أخبار - 2016.06.22

السفير أحمد غزال في لقاء الذاكرة الدبلوماسية

السفير أحمد غزال في لقاء الذاكرة الدبلوماسية

في محاضرة استغرقت زهاء ساعة ونصف الساعة تحدّث السفير والكاتب العام لوزارة الخارجية والمستشار الدبلوماسي برئاسة الجمهورية الأسبق أحمد غزال مساء يوم الثلاثاء 21 جوان 2016 عن بدايات وزارة الشؤون الخارجيّة، وذلك بمناسبة  الاحتفال بالذكرى الستين لصدور الأمر العلي المتعلّق بإعادة تنظيم الوزارة في 3 ماي 1956، بعد أن استرجعت تونس سيادتها في مجال العلاقات الخارجية، التي كانت بيد المقيم العام الفرنسي زمن الحماية.
وتابع المحاضرة التي انتظمت بمقرّ الأرشيف الوطني بشارع 9 أفريل بالعاصمة وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي وعدد هام من قدماء السفراء والقناصل العامين والديبلوماسيين وإطارات وزارة الشؤون الخارجيّة وقدّم لها السفير والوزير الأسبق أحمد ونيس الذي أكّد أهميّة مثل هذه اللقاءات في شحذ الذاكرة الوطنية والتأريخ لمسيرة الدبلوماسية التونسية منذ الاستقلال. 
كانت المحاضرة زاخرة بالمعلومات المهمّة التي لا تخلو من طرافة أحيانا، مصدرها دبلوماسي واكب، من مواقع عدّة ، مختلف مراحل عمل وزارة الشؤون الخارجية  منذ التحاقه بها سنة 1958، فمثلت بحقّ شهادة حيّة حول وقائع وأحداث لافتة في تاريخ الدبلوماسية التونسية. ومن أهمّ هذه المعلومات نورد ما يلي:

المنتدبون الأوائل

إثر تولي الزعيم الحبيب بورقيبة مقاليد وزارة الشؤون الخارجية في أفريل 1956، إضافة إلى مهامه كرئيس حكومة ووزير للدفاع شرعت الوزارة في انتداب موظفين وأعوان.وبعد الفوج من الموظفين الذي تكوّن أساسا من دستوريين في الأسابيع والأشهر الأولى لبدايات الوزارة، أصبح الانتداب يتم بصفة فردية حسب الطلب وحسب الشغورات، وباعتبار الحالة المدنية والمستوى الدراسي لطالب الالتحاق دون اعتبار انتسابه الحزبي أو عدمه ودون تنظيم مناظرات لقلة الترشيحات وقلة الإقبال على العمل الدبلوماسي، ورغم حاجة الوزارة وتوفر الشغورات فيها، وذلك خاصّة بسبب محدودية عدد خريجي الجامعات إذاك. وكان من بينهم ثلّة من الشباب الذين سيتكوّن منهم جيل رواد الدبلوماسية التونسية، نذكر منهم نجيب البوزيري وسليم بن غازي وامحمد السعفي والهاشمي وناس وراضية المستيري وصالح الأدغم وصلاح الدين عبدالله ومحمد فريد الشريف وإبراهيم التركي... وكان أحمد غزال المنتدب الوحيد سنة 1958 خريج الجامعة.

جلب معه كرسيا وطاولة

نظرا لتواضع الإمكانيات، جلب أوّل المنتدبين معه كرسيا وطاولة لتأثيث مكتبه.

دبلوماسيون عصاميون

لم يتلق المنتدبون بوزارة الشؤون الخارجية أيّ تكوين أو تدريب في المجال الدبلوماسي ولم يتخرجوا من معاهد الدبلوماسية بل اكتسبوا تجربة من خلال ممارستهم لوظيفتهم، والوحيد الذي أجرى تربصا لدى منظمة الأمم المتحدة هو المنجي سليم
الذي سيتولّى مهام وزير الشؤون الخارجية سنة 1963.

