أخبار - 2016.05.17

راشد الغنوشي في حديث شامل لليدرز العربية (نص وفيديو)

راشد الغنوشي في حديث شامل  لليدرز العربية (نص وفيديو)

 خصّ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة مجلّة ليدرز العربية بحديث شامل قبيل مؤتمر الحركة الذي ينطلق يوم 20 ماي 2016. 

 وفي هذا الحديث الذي أجراه د. احميدة النيفر وعبد الحفيظ الهرقام يكشف راشد الغنوشي عن خفايا مؤتمر الحركة ورهاناته ويوضح ما تعمل النهضة على تغييره وما يتغيّر فيها كحركة تروم أن تكون حزبا سياسيا صرفا وطرفا فاعلا في المشهد الوطني. كما يبيّن راشد الغنوشي موقف حركة النهضة من عدد من  المسائل الدينية كعزل بعض الأيمة وشغور منصب رئيس المجلس الإسلامي الأعلى. 

 

 

ومن جهة أخرى يبدي راشد الغنوشي وجهة نظره بشأن مسألة الهويّة التي يعتبرها محسومة وكذلك بشأن عودة المقاتلين التونسيين من بؤر التوتر. كما يتطرق لمشروع المصالحة الوطنية الشاملة، ومدى إمكانية تحالف النهضة والنداء في الانتخابات البلدية القادمة.

ويتناول راشد الغنوشي كذلك بالتحليل قضية الصراع بين الإدماج في مواجهة تيار الرفض والإقصاء في تونس وفي المحيط العربي.  

 

وفي الجزء الأخير من الحديث يعرض راشد الغنوشي قراءته للوضع العربي. وفي هذا السياق، يبدي رأيه بخصوص علاقات تونس مع الجزائر وليبيا ويقيّم التجربتين التركية والإيرانية، ويحدد موقفه من الصراع بين السعودية وبلدان الخليج من جهة وإيران من جهة أخرى. كما يبرز خطر التمدد الشيعي في تونس وشمال أفريقيا. 

النص الكامل للحديث  

مقدمة 

بعد عقود خمسة من نشاط في رحاب جامعة دمشق واجتماعات رابطة طلبة المغرب العربي بها ثم ما تلاها من لقاءات وحوارات في باريس وبعدها في تونس ألتقي اليوم بالأستاذ راشد الغنوشي قامةً تونسية وعربية عركتها الأيام لكنها لم تأسر تطلّعها ولم توهن من مثابرتها وتصميمها ولم تحدّ من وضوحها وطموحها.

تحدث إلينا في أسرة «ليدرز العربية»، في قرابة ساعتي حوار بنفس الثقة التي يحرص عليها دائما، عما أعقب «زلزال» الثورة من عثرات وأوزار واستحقاقات. تعاطى مع مسائل المؤتمر العاشر لحزب النهضة والقضايا الشائكة وطنيا وخصوص المقتضيات المغاربية وعموم المصاعب العربية. كان الحديث منسابا ومركّزا دون الخوض فيما قد يكون مُربِكًا للمرحلة الانتقالية التي يعيشها الحزب والبلاد سعيا للارتقاء إلى فضاءات التعايش ومجالات الإدماج وأنساق التثاقف.

لكن ذلك لم يمنعه من التوقف عند ضرورات اتقاء الفتن الطائفية التي ورثها بعضنا عربيا من أنظمة الاستبداد والشمولية والتي يمكن أن تمتد إلى تونس فتفقدها اتّساقها العقدي والمذهبي. 

     

ما تمتاز به شروح الأستاذ راشد السياسية هو ميلها إلى الكنايات والرموز. هذه المرة لم يتعلق الأمر بالحمامة وجناحيها بل اتصل بالرَحَى الحجرية التقليدية التي تطحن الحَبّ مرارا تجويدا له لتخرجه دقيقا ناعما لا شِـيَّة فيه. تلك كانت صورته للجهود الفاحصة والمتأنيّة للحزب عند إنتاج لوائح المؤتمر في السنوات الأربع الماضية.

اللافت أنه، في سياق متصل، عند تشخيصه لعلاقة حزبه بالنُظراء والمنافسين، في ساحة وطنية تبحث عن مُستقرّاتِها، ذكر أن النهضة قد غدت الجزء الأصلب والأكثر تماسكا. أضاف في عبارة دالّة أنّ الأطراف السياسية الأخرى صارت تحدد نفسها وهويتها في علاقة بالنهضة سلبا أوإيجابا. ما لا يمكن أن يخطأه المتابع لروح الحوار هو أن الأستاذ راشد يعود هنا لرمز الرحى من جديد من زاوية أخرى. هو إيحاء بأن النهضة، بمقتضى إعادة تشكّل البنية السياسية للمشهد الوطني، قد صارت قلب رحى النموذج التونسي الجديد.

