أخبار - 2017.01.15

اتحـــــاد الشغـــــل: مؤتمـــر جـــديـــد...وتحدّيــات أكبر

اتحـــــاد الشغـــــل: مؤتمـــر جـــديـــد...وتحدّيــات أكبر

يعتبر المؤتمر الوطني القادم للاتحاد العام التونسي الشغل، المقرر عقده من 22 الى 25 من شهر جانفي الجاري، أهم حدث وطني في بداية السنة الجديدة، وذلك بالنظر الى أهمية الدور السياسي والوطني للمنظمة، وهو دور تعاظم خلال السنوات الأخيرة ويُتوقع أن يستمر ما بعد المؤتمر القادم.

كما يكتسي المؤتمر أهمية خاصة بالنسبة إلى المنظمة الشغيلة، في علاقة بترتيب بيتها التنظيمي الداخلي ونعني هنا تحدّيا يتصل بإقرار أكثر ما يمكن من التناغم والانسجام بين المركزية النقابية من جهة والنقابات القطاعية من جهة أخرى، بعد بروز نوع من «الانفلات» في هذه العلاقة خلال الفترة الأخيرة، ما جعل القيادة في وضع يشبه «العزلة» داخل هياكلها، بعد حصول ما يمكن اعتباره «تمرّدا» من بعض النقابات على توجّهات المركزية النقابية وسيـاساتها، مثل ما حصل مع نقابات التعليم.

أما التحدّي الثاني، فإنه يكمن في مدى قدرة الاتحاد على التأقلم مع التحوّلات التي يشهدها الحقل النقابي، في مناخ وطني ديمقراطي وفي مواجهة تحديات استثنائية تعيشها تونس، من خلال الانتقال من التصوّر النقابي النضالي و المطلبي، إلى مفهوم جديد يقوم على «مقاربة تشاركية».

تصوّر جديد للعمل النقابي يقوم على الحوار والمشاركة في الشأن الوطني، بدأ مع القيادة النقابية بزعامة حسين العباسي، يُنتظر أن يتدعّم مع القيادة التي سوف يصعّدها المؤتمر الوطني القادم، التي تشير كل الأخبار والتسريبات القادمة من بطحاء محمد علي، أنها سوف تكرّس الاستمرارية في القيادة وفي المنهج والسياسات، حيث يتوقع أن يستمر 9 أعضاء من المكتب التنفيذي الحالي، وأن يكون الأمين العام رجل الجهاز والنقابي البراغماتي المطّلع على كل الملفات، ونعني الأمين العام المساعد المكلف بالهياكل نورالدين الطبوبي (أنظر مقالنا في هذا العدد حول الرجل).

 

التحدي الثالث، هو وطني بامتياز، وربما حتّمته أكثر الظرفية الراهنة التي تمرّ بها تونس، وإن كان في تناغم مع ثوابت «الثقافة النقابية» التــونسية التي تقـــوم على أولوية «البعــد الوطني» وهو ما لازم عمل المنظمة من لحظة التأسيس مع فرحات حشاد، الذي كان زعيما وطنيا أوّلا ثم زعيما نقابيا ثانيا.

وهنا يُتوقع أن يستمر خـــلال المرحلــة القـــادمة استدعـــاء المنظمـــة العمــــالية للعب دور يتجــــاوز دورهــا النقــابي والاجتمــــاعي، على غـــرار ما حصل منـذ سنـة 2012، عندمـــا قـــاد الاتحـــاد الحـــوار الوطني، وجنّـــب البـــلاد الانزلاق نحو الحرب الأهلية، وكذلك أثناء إنجاح المنظمة لمبادرة الرئيس قائد السبسي في تشكيل حكومة وحدة وطنية، مبادرة دعّمها الاتحاد، وإن لم يشارك فيها مباشرة، وبرز هذا الدعم عبر  توزير نقابيين (من قيادات الاتحاد) في حكومة الشاهد.

من المرجّح أن يكون الاتحاد العام التونسي للشغل ما بعد المؤتمر الوطني حاضرا ومشاركا بقوة في كلّ ما يتصل بالخيارات الكبرى، سواء في البعد الاجتماعي على غرار إصلاح الصناديق الاجتماعية و مأسسة الحوار الاجتماعي، أو في الشأن السياسي بوصفه أحد الأضلع الرئيسية لحكومة الوحدة الوطنية.

 

يدرك الاتحـــاد جيدا أنّ كســـب معــــركة التنمية وجلـــب الاستثمــــار لا يكون إلاّ عبــر الاتفــاق على إقـــرار سلم اجتمــــاعي، هـــو السلم الاجتــــمــــاعي العـــادل الذي تتشــــارك كل القــــوي الوطنية في تثبيتــــه كما تتـــشـــارك كلها في تقــديـــم التضحيـــات لإنجـــاحــــه، هذا ما أكّده الاتحــاد في المفـــــاوضات الأخيرة مع الحكــــومة عندمــــا طالب بتجميـد الزيادات في الأجور ورفض الاتحاد هذا المطلب لكنه توصّل عبر التفاوض إلى حلّ «مشرّف» تنازل فيه لأجل «المصلحة الوطنية» وللتعبير عن «تفهّمه» للإكراهات التي تواجهها الحكومة.

كما أنّ الاتحاد يدرك  وهو القريب من مشاغل المستضعفين ومشاغلهم أنّ السلم الاجتماعي أصبح مطلبا اجتماعيا، وهو ما يفسر المرونة التي تعاطت بها قيادة المنظمة خلال المفاوضات الأخيرة مع الحكومة حول رفض تجميد الزيادة في الأجور..

منذر بالضيافي

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.