءه بلا كَلَلٍ ولا ملل؟ لا يرى الباجي قايد السبسي اليوم - وقد مرَّت على دخوله قصر قرطاج، في 31 ديسمبر 2014، سنتان ونصف السنة - موجبا على الإطلاق لتشكيك المتشككين. "لقد مرّ 36 شهرا بالتمام والكمال، أحسب ذلك في كل شهر" . قالها على وجه التصحيح والتدقيق. مدّة تتالت إبَّانَها الصعاب، في ظل أوضاع عسيرة ومعقدة، وندرت خلالها أسباب الدعة وساعات الهناء. تناصفت العهدة في شهر جويلية المنقضي... بأي حصاد وبأية حصيلة؟ وما هي الإنجازات التي ستتحقق حتى نهاية سنة 2019؟ ما رأي الباجي قايد السبسي في كل ذلك؟ هل ينوي الترشح لمدة رئاسية ثانية كما يشاع؟ هل يفكر في إجراء تعديل على الدستور؟ ما تقييمُه لحكومة يوسف الشاهد؟ هل يسْنِدُها في كل أعمالها ومساعيها، بما في ذلك مقاومة الفساد؟ هل يملك حلاّ يُخْرج حزب النداء من أزمته؟ ما علاقته مع حزب النهضة؟ هل أنّ وثيقة قرطاج لا تزال قائمة؟ كيف يرى مستقبل تونس القريب ؟ هل يعتقد أنّ ليبيا سائرة في الطريق الصحيح؟ هنالك سؤال آخر في علاقة بمستجدات الأحداث (أُنْجِز الحديث بين 25 و 27 جويلية) وهو: كيف ينظر إلى تصريحات المنصف المرزوقي وأقواله فيما يتعلق بالهجوم على السفارة الأمريكية؟

قَبِل الرئيس الباجي قايد السبسي الإجابة على كلّ هذه الأسئلة وعلى غيرها. في عينيه زرقة المعدن، هو متوقّد الذهن لا تبرح الدعابة شفتيه. فيه غضاضة الشباب ونضارته، رغم تقدمه في السن (90 سنة).. ذاك سِرٌّ لا يعلمه إلا هو. تراه في بيته مرتديا جبة بيضاء عُمِل فيها طَرْزٌ جميل، أو على أهبة للالتحاق بقصر باردو (الثلاثاء 25 جويلية) أو بمكتبه وقد لبس بدلة زرقاء راقية الحياكة، وقميصا أبيض اللون، ورابطة عنق قد أحسن اختيارها.. هو دائما على حسن هيأة، واناقة رفيعة. لا تخفى عليه خافية ذات شأن، عليم بما يحدث في صالونات العاصمة، وحتى في أغوار البلاد، وخارج حدودها... يحتفظ بذلك لذات نفسه في جلّ الأحيان. تحْسَبُه يرتجل خُطَبَه ارتجالا، أو يدلي بتصريحاته دونما إعداد مسبق. لكنه في الواقع يوفي مداخلاته وخطبه حقها من الإعداد الجَيِّد والعناية الفائقة. هو يقرأ ألف حساب للرمزية، ويبعث للمقربين منه برسائل مشفرة عليهم فك رموزها واستجلاء معانيها. يقول: "إني رجل جِدِّيّ !"

في مكتبه بقصر قرطاج الذي ٲصبح بمثابة المَعْلم التاريخي  بفضل بورقيبة.. التاريخ حاضر بقوّة كان الباجي قايد السبسي زمن بورقيبة كثير التردّد على مكتب الرئيس" بحكم  المهامّ التي يتولاها لدى "المجاهد الأكبر"، وهو من بين الأشخاص القلائل الذين كان يُسمح لهم بدخول غرفة نوم بورقيبة كل صباح ليطلعه بإيجاز على بعض المستجدات قبل أن يلتحق بمكتبه ويباشر مهامّه اليومية. وكان يحضر بعض المقابلات الرئاسية. كما كان الباجي قايد السبسي من بين القلائل الذين يجاهرون "الزعيم" بالصدق، وإن لم يمنعْه ذلك من تقديم استقالته في مناسبتين، وتلك قمة الجرأة في عهد الزعيم. كانت العلاقات بين الرجلين وِدِّيَّة تماما، وقائمة على الاحترام والثقة، لكنها لم تنج من تاثيرات الحاشية التي ظلت محدودة جدّا فلم تؤدّ ٲبدا إلى خلاف علني " ولا خاص. "لم يحدث أبدا أن تعرضْتَ لتأنيب بصوت عال من بورقيبة، لماذا؟ هل ذلك بسبب علاقات الصداقة التي كانت تربطك بنجله خلال الطفولة ؟" يقول الباجي قايد السبسي ردّا على هذا السؤال: " كنت أعرف تماما حدودي فأقف عندها ولا أتجاسر البتّة على تجاوزها، وكنت لا أتقاعس قط عن القيام بواجباتي". ماهي الجملة التي كان يكرّرها بورقيبة جملة  كان يكررها باستمرار كلّما عَنَّ له أخذ قرار؟ هل تستذكرها؟  "نعم، تماما! لقد ظلت تَرِنُّ في أذني؛ "إني رجل جِدِّيّ"، تلك هي.

دأب الباجي قايد السبسي أن يظلّ" رجلا جديّا " أسوة بالزعيم. ترى! كيف يمكن أن يكون المرء جديّا في هذا القرن الحادي والعشرين، وفي تونس ما بعد الثورة ؟ التاريخ وحده كفيل بالإجابة عن هذا السؤال.

المقال بالفرنسية:  A mi-mandat, BCE se livre à Leaders

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.