هو تشخيص وترميز فيه قدر كبير من الاعتزاز الذي يجانب، لدى البعض الموضوعية، لكنه دون شك يحمل رسالة للفرقاء والمخالفين أَنْ جددوا أنفسكم من أجل تونس المتعددة والمتوحدة.

د.احميدة النيفر

 

لو كان لكم أن تختاروا اسما لمؤتمر النهضة الذي ينطلق يوم 20 ماي، فماذا ستختارون : الإصلاح، التحديث، المبادرة... ؟

في الواقع هناك تفكير في تغيير اسم الحركة حتى نعبر عمّا نريد، ولكن لم يحصل توافق على اسم جديد. نتوجه إلى المحافظة على الاسم الحالي، مع زيادة :  «النهضة الجديدة»  أو «النهضة الوطنية»  أو «النهضة والتنمية»، باعتبار أنّ هذه أبعاد مقصودة في المؤتمر. نريد إصلاحا والبلاد تحتاج إلى إصلاح حقيقي في كل المستويات.نريد للنهضة أن تسهم في هذا وأن تصلح من نفسها أيضا. نريد للنهضة أن تتفاعل إيجابيا مع مطالب الشعب في التنمية باعتبارها مطالب أساسية للثورة، بعد أن تحقق مطلب الحرية بشكل مقبول، بينما مطلب التنمية لم يتحقق منه شيء كثير.

ومطلب التحديث هو أيضا مطلب حقيقي، والحركة لا تزال تتطور باستمرار والمؤتمر هو محطة من هذا التطور.

وموضوع التميز أو التخصص أو الإفراد بالمهمة السياسية هو جزء من حركة تتطور حتى تكون حزبا متفرغا للشأن السياسي، أي للإصلاح، انطلاقا من الدولة، بينما الإصلاح انطلاقا من المجتمع له مؤسساته، ونعني المجتمع المدني.

لماذا تأخّر المؤتمر؟

كان منتظرا من المؤتمر أن ينجز خلال سنتين وأن يكون مؤتمرا استثنائيا، ويدور حول محورين أو في ورقتين فقط : ورقة تقويم مسار الحركة وورقة ما سمي بالمشروع الإسلامي أو العلاقة بين السياسي والدعوي.

غير أنّ النقاش حول هذه المسائل ولّد مسائل أخرى وتشعب النقاش حتى مدّد طيلة أربع سنوات. تعددت دوائر المناقشات من ذلك أنّ عدد المؤتمرات الرسمية التي عقدتها النهضة خلال السنة الأخيرة زادت عن 350 مؤتمرا قاعديا؛ ولم تبق معتمدية من معتمديات البلاد إلا وانعقدت فيها مؤتمرات؛ كانت فيها المسائل تعاد وتكرر وتعمق، بما يجعل هذا العمل بما يشبه عمل آلة الرحي التقليدية عندنا، حيث تدقق النهضة المسائل وتنعّم عملها أكثر فأكثر وتجوّده. كانت رحى النهضة تنجز عملها ببطء ولكن بجودة وفعالية.

 

ما هي حقيقة الفصل بين السياسي والدعوي، هل فيه توزيع أدوار بين الحركة كحزب سياسي والجمعيات التي ستتولى العمل الدعوي؟

 
في الحقيقة نحن لا نؤثر استخدام مصطلح الفصل بين السياسي والدعوي، لأن هذا يعود إلى مرجعية فكرية أخرى.. نحن نتحدث عن التخصص، فكل ظاهرة تنمو تتجه إلى التخصص. والشجرة الكبيرة كانت نواة ثم تفرعت. نحن بدأنا نواة تختزن المشروع الإسلامي. ونحن نعتقد أن المشروع الإسلامي له أبعاد كثيرة منها البعد السياسي والبعد الثقافي والبعد العقدي. والحركة الإسلامية في بلادنا وفي غيرها، كانت ردا على مشروعات شمولية أخرى. الحزب الحاكم كان مشروعا شموليا والمعارضة الماركسية هي أيضا مشروع شمولي والقومية كذلك، والإسلامية كانت أيضا من هذه الزاوية مشروعا شموليا. الآن لم يعد هناك مبرر بعد أن سقطت المشاريع الشمولية. سقطت الدكتاتورية بمشروعها الشمولي، ولم يبق مبرر لرد شمولي أيضا بعد أن فتحت الحرية مجالات العمل السياسي. وبالتالي توفرت مجالات الحرية للمشاريع بما فيها المشروع الإسلامي  الذي أمكن له الدخول في مرحلة جديدة هي مرحلة التخصص أو التمايز أو الاستقلال، استقلال المشروع السياسي عن بقية الأجزاء الأخرى التي ينهض بها المجتمع. بل الدستور نفسه لم يعد يسمح بهذه المشاريع الشمولية. الدستور لم يعد يسمح بالجمع بين مهمة منصب قيادي في جمعية من المجتمع المدني وبين منصب قيادي في حزب...
 
