أخبار - 2017.04.05

جولة داخل سجن ربيبيا بإيطاليا

جولة داخل السجن

جُدرانٌ عالية وأبراج مراقـبة في الزوايا وأبواب ضخمة ومصفّحة، كاميراتُ مراقبة وحُراسٌ هنا وهناك. كلُ الأبواب موصَدة بإحكام في الداخل. معايير الأمن الأشدّ صرامة لا تحول دون إثناء بعض السجناء عن محاولة الفرار؛ لكن غالبا ما تؤول محاولاتهم بالفشل، كما حصل ذلك مؤخرا في شهر نوفمبر الماضي.

بُني سجن ربـيبيا (Rebibbia) في بداية ستينات القرن الماضي، وهو يشتمل على وحدات مختلفة (رجال/نساء)، وكان من ٲحدث الوحدات السجنية في ذلك الوقت، ويخضع إلى ذات المعايير: إدارة منفصلة عن مركز الإيقاف ووحدة لزيارات المحامين وردهات لاستقبال الزوار وأجنحة للزنزانات وفضاءات للتكوين وأخرى للأنشطة الثقافية وأماكن لممارسة الرياضة.

وجدت "ليدرز" في استقبالها مديرة هذا المركب السجني، روزلا سانتورو (Rosella Santoro)، سيدة في العقد الرابع، وذلك في مكتبها بالطابق الأول. يُخَيل لنا أننا في حضرة عميدة جامعة: مكتبة فاخرة موشحة بكُتب مرتّبة بعناية وطاولة اجتماعات ومديرة تجمع بين الرصانة والأناقة وذات نظرة حادة ورؤية استشرافية. تقَلدُها في مثل سنها هذا المنصب الرفيع يترجم مسارا هاما في حياتها : دراسات عليا ومناظرات وتجربة ثابتة. مرّت خمسة أشهر عن تقلدها هذه الوظيفة في سجن "ربيبيا"، وقد عُينت في هذا المنصب من ٲجل فرض المزيد من النظام وتحسين ظروف الاعتقال.

رنّ الجرس فبادرت إلى فتح الباب وأذنت للزائر بالدخول. الزائر هو ضابط الأمن لويجي أرديني (Luigi Ardini) بزيّه الرسمي. ولم تمُر سوى لحظات حتى التحقت مساعدتُه أنجيلا براشاري (Angela Brescere) بالجمْع.

أكثر من 1400 معتقل من بينهم 34 تونسيا من جملة ألفي معتقل في إيطاليا

السيدة روزلا سانتورو مُقـَيدة بواجب التحفظ؛ لكن ذلك لم يكن حائلا دون الحديث في بعض المسائل المهمة. يأوي السجن (سجن الرجال)، إلى غاية بداية من شهر مارس 2017، 1400 معتقلا ثُلثُـهم أجانب من جنسيات مختلفة: مغاربيون وألبانيون ورومانيون وغيرهم.

يوجد بسجن ريبيبا 34 معتقلا تونسيا يؤدون عقوبات تختلف مدتها من سجين لآخر. وقد صدرت في حقهم أحكام في قضايا تتعلق بالأساس بترويج المخدرات ٲو السرقة ٲو أعمال عنف ٲو القتل. وتقول السيدة سانتورو في هذا الصدد: "نسعى جاهدين إلى تيسير إقامتهم في السجن في حدود ما تسمح به الإجراءات القانونية. ونتيح لهم إمكانية الاتصال بالسفارة كلما طلبوا ذلك، ونضع على ذمّتهم مترجما عند الحاجة".

اكتفت محدثتنا بهذه المعلومات معتذرة عن تقديم المزيد، لكنها دعتنا إلى الاسترشاد بمصادر أخرى خارجية.

عالم ... ثقافي

هُـيئت الزنزانات وفق نماذج ثلاثة: زنزانات فردية للحالات الخاصة وزنزانات تتسع لثلاثة أنفار وأخرى لستة أنفار. لا يختلف سجن ربيبيا عن السجون الأخرى من حيث العدد الكبير من النزلاء. وتقدر نسبة الاكتظاظ به بـ12 %، وهي تمثّل تقريبا معدّل ما هو موجود في أوروبا.

ويمكن للسجناء القيام بعديد الانشطةدروس في محو الأمية وتعلّم اللغات وتعليم مدرسي وتكوين مهني ورياضة ورشات ثقافية ومسرح وسينما وغيرها

وللمسرح في السجن قيمة خاصة، إذ يشرف فابيو كافالي (Fabio Cavalli)، ٲحد ٲشهر المخرجين، على فرقة مؤلفة من حوالي ثلاثين معتقلا سلطت عليهم أحكام قاسية وذلك من قرابة الخمسة عشرة سنة. وخلال السنوات الخمس الأخيرة، بلغ إجمالي المعتقلين الذين شاهدوا العروض المسرحية 44 ألف معتقل تقريبا

وتشهد العروض السينمائية نفس الإقبال تقريبا، فقد قُدّمت أفضل أفلام مهرجان روما السينمائي في قاعة العروض بالسجن في شهر أكتوبر الماضي

تخف وطأة الداخل السجني بظلمته وقساوته بفضل هذا الزخم الثقافي والرياضي والتربوي... لكن طبيعة السجن تبقى هي هي لا تتغير...

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.