أخبار - 2016.05.18

تغيير رئيس الحكومة: المسارات الدستورية والقانونية المعقدة

تغيير رئيس الحكومة: المسارات الدستورية والقانونية المعقدة

في الوقت الذي نفى فيه الحبيب الصيد خبر استقالته من رئاسة الحكومة بعد أن راجت أنباء حول احتمال تغييره  وكأنّ الهدف من ذلك إحداث رجّة نفسية في البلاد تسهم في تخفيف حدّة الأزمة التي تعيشها البلاد في العديد من المجالات، يجدر طرح جملة  من الأسئلة وهي : هل أنّ حلّ المشاكل العويصة والمتشعبة التي تواجهها تونس اليوم يتوقّف على تعيين رئيس حكومة جديد? ما عسى أن يكون هذا الرئيس ? هل سيكون شخصية حزبية ( أي من حركة نداء تونس الفائز الأوّل في الانتخابات التشريعية الأخيرة  والتي أصبحت كتلتها الثانية في البرلمان إثر الأزمة الداخلية التي تعيشها والتي ألقت بظلالها على المشهد السياسي برمته أو من حزب آخر، وهو ما يفرض توافقات وتنازلات يصعب الوصول إليها في الوقت الراهن ) أم أنّه سيكون شخصية مستقلة، ومن هي هذه الشخصية التي ستكون محلّ أوسع وفاق ممكن ? هل سيكون بوسع رئيس الحكومة الجديد ممارسة كامل صلاحياته دون تأثيرات من هذا الطرف أو ذاك? هل سيحظى بدعم واسع من الأحزاب السياسيّة من داخل الحكومة الحالية ومن خارجها وكذلك من أطراف فاعلة في الساحة الوطنية? هل سيكون وضعه شبيها بوضع الحبيب الصيد الذي لم يلق المساندة المطلوبة من نداء تونس ومن أطراف أخرى?
 ولأنّ أمر تغيير رئيس الحكومة ليس بالأمر الهيّن دستوريا وقانونيا  ، فمن الضروري استحضار الحالات التي    ضبطها الدستور والمسارات الدستورية والقانونية المعقدة التي يخضها لها التغيير المؤسسي.
وقد أعد مركز التفكير لجمعية "جسور للسياسات العمومية"، من بين ما قامت به من أعمال متعددة، وثيقة في
هذا الشأن من المهمّ التمعّن فيها:

الحالات التي ضبطها الدستور

  • حالة الفصل 100: حدوث طارئ يؤدّي إلى شغور نهائي لمنصب رئيس الحكومة (الوفاة، تعذّر مواصلة المهامّ نهائيا...)، فيتم حينها تكليف مرشّح الحزب أو الائتلاف الحاكم بتكوين الحكومة.
  • حالة الفصل 98 - فقرة ثانية: رئيس الحكومة يطرح على المجلس التّصويت على الثّقة في مواصلة الحكومة لمهامّها. إن لم يجدّد المجلس الثّقة اعتبرت الحكومة مستقيلة.
  • حالة الفصل 98 - فقرة أولى: رئيس الحكومة يقدّم استقالته إلى رئيس الجمهوريّة.
  • حالة الفصل 97 (لائحة اللّوم البنّاءة): البرلمان يبادر ويشترط أن يكون طلب سحب الثّقة من الحكومة المقدّم من قبل ثلث الأعضاء (73 نائبا) مرفوقا بتقديم المرشّح البديل وتتمّ المصادقة عليه في تّصويت واحد مع سحب الثقة.
  • حالة الفصل 99: لرئيس الجمهوريّة أن يطلب من المجلس التّصويت على الثّقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، مرّتين خلال كامل المدّة الرّئاسيّة. إن لم يجدّد المجلس الثّقة اعتبرت الحكومة مستقيلة. أمّا إذا جدّد المجلس الثّقة في الحكومة في المرّتين فيعتبر رئيس الجمهوريّة مستقيلا.

أهم الاستخلاصات

1. التغيير المؤسّسي يخضع لمسارات دستوريّة وقانونيّة معقّدة ومضبوطة في آجالها، فمن المهم الاستيعاب الكلي لهذه المسارات حتى لا يؤدي هذا التّعقيد إلى مآلات غير مدروسة.
2. من المهم بالنسبة للأطراف الثلاثة التي يُمكن أن تُبادر في الموضوع (أي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والأغلبية البرلمانية) أن تُحسن اختيار شكل المبادرة وتوقيتها حتى لا تتحول معالجة أزمة إلى أزمة أكبر تُربك البلاد وتمسّ باستقرار المؤسسات.

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.