ولكن شمولية الفكرة لا تعني شمولية التنظيم. فالفكرة الإسلامية شاملة، لها أوعيتها وأدواتها التي تخدم الإسلام ويمكن أن تتعدد، بدون الحاجة إلى حديث عن توزيع أدوار. الأمر ليس فيه هذه المؤامرة أو الخطة العامة أو التوزيع الثقافي، وإنما هي مرحلة من مراحل النمو. وكل ظاهرة تنمو تتجه إلى التخصص. 

 

هل تنتظرون من المؤتمر بروز قيادات جديدة؟

نأمل أن ينفتح الحزب على الكفاءات التونسية وعلى فئات اجتماعية وثقافية أوسع. وأحد أهداف المؤتمر تجدد النخبة داخل الحركة بمعنى أن النضالية ستظل مقوما أساسيا من مقومات المسؤول في هذا الحزب باعتبار النهضة حركة نضالية. ولكن لا يبقى هذا البعد هو المقياس الأساسي، إنما الكفاءة أيضا. ونحن كحزب نطمح إلى الحكم نحتاج إلى استقطاب الكفاءات التونسية التي عملت في خدمة الدولة خلال مراحل كثيرة. يريد الحزب أن ينفتح أمام هذه الكفاءات المجربة والتي تحتاجها تونس.

ماذا عن اختلاف الرؤى و صراع الأجنحة داخل النهضة؟

 
هذه حركة كبيرة وكل حركة كبيرة لها أجنحة كثيرة ومستويات متعددة في التفكير وفي الرؤى. ولكنها تجتمع كلها حول منظور شامل للإسلام، نسميه الإسلام الوسطي... تجتمع حول القناعة الكاملة بالتوافق بين الإسلام والديموقراطية، بين الإسلام وجوهر القيم الحديثة؛ التوافق حول رفض العنف سبيلا لفرض الرأي، التوافق حول حكم المؤسسة، وعندما نختلف وبصدد اتخاذ القرار تجتمع المؤسسة وتقرر، ثم بعد ذلك تبقى هذه الأمزجة تتحاور وتتنافس داخل الحزب.
 

قلتم في السابق من يخرج من النهضة لن يكون له شأن؟ هل ستبقى الحركة تفكر بهذه الطريقة؟

الحزب ليس حزبا حديديا. هو حزب فيه فسحة لاختلاف الرأي؛ وبالتالي الحركة عادة لا تصدر قرارات بالطرد بسبب الأفكار؛ وإنما خرج منها أفراد لأنهم لم يجدوا أنفسهم في هذا الفضاء. ولكنهم ظلوا مع ذلك أصدقاء ولم يصبحوا منافسين لها. بل هناك عدد منهم عاد إلى النهضة مثل عبد الفتاح مورو. ففي هذا الحزب فسحة لتعدد الأمزجة مادام فضاء لما يسمى بالإسلام الوسطي والإعتدال والقبول بحكم المؤسسة. 

كيف يمكن أن نفسر ما يظهر بين الحين والآخر من مواقف إزاء المسألة الدينية وكأنّ النهضة غير معنية كعزل بعض الأيمة؟ هل يعقل أن يبقى المجلس الإسلامي الأعلى مدة عشرة أشهر دون رئيس. أن لا يكون حزب النهضة وصيّا على الإسلام شيء ولكن له اقتراح وله بدائل. ما المانع؟

 
لا نريد أن نعطي انطباعا أو فكرة أننا ناطقون باسم الإسلام. الإسلام أكبر من تنظيم وأكبر من حزب. والدولة معنية بالإسلام في تونس ولها مؤسسات؛ المفترض أن تكون هي الراعية للإسلام. لا ينبغي لأي جهة أخرى أن تتقدم عن الدولة في هذا الشأن. وعندما طرح موضوع الإرث من طرف أحد النواب تصدت له الدولة من خلال مؤسسة الإفتاء التي قالت إن هذا الموضوع واضح والقرآن صريح في هذا الشأن. هذا هو الأصل. الدولة باعتبارها راعية للدين هي التي تتولى الدفاع عن الدين وليست الأحزاب.
الإسلام اليوم ليس في حالة تراجع بل هو في حالة نمو؛ وبالتالي الممارسة الدينية تزيد ولا تنقص اليوم. والمدافعون عن الدين يكثرون ولا يقلون؛ وبالتالي لم تعد  هناك حاجة إلى حزب سياسي تكون مهمته الدفاع عن الدين.
 