خميس الحجري أوّل كاتب عام للوزارة

عيّن في منصب الكاتب العام للوزارة خميس الحجري، وهو أستاذ أنقليزية ومترجم أوّل لدى منظمة الأمم المتحدة. سهر على وضع هيكل تنظيمي بسيط للوزارة ووضعه موضع التنفيذ.وحرص على اجتناب تضخيم جهاز الوزارة. لم يمهله القدر كثيرا حيث تعرض إلى إصابة بليغة في ماي 1957 وهو في زيارة تفقدية على الحدود التونسية الجزائرية رفقة الباجي قايد السبسي جراء طلق ناري من الجيش الفرنسي، وتوفي في 14 أوت 1957 متأثّرا بجراحه، وهو يعتبر أوّل شهيد من وزارة الشؤون الخارجية. كما استشهد في تلك الحادثة أربعة جنود وثلاثة أعوان من سلك الحرس الوطني.
وبعد وفاته ظلّ المنصب شاغرا إلى أن تولاه الطيب السحباني  بعد انتهاء مهامه سفيرا بالقاهرة، إثر قطع العلاقات التونسية المصرية، نتيجة موقف مصر المؤيد لصالح بن يوسف في خلافه مع بورقيبة.

ديوان وزير الشؤون الخارجية

عيّن نجيب البوزيري رئيسا لديوان وزير الشؤون الخارجية وكلّ من رشيد ادريس والطيب سليم مستشارا لدى الوزير.

الحبيب بورقيبة الابن من القصبة إلى واشنطن

بعد تشكيل الحكومة في أفريل 1956 عيّن الحبيب بورقيبة الابن مستشارا لدى رئيس الحكومة، ثمّ ما لبث أن عيّن مساعدا للمنجي سليم في سفارة تونس بواشنطن. ولمّا كان الحبيب بورقيبة الابن آنذاك حديث العهد بالعمل الدبلوماسي فإنّه كان يجهل أنّ الحقيبة الدبلوماسية ليست سوى كيس توضع بداخله الوثائق والتقارير ويغلق برباط من خيط، عليه طابع من شمع.

الدفعة الأولى من السفراء

بعد أشهر من الاستقلال، وفي 5 جوان 1956 بالتحديد، عيّن كلّ من الطيب السحباني سفيرا بالرباط وعامر المكني سفيرا بطرابلس الغرب والدكتور الصادق المقدم سفيرا بالقاهرة الطيب والعنابي وزيرا مفوضا بجدّة ( وقد رفعت المفوضيّة إلى رتبة سفارة لاحقا). ثمّ عيّن المنجي سليم سفيرا بواشنطن وأضيفت له مهام مندوب دائم لدى منظمة الأمم المتحدة ،إثر انضمام تونس إلى المنظمة في نوفمبر 1956.

أحمد بن عرفة أوّل وزير مفوض

كان أحمد بن عرفة أول وزير مفوض سنة 1960، وعيّن آنذاك مساعدا لأحمد المستيري سفير تونس بموسكو.

الصادق المقدم مبعوثا خاصا لدى عبدالناصر

أمام دعم مصر لصالح بن يوسف الذي منحته حق اللجوء السياسي، أوفد الرئيس الحبيب بورقيبة الدكتور الصادق المقدم وزير الشؤون الخارجية (29 جويلية 1957- 29 أوت 1962) مبعوثا خاصا لدى جمال عبدالناصر. وسلم الدكتور الصادق المقدم للرئيس المصري نسخة من رسالة صادرة عن صالح بن يوسف يدعو فيها إلى اغتيال بورقيبة وكذلك نسخة من جواز سفر مصري منح لصالح بن يوسف بهوية مختلفة (صالح النجار). واكتفى عبدالناصر بالتعبير عن "تفهمه للموقف التونسي".

أمريكا تسلح تونس

إثر اعتداء القوات الفرنسية على ساقية سيدي يوسف في 8 فيفري 1958بدعوى تتبع المجاهدين الجزائريين في التراب التونسي، خاضت تونس معركة دبلوماسية وسياسية وإعلامية للدفاع عن قضيتها، محتمية بمظلة الأمم المتحدة. واضطلعت وزارة الشؤون الخارجية بدور مهمّ في حشد الدعم لتونس التي حظيت بتضامن جماعي على الساحة الدولية.
ومن نتائج مساعي الوزارة حصول البلاد على مساعدات من الولايات المتحدة الأمريكية وتسليحها عن طريق بريطانيا ويوغسلافيا وألمانيا.

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.