أخبار - 2017.07.17

حصري: مبروك كرشيد : ملفّات مصادرة جديدة قيّد البحث

مبروك كرشيد

يباشر مبروك كرشيد، كاتب الدولة المكلف بأملاك الدولة والشؤون العقارية مهامه بمكتبه الجديد في برج التجمع الدستوري الديمقراطي سابقا ذي السبعة عشر طابقا والمنتصب في قلب العاصمة. ألمْ يكن هذا البرج في العهد الذي ولَّى رمزَ النفوذ الذي ما بعده نفوذ، وأداة لبثّ الرعب، ودافعا إلى الطمع، قبل أن يصبح في خَبَرِ كان  منذ 14 جانفي 2014؟ مِن هذا البرج الفاخر ذي الزخرفة الخشبية الرائعة البديعة والأثاث النفيس، يُجيل كرشيد بنظره في أرجاء المدينة الممتدة. المشهد جذّاب حقيقة، لكن أنَّى لِكرشيد أن يستمتع به في غير متسع من الوقت.

المُهمّة جسيمة ومتعددة الأبعاد: المصادرة؛ استرجاع الأراضي الزراعية وقِطَعِ الأرض المملوكة للدولة والتي تم الاستيلاء عليها، والأملاك الأخرى التي استبيحت؛ تسوية أوضاع عقارية في منتهى التعقيد؛ إدارة الشؤون المتصلة بنزاعات الدولة...

حياة الرجل - أصيل مدينة مدنين، خريج كلية الحقوق بسوسة وقد أوشك على بلوغ الخمسين من عمره. امتهن المحاماة.. تولى الدفاع عن شخصيات مرموقة من أمثال البغدادي المحمودي.. مناضل سياسي معروف بالتزامه بالقضايا القومية العربية... أسَّس صحيفة  "الحصاد" التي تحولت إلى جريدة ألكترونية.. يرتدي كرشيد جبة المحامي و تقمص دور السياسي المتبصّر.

يقول المقربون منه إن وظائفه وكفاءته وفعاليته ووجاهة رأيه.. كلها خصال بوَّأَتْه مكانة متميزة في الدائرة الضيقة من حول رئيس الحكومة.. وترسَّخت قدمُه في ظل بعض القضايا الساخنة  التي طفت على السطح في المدة الأخيرة: تطاوين؛ الفساد؛ استرجاع الأملاك العمومية.

مجلة ليدرز تحدثت إلى مبروك كرشيد وحصلت منه حصريا على معلومات هامّة.

المصادرات

هل هناك مصادرات وصلت اليوم مرحلتها الأخيرة؟

التصريح بالمصادرة تتولاه لجنةٌ مستقلة يرأسها قاض من الدرجة الثالثة، نمدّ له يد العون على مستوى المنبع، أي حينما يتعلق الأمر بالأبحاث والتحقيقات، وكذلك على مستوى الأسفل حينما يتعلق الأمر بتنفيذ الأحكام والتصرّف في الممتلكات والمتابعات. ومن مهام اللجنة تعيين الأشخاص الذين يمكن أن تشملهم المصادرة.

هناك حديث عن قائمة ثانية في اقتران بقائمة 2011.

  • تم بعدُ ضبط القائمة الأولى على عَجَل، وتبقى القائمة الثانية - التي من المفروض أن تكون منبثقة من الأولى بمفعول ارتباطات ومصالح تم الكشف عنها مع أشخاص مدرجين بالقائمة الأولى - مشوبةً ببعض الشكوك، فلا نأخذها في الاعتبار إلا في الحالات التي تقوم في شأنها حجة بيِّنة على وجود ارتباط ما، وفي حالة تعرّض الاقتصاد الوطني لخطر جِدِّيّ وِفْق المقاييس الدولية. نحن لا نطلق المبادرات جزافا أو كيفما اتفق، دأبنا أن ننتصر لتونس وأن نصونها.

أيعني ذلك أن ليس هنالك مصادرات أخرى في علاقة بقوائم 2011؟

هذا من شأن اللجنة. نحن تحت تصرّفها كي نوافيها بأيّ عنصر مفيد، على غرار ما قمنا به مؤخرا في قضايا تحيُّلٍ وغِشّ.

هل توجد ملفات جديدة قيد التتبع من قِبَل اللجنة؟

هنالك 15 ملفّا قيد النظر. ولا يمكنني أن أقول لكم غير هذا. لكن ما يمكن الإشارة إليه هو أنّ اللجنة منصهرة كُلٍيّا في صميم المشاغل الوطنية، ولا تسعى بأي شكل إلى التشويش على النظام.