إنّ ارتباط الدين بحزب معين لا يفيد الدين أصلا. لا يستفيد الدين كثيرا عندما يرتبط بحزب سياسي لأن في هذه الحالة يصبح كأنه نوع من التوظيف السياسي. نحن لا نريد من السياسة أن توظف الدين ولا من الدين أن يوظف السياسة وإنما هما مجالان يعملان في المجتمع وكلاهما يؤدي وظيفته في نوع من التكامل...
هناك تقصير من الدولة باعتبار أن مؤسسة دينية من مؤسساتها منشلة ولا تشتغل. وأنا بنفسي نبهت رئيس حكومتنا أكثر من مرة إلى هذا الأمر؛ ومادام رئيس هذه المؤسسة قد أقيل لما لم يقع تعيين رئيس جديد؟
فحديثنا عن التمايز وعن التخصص لا يعني أننا سننسحب من الشأن الديني جملة وإنما سنمارس وظيفتنا في الدولة وهذه الممارسة تقتضي أنّ الممارسة في الشأن الديني لا تتم من موقع حزبي ولكن من موقع في الدولة، باعتبار أننا إزاء مؤسسة من مؤسساتها. والحزب مهمته أن يصل إلى الحكم وأن ينفذ برنامجه؛ ونحن لنا برنامج في الشأن الديني . ولكن نطبقه من خلال وجودنا في الدولة.   

غيرتم المجتمع أم أنّ المجتمع هو الذي غيركم؟

يمكن لمقولة أن من يأتي إلى تونس «يتتَوْنس» أن تصدف؛ بما فيه نحن. نحن نشأنا على أساس فكر نستطيع أن نقول عنه إنه قادم من الخارج وبالأدق من المشرق العربي. ولكن هذا الفكر تفاعل بمرور الوقت مع البيئة التونسية وبدورها تونس تخدمه ولا تزال تفعل ذلك؛ أي بصبه في قالب مناسب للثقافة التونسية. ولكن في نفس الوقت نحن أثرنا في المجتمع التونسي. لم يعد هناك صراع هوية في تونس بينما كان هذا الصراع موجودا في السابق.
 

أتعتقدون أنّ موضوع الهويّة قد حسم ولم يعد مجال للعودة إلى المربع الأول؟ 

نعم لقد حسم. هناك طبعا بعض المحاولات للعودة إلى مربع الهوية... ولكن أحسب أن الدستور تجاوز هذه المعضلة. نحن نشأنا في ظل صراع على الهوية؛ ونحن أسهمنا في حسمه، ليس من خلال أننا استطعنا أن نصب المجتمع في القالب الذي نريد؛ ولكن من خلال نوع من التسوية والتوافق. لقد أثر فينا المجتمع التونسي وأثرنا في هذا المجتمع على نحو أنه لم يعد هناك صراع على الهوية، وأيضا على نحو قبول الحركة بكثير مما كانت ترفضه وقبول المجتمع بكثير مما كانت ترفضه النخبة.
كان هناك تبادل تأثير بين التيار الإسلامي وبين المجتمع التونسي كلاهما ذهب في اتجاه الآخر حتى كان هذا التلاقي. أن ينتخب مليون ونصف تونسي نواب حركة النهضة بين حوالي أربعة ونصف مليون ناخب تونسي، هذا ليس بالأمر الهين. معنى ذلك أنّ قسما واسعا من المجتمع التونسي قبل النهضة بوصفها حزبا تونسيا...
نستطيع أن نعتبر أن أهم محور للصراع اليوم هو بين تيار الاندماج وبين تيار الرفض أو الإقصاء أو الإستئصال. وأعتبر أن التيار الإستئصالي ينحسر اليوم لصالح تيار الاندماج. هذا يعني أنّ التونسيين قابلون بتونس متعددة، التونسيون يتجهون إلى مزيد من التعايش، بين الإسلاميين والدساترة مثلا. 
 
هؤلاء تصارعوا خلال نصف قرن أو أكثر، وحتى قبل الاستقلال. الآن هناك قبول مشترك للآخر واستعداد للتعايش معه بل استعداد للتحالف معه من أجل خدمة تونس. هذا الأمر يعزل تيار الاستئصال أو ما نستطيع أن نقول العلمانية المتشددة لصالح العلمانية الجزئية أو العلمانية المتسامحة المعتدلة أو لصالح الإسلام المعتدل؛ الذي بدوره يستطيع أن يتعايش مع العلمانية المعتدلة.
المشكلة تكمن بين تيارات الاستئصال، سواء كانت تيارات الاستئصال التي تتكلم باسم الإسلام، مثل « داعش » وغيرها من الأحزاب المتشددة؛ أو العلمانية المتشددة والحداثة الاستئصالية. هؤلاء يمثلون خطرا على المجتمع لأنهم لم يقبلوا فكرة تونس المتعددة، المختلفة والمتوحدة حول مصالحها الكبرى، حول إسلامها، حول تاريخها وحول شخصياتها الكبرى. فهي لا تحتاج إلى مصالحات.
 
ما قام به الرئيس الباجي قايد السبسي من محاولة للإصلاح بين اليوسفيين والبورقيبيين هو جزء من هذا. المطلوب توسيع مجال المصالحات حتى تصل إلى العائلة وتصل إلى التصالح بين مناطق وبين جهات؛ فبلادنا يجب أن  يكون لها هذا الفكر الوسطي الإدماجي مقابل الخطر الذي يمثله فكر التشدد وفكر الإقصاء ورفض الآخرين. فقبول الحجاب في المجتمع التونسي هو مظهر من مظاهر التطور الإيجابي والقبول بفكرة تونس المتعددة، تونس المتسامحة  وتونس المتصالحة. مثلا لقد قبلت النهضة مجلة الأحوال الشخصية، وهذا مظهر من مظاهر السير نحو الاندماج في هذا المجتمع؛ بينما كانت تنتقد أجزاء كثيرة منها أو بعض أجزائها في مراحل سابقة. معنى ذلك أن المجتمع التونسي يسير نحو إدماج قواه الرئيسية ورفض وتهميش من يرفض الوسط، من يرفض الاندماج والتعايش.
 

كيف تنظرون إلى قضيّة عودة المقاتلين التونسيين من بؤر التوتر؟

هذه قنبلة موقوتة وتحد كبير للديمقراطية التونسية. كيف يمكن أن تعالج هذه الهوامش؟ هي من المواريث؛ وهذا التيار ليس من مواليد الثورة، إنما هو إرث لما قبلها. هذا جزء من حصاد الدكتاتورية التي اعتمدت مبدأ الإقصاء للآخر. عندما كانت النهضة في الساحة لم يكن لهؤلاء وجود. متى وجدوا؟ وجدوا عندما ساد وتحكم في البلاد فكر الإقصاء وأغلقت كل مجالات التدين، حين أصبحت أبسط مظاهر التدين تتهم بالتطرف والأصولية كالصلاة والحجاب وما إلى ذلك؛ ومكن تمكينا لفكر الإقصاء في التعليم وفي الإعلام وفي السياسة وفي البوليس. وبالتالي نشأت هذه البذور السامة في ظل ذلك الجو المتعفن.
 

لكن هذه الظاهرة تنامت  بعد 14 جانفي 2011؟

تنامت هذه الظاهرة بوجود بيئة عربية مناسبة. لو لم تكن هناك ساحات في العراق وفي افغانستان وفي ليبيا وفي غيرها، لتمت محاصرة هذه الظاهرة بعد الثورة. وفي تقديري، مخطئ من يظن أنّ هذا التيار يمكن القضاء عليه بالوسائل الأمنية فقط؛ لأن هؤلاء يقدمون أنفسهم على أنهم أهل علم وأهل إيديولوجيا وأنهم يعملون في سبيل مثل عليا. ما لم تقع منازلتهم على هذه الساحة وعلى هذه الأرضية وإقناعهم بزيف أدلتهم وزيف تدينهم، فسوف يستمرون وسوف تتحول سجوننا إلى خلايا لتفريخ المزيد منهم.
 
 لماذا نتعامل نحن التونسيون مع هذه الظاهرة وكأنها ظاهرة تونسية بحتة ؟ لماذا لا نتعظ بتجارب الآخرين. لماذا لا تتساءل النخبة التونسية عن عدم انتشار هذه الظاهرة في المغرب مثلا؟ الفقر في المغرب أكثر من الفقر في تونس. حادثة واحدة عرفت في المغرب، هي حادثة الدار البيضاء، ولم تتكرر. وأحد منظريها من المشايخ واعتقد أنّ اسمه الفزازي كان إمام جامع ومنظرا لهذه الظاهرة، وحكم عليه بوصفه منظرا لمجموعة الدار البيضاء وقضى في السجن ثلاث أو أربع سنوات، وتم الحوار معه ثم عفي عنه وأعيد إلى نفس الجامع الذي كان يخطب فيه ، وصلى وراءه الملك محمد السادس. هذه حقيقة دولة تعلم ماذا تفعل. لماذا لم تتفش هذه الظاهرة في المغرب؟ لأنه ليس من اليسير أن تقنع الشباب في المغرب بأن الدولة هناك دولة كافرة، أو دولة لا تحترم الإسلام؛ لأن رموز الدين كلها حاضرة هناك حول الملك الذي أحاط نفسه بأطواق من العلماء ومدارس وجامعات ونخبة. لأن العلماء هناك ذهبوا إلى السجون وحاوروا هؤلاء الشباب وفندوا أدلتهم وطهروهم من جراثيم التطرف.
 
من سيحاور هؤلاء عندنا ؟ ما هي الطبقة العلمائية التي لنا في تونس؛ هناك تصحر للحياة الدينية في تونس ولم يعد لنا علماء. الشيخ مختار السلامي يقول انقطع السند العلمي في تونس؛ لم يعد هناك استمرارية للمدرسة العلمائية منذ القضاء على جامع الزيتونة. لذلك الظاهرة الإرهابية في تونس هي تفريخ أو منتوج لإقصاء العامل الديني كمقوم أساسي من مقومات نهضتنا وتراثنا.

كثر الحديث هذه الأيّام عن مشروع المصالحة الوطنية، و طرحتم مبادرة «العفو الشامل»، هناك من يعتبر هذا المشروع بمثابة صفقة.

كثر الحديث في تونس عن الصفقات وكأن السياسة كلها صفقات؛ في الواقع ليس هناك شيء من ذلك. تونس تحتاج إلى مصالحات شاملة. الذي حصل حتى الآن محاولات لمصالحات جزئية ومنفصل بعضها عن بعض. هناك قانون العفو التشريعي العام الذي فعلت منه أجزاء وبقيت أجزاء لم تفعل؛ هنالك العدالة الانتقالية التي تشرف عليها هيأة الحقيقة والكرامة وأمامها 38 ألف ملف، وقد استهلكت تقريبا نصف الوقت المخول لها. وهناك مشروع المصالحة الاقتصادية التي طرحها رئيس الجمهورية، وأيضا الهيأة الوطنية لمقاومة الفساد.
تحتاج البلاد إلى مشروع يشمل كل هذه الفروع ويعاملها بمنظور واحد؛ ونحن نحتاج إلى مصالحة شاملة تستوعب هذه الفروع وتقوم بمداواة كل الجراح العميقة في الكيان التونسي؛ وبالتالي نحن نحتاج إلى مزيد من استيعاب الانكسارات الموجودة في المجتمع التونسي لنشملها بنظرة واحدة. نحن بصدد التفكير في هذا الموضوع، وكيف نستطيع أن ننتج منظورا شاملا لهذه الفروع المتعددة والتي تعمل بانفصال بعضها عن بعض.

لكن ألّا يتطلّب مشروع المصالحة هذا مشهدا سياسيا من نوع آخر تكون فيه الدولة طرفا وليست الطرف الرئيسي؟

الحاصل في تونس في أعقاب الثورة  يماثل ما يقع بعد زلزال. لأن الثورة كانت بمثابة زلزال؛ والزلازل تطيح بتضاريس، هناك أحزاب ما قبل الثورة ذهبت تقريبا، وتخرج تضاريس جديدة. والتضاريس الجديدة تبقى أيضا في حالة سيلان وفي حالة حركة تبحث عن مستقراتها. لذلك لا عجب أن تتشكل أحزاب كبيرة في أيام معدودة؛ حزب كبير يملأ الساحة ثم تراه بعد قليل ينفرط، جزء منه يذهب في هذا الاتجاه والآخر في اتجاه آخر. بحيث الأرضية لا تزال متحركة.
في هذه الأرضية، تبدو النهضة هي القطعة أصلا في هذا المشهد وفي هذه التضاريس الجديدة لتونس، وهي الأكثر تماسكا؛ والكيانات الأخرى تحدد نفسها في علاقة مع النهضة. واحد يعرف نفسه على أنّه مستعد للتعايش مع النهضة، والآخر يعرف نفسه على أنّها الشيطان الرجيم وأنها العدو. ولكنهم كلهم يحددون هويتهم في علاقة مع النهضة وليس في استقلال عنها. مما يدل على أنّ النهضة هي الكيان الرئيسي في هذا المشهد الجديد بعد الثورة؛ لأنه كيان لم تأت به الثورة؛ بل كان موجودا قبلها وناضل من أجلها.
 
والمصالحة المطلوبة هي مصالحة مع الجميع، مصالحة لا تقصي أحدا، بقطع النظر عن منطلق هويته الفكرية. المطلوب هو التأسيس لمبدإ المواطنة الذي لا يقصي أحدا إلا من أقصى نفسه؛ وفي كل ديمقراطية هنالك وسط يتداول على السلطة وهنالك هوامش؛ هناك أقصى يمين وأقصى يسار، أي هوامش، لأنها لا تندمج في الوسط وبالتالي تظل قائمة ولكنها لا تقدر أن تحكم لأنها غير قادرة على إيجاد توليفات وتوفيقات.

هل ستتحالف النهضة والنداء في الانتخابات البلدية القادمة؟ 

هذا ممكن من الناحية المبدئية، لكن من الناحية الواقعية لا النداء طرح هذا الموضوع، ولا نحن طرحنا استراتيجيتنا الانتخابية : مع من سنتحالف؟ هل سنتعاون ميدانيا مع أحزاب مختلفة أم سيكون هناك تحالف؟ غالبا ما الأحزاب الكبرى مثل النهضة، تدخل الانتخابات بصفة منفردة. والنداء ربما سيدخل الانتخابات منفردا أيضا؛ وربما سيحصل تعاون في مناطق محددة؛ عندما يشعر حزب أنّه ضعيف في منطقة، ربما سيتعاون مع حزب قوي فيها والعكس بالعكس.

كيف نفعّل في محيطنا مسألة الإدماج التي أشرتهم إليها ونؤسس لها فكريا، لأنّ الفكر الإسلامي الغالب اليوم هو فكر إقصاء؟

هناك تياران يتصارعان ليس على المستوى التونسي فقط بل على المستوى العربي: تيار الإدماج وتيار الرفض والإقصاء.يبدأ الرفض والإقصاء بالفكر وينتهي بالحرب الأهلية. كما تقول العرب  «الحرب أولها كلام» ؛ وما من حرب إلا وسبقها فكر حربي وفكر إقصائي، يقصي الآخر بالكلام ثم يقصيه بعد ذلك بمحاولة إلغائه وإعدامه والقضاء عليه؛ وهو يجهل أن العملية لن تنتهي عند القضاء عليه بل هي مثل العملية السرطانية التي تستمر في عملها وتضرب عضوا ثم تضرب عضوا آخر، لذلك جماعات العنف في آخر الأمر تأكل بعضها بعضا ولا ينتهي الأمر عند حد معين.
لذلك تستحق هذه المعركة أن تخاض، معركة ضد فكر الاستئصال والإقصاء، لأنه فكر مدمر ولا يمكن أن تقوم الحضارة إلا على التعدد. للأسف اليوم في العراق مثلا، يرث العراقيون بيئة متعددة، حتى تخال العراق اليوم كأنه متحف تاريخي للديانات. هناك ديانات لا توجد خارج العراق، وهي فرق دينية صغيرة طردت من الكنائس الكبرى لأنها دلالة على أنه كانت توجد في العراق حضارة عريقة استقطبت كل الكيانات المضطهدة التي وجدت ملجأ لها في بغداد. هناك صنعت الحضارة. فالحضارة لا تنفصل عن التعدد وعن قبول الخلاف. الآن تمارس في العراق حروب طاحنة واستئصالية لأنّ البلد خرج من الحضارة وغرق في التخلف وفي حروب أهلية قائمة على الإقصاء. كل يريد إقصاء الآخر. ليس هناك من حل ومن مخرج إلا نشر فكر الوسطية والاعتدال والتعدد والقبول بالآخر. لا بد من إدماج كل المكونات الوطنية باعتبارها جزءا، مثل الحديقة التي تغتني بتعدد ألوان زهورها.
 
هذا الفكر، فكر التعدد والاختلاف والفكر الإدماجي ليس في انحسار. ونستطيع أن نقول إنّ التيار الذي نمثله يتسع مجال قبوله في العالم العربي. مثلا لا ينكر أهل حزب العدالة والتنمية في المغرب أنهم تأثروا بالفكرة الإسلامية في تونس وبالنمط الإسلامي التونسي . وكذلك التيار الوسطي في الجزائر، وأيضا في موريتانيا حيث يعتبر التيار الوسطي الإسلامي نفسه امتدادا للمدرسة الوسطية التونسية. في ليبيا أيضا التيار الذي يمثله اليوم حزب العدالة والبناء هو تيار قريب من المدرسة التونسية الوسطية. فهذه المدرسة تمثل اليوم نموذجا في الفكر الإسلامي، هو البديل عن «داعش» والبديل عن رؤية الإرهاب والتشدد. ويخطئ من يظن أنّ الإرهاب يمكن القضاء عليه بالوسائل الأمنية فقط، بينما الإرهاب هو التجلي الأكبر للفكر الإقصائي. ولكن تقابله أيضا مدارس إقصائية أخرى. والحل يكمن في تعميق وفي بسط الفكر الوسطي الإدماجي الذي يقبل بمبدإ المواطنة للجميع.

كيف ترون العلاقات مع الجزائر وليبيا؟

العلاقات مع الجزائر متميزة. نحن نعتبر الجزائر الشقيقة الكبرى التي لا تتسع العلاقة فيها إلا إلى أن تكون علاقة استراتيجية. فأمن تونس من أمن الجزائر وأمن الجزائر من أمن تونس؛ ولا نتخيل مستقبلا لتونس بعيدا عن الجزائر وليبيا؛ فهما عمقنا وامتدادنا الأول ومستقبلنا ؛ بقطع النظر عمن يحكم هذين البلدين. وبالتالي ينبغي أن تكون علاقتنا بهما استراتيجية؛ إلى أن يقع قطر تحت الاستعمار هذا أمر آخر. استغربت ولم يعجبني أن يسبقنا أحد إلى ليبيا. لم لا يكون وزير خارجية تونس هو أول من يأتي إلى ليبيا؟ وأنا كنت نبهت إلى هذا الأمر؛ وقد تداركه رئيس حكومتنا وقام بزيارة مهمة. ينبغي علينا أن نعتبر ليبيا شأنا تونسيا ؛ وكذلك الأمر بالنسبة إلى الجزائر. 

هل مازالت النهضة متمسكة بالنموذج التركي؟

نحن متمسكون بالنموذج التونسي ونستفيد من كل النماذج الأخرى، وكل بلد له ظروفه الخاصة. وتركيا تاريخها له خصوصياته مثل علاقة الجيش بالحكم، ونستفيد منها. هذه تجربة رائدة لا شك، نقلت تركيا خلال عشر سنوات من رقم 80 إلى رقم 17 في ترتيب الدول في العالم؛ دولة ليس لها لا بترول ولا ذهب؛ فهي تجربة حرية بأن تدرس. غير أنه ليس المطلوب نسخ أو استنساخ هذه التجربة. نحن لنا تجربة تونسية تريد أن تستفيد من كل تجارب التنمية في العالم: تجارب تركيا وكوريا وماليزيا وأندونيسيا وسنغافورة.

ما رأيكم في التجربة الإيرانية؟ 

التجربة الإيرانية لها هي أيضا خصوصياتها، لها نجاحاتها ولها إخفاقاتها.

هل يمكن الاستفادة منها؟

يمكن بالتأكيد؛ قدرتهم على تحقيق استقلالهم، بما في ذلك استقلال التطور العلمي. هذه تجربة رائدة في هذا الجانب.

كيف تنظرون إلى الصراع بين السعودية وبلدان الخليج من جهة وإيران من جهة أخرى؟ 

بلدان الخليج تشعر بالخطر، خطر التمدد والهيمنة الإيرانية. إيران دولة اقليمية عظمى، وككل دولة كبرى لها طموحات للتوسع والتمدد؛ وهذه الدول تخشى ذلك، ومن حقها أن تخشى دفاعا عن نفسها. تقديرنا أن التمدد الإيراني في المنطقة يمثل خطرا على السلم فيها، ولا يمثل في النهاية حتى مصلحة إيران؛ لأنه يحيي ويؤجج النزاعات الطائفية، بما ينتهي إلى حروب طائفية مدمرة في المنطقة. رهان إيران على احتواء العراق ودعم حكومة طائفية فيه، وأيضا رهان إيران على دعم الحوثيين في اليمن والوقوف وقفة مصيرية مع نظام دكتاتوري متوحش في سوريا؛ هذه سياسات لا تؤدي إلا إلى حروب طائفية في المنطقة. « داعش» هي ثمرة من ثمار هذه السياسة الطائفية. زمن نظام صدام حسين لم تكن هناك لا «القاعدة» ولا «داعش». متى وجدت القاعدة وداعش في العراق؟ عندما شعرت العشائر السنية في العراق بهيمنة الطائفة الشيعية على الحكم وعلى الثروة؛ فارتمت في أحضان القاعدة أو « داعش» التي قدمت نفسها على أنها المدافع عن السنة. لولا تلك الحاضنة السنية لما كانت «داعش» ولما كان هذا البلاء في العالم كله.
 
 نفس الشيء بالنسبة  إلى سوريا. سوريا عاصمة سنية تاريخية، كيف يضطهد فيها السنة وتتم فيها عمليات تشيع؟  أنا درست في دمشق. ما كنت تشعر في دمشق بمناخات ذات صبغة شيعية. الآن تصطبغ دمشق بصبغة شيعية. هