أخبار - 2017.02.21

محمّد زين العابدين: تراثــنـا الأثــري في حاجة إلى الحمـاية والـتّثميــــن

  محمّد زين العابدين

حملنا إلى السيد محمّد زين العابدين، وزير الثقافة وحماية التراث جملة من الأسئلة تتعلّق بإشكالات حماية التراث الأثري وصيانته، فكان لنا معه هذا الحديث:

ما هي خطّة وزارة الثقافة والمحافظة على التراث لحماية المواقع والمعالم الأثرية من النهب والسرقة؟

في تونس قرابة 30 ألف موقع ومعلم أثري، ولكنّ المفتوح منها للعمــوم لا يتجاوز عدده 56 موقعا ومعلما. والمفارقة الكبرى تكمن في وفرة المواقع والمعالم وقيمتها من جهة، وإمكانيات استغلالها، من جهة أخرى. نواجه اليوم على الأقلّ ثلاثة إشكالات:

1- في مستوى الموارد البشرية المخصّصة للحراسة والحفريات وفرق البحث التي عادة ما تتبع المعهد الوطني للتراث،

2- في مستوى تثمين هذا التراث بما يجعله مفتوحا للاستغلال العام،

3- تواضع نسبة إشـراف الوزارة على هذا الكمّ الهائل من المواقع والمعالم، فمسؤولية الإشراف عليها موزّعة بين أطراف مختلفة ونعني: وزارة الثقافة والمحافظة على

التراث ووزارة الشؤون الدينية وكتابة الدولة المكلّفة بأملاك الدولة، وبعض هذه المواقع والمعالم يتبع البلديات وبعضها الآخر الولايات. هناك ضبابية حقيقية في تعهّد وصيانة هذا الموروث الهامّ الذي يجب التصرّف فيه بعد ستة عقود من الاستقلال بأكثر ترشيد، انطلاقا من مسؤولية كلّ طرف في إشرافه المباشر الخاصّ بهذا الموروث الحضاري، علما وأنّ وزارة الثقافة والمحافظة على التراث، في سياق ما هو مفتوح من هذه المواقع والمعالم، مقصّرة في ما يمكن أن تقدّمه إذا أردنا تثمينا إيجـابيا لهذه الذاكرة الوطنية الضاربة في التاريخ.

مسؤولية المعهد الوطني للتراث مسؤولية علمية من خلال فرق البحث، في حين أنّ مهمّة الوكالة الوطنية لإحياء التراث الاستغلال والتثمين. والحقّ يقال يشهد هذا القطاع في بعض الأحيان تناقضات بين تدخّل هذا الهيكل أو ذاك. لذلك نحن بصدد إعداد مشروع قانون يتعلّق بالمتاحف بالإضافة إلى اتفاقية تحدّد بوضوح مسؤولية المعهد في علاقتها بمسؤولية الوكالة. كما نعدّ لنصوص قانونية جديدة من أجل ترشيد أفضل للتراث والآثار، بما في ذلك التراث المادّي واللامادي.

وماذا عن وسائل حماية التراث الأثري المتوفّرة حاليّا؟

نسبة الحماية ضعيفة. نعمل على توزيع أحسن للحرّاس في المواقع. لنا 15 موقعا مجهزا بتقنيات التأمين الذاتي كالكميراهات. نحن بصدد توفير ما يمكن توفيره من وسائل الحماية، حسب إمكانيات الوزارة، وخاصّة من خلال صيانة عدد من المواقع  ومدّ المتاحف بشبكة من أدوات المراقبة االإلكترونيّة علما وأنّ تعميم المراقبة على كلّ المواقع يستوجب اعتمادات ماليّة هامّة.

أزمة السياحة أدّت إلى تقلّص عائدات الوكالة الوطنية لإحياء التراث، اعتبارا إلى أنّ نسبة كبيرة من زوّار المواقع الأثرية هم من السيّاح. منذ سنة لاحظنا بعض المؤشرات الإيجابية لانتعاشة نسبية للسياحة، وارتياد عدد من السواح للمواقع والمعالم الأثرية، ممّا خلق ديناميكية نأمل أن تستمرّ، فاسترجاع هذا القطاع لسالف نشاطه له بالغ الأثر في تنمية موارد الوكالة، ممّا يمكّن من تطوير برامج تثمين التراث الأثري وحمايته. تونس تزخر بالآثار والمعالم التاريخية التي تقوم شاهدا على ثراء مخزونها الحضاري ومساهمتها في المدّ الإنساني، وهو ما يستوجب، في مجال التراث، سياسة مغايرة وإمكانيات وموارد أكثر ممّا هو موجود حاليا.

ما رأيكم في إنشاء آلية تنسيق تتشكّل من عناصر من الأمن والحرس والبحرية والديوانة ومن خبراء في مجال الآثار؟

إنشاء هذه الآلية التي تيسّر التنقّل عبر المواقع والمعالم الأثرية لحمايتها فكرة جيدة طرحها السيد وزير الداخلية، ورحّبت بها.

هل فكّرتم في مراجعة مجلّة التراث الأثري والتاريخي والفنون التقليدية الصادرة سنة 1994 لسدّ بعض الثغرات؟

نعم، فكّرنا خاصّة في مراجعة الهيكلة القانونية للمعهد الوطني للآثار والوكالة الوطنية لإحياء التراث، بما يمكّن كلّ مؤسسة من الاضطلاع بدور يتكامل مع دور المؤسسة الأخرى، بعيدا عن التناقض أو الضبابية في المهامّ. لا بدّ من تصوّر جديد، قد يتمثّل في دمج المؤسستين، لكنّ العديد من المختصين يرفضون هذه الفكرة، نظرا لاختلاف الطبيعة القانونية بينهما.

فالمعهد مــؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية والوكالة مؤسسة عمــوميــة لا تكتسي صبغة إدارية، لها موارد ذاتية وللعاملين فيها امتيازات لا يتمتّع بها العاملون في المعهد. لكننا نعتبر أنّ الأعمال المنوطة بعهدة المعهد تستحق اعتمادات ماليّة كبرى.

حاوره عبد الحفيظ الهرڤام

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.