الإثراء غير المشروع ليس مشمولا بالمرسوم الصادر في سنة 2011 المتعلق بالمصادرة، فماذا تنوي الحكومة القيام به للتصدي لهذه الظاهرة؟ 

علينا أن نتصدّى بالفعل لهذه الآفة التي ليست دون التحيُّل والغش خطورة. ونحن نفكر في التأسيس لمصادرة مدنيَّة على غِرار ما هو معمول به في العديد من البلدان بدءا من فرنسا. فليس هناك على الإطلاق ما يَحُولُ دون إصدار قرار مصادرة حينما يتعلق الأمر بقضايا إرهاب أو تهريب على نطاق واسع أو تحيّل وغشّ أو خيانة كبرى. ونحن بصدد النظر في مشروع قانون بهذا المعنى.

استرجاع الأملاك العامة وتسوية الحالات الاجتماعية

ماذا عن استرجاع الاملاك العامة التي وقع الاستيلاء عليها؟

استرجاع الأملاك العامة تعبير بيِّنٌ عن هيبة الدولة ونفوذها. لقد خرجتْ مساحات لا تقل عن 9 آلاف هكتار من أراضي الدولة من دائرة مراقبة الدولة منذ سنة 2009، واستفحلت الظاهرة بعد الثورة. وقد انتقلْتُ شخصيا في موفى شهر جوان الماضي إلى الوسلاتية إثر استرجاع مساحة 370 هكتار. أردت من خلال قيامي بهذه الزيارة أن أنقل رسالة قوية للرأي العام، هي رسالة تحذير لمن اغتصب الأرض واستَبَاحَها، وهي رسالة تشجيع للسُّلط المحلية وقوات حفظ النظام، وتأكيد لتصميم الحكومة. لكن حرصنا على الوقوف بحزم  لصيانة الأملاك العامة ينبغي أن يكون على قدر تشبثنا القوي بالعهود التي قطعناها على أنفسنا بداية، وعزمنا على تسوية الحالات الاجتماعية القائمة.

ما هي هذه العهود المسبقة؟

لقد تم إسناد 350 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في الستينات لفائدة راغبين تقدموا للحصول عليها على أساس وعدٍ بالبيع، وذلك على غرار ما حصل في جهة حاج قاسم قرب صفاقس. لكن عملية البيع لم تُستكملْ جرّاء صعوبات قانونية. وقد أضر ذلك بالفلاحين إذ حال بينهم وبين الحصول على قروض والقيام بعمليات مكثفة لاستصلاح الأراضي، وتَركَهُم في حيرة من أمرهم وفي حال من الانشغال والتردد. وقد تم مؤخرا إقرار مرسوم بهذا الصدد، وتولّى رئيس الحكومة خلال الزيارة التي قام بها مؤخرا إلى ولاية صفاقس تسليم شهادات الملكية. ولمثل هذه المبادرات تأثير إيجابي جدا خاصة على مستوى التشغيل، إذ بالإمكان توفير ما لا يقل عن 350 ألف موطن شغل إذا ما اعتبرنا أن الهكتار الواحد يسمح بإحداث موطن شغل واحد.

ماذا عن التسويات؟

ما أنجز على هذا المستوى كان لافتا حقا. هذه التسويات سينتفع بها نصف مليون تونسي يقطنون الآن خلف أبواب مائة ألف بيت تم بناؤها بشكل غير قانوني على مساحة لا تقل عن ألف ومائة هكتار على ملك الدولة، وفي مناطق تحيط بالعاصمة وبالمدن الكبرى، بلا تهيئة وبلا شبكات تطهير. وكان تدخُّلُ الدولة لإنجاز التسويات اللازمة، على أساس التفويت في الأراضي بأثمان رمزية، على قدْر انتظارات السكان وفي مستوى تطلعاتهم. ولصاحب البيت وقد تحصل على شهادة الملكية الحقّ في الحصول على قروض سكنية ، كما بوسعه أن يستعمل شهادة الملكية كرهْن يُخوّل له التمتع بقرض صغير يوظف لإنشاء موطن رزق. فهناك إذًا نصيب لا يستهان به من المنافع المنجرّة عن التسويات. إلا أنّ ذلك لا يمثل إلا الجزء الأول من عملية تهدف إلى تهذيب تلك الأحياء وتأمين حاجتها من المرافق الاجتماعية والثقافية وغيرها حتى لا تكون مجرد أوكار للجريمة والتشدّد.

النص الٲصلي للحديث بالفرنسية: Mabrouk Korchid: La confiscation civile s’exercera contre l’enrichissement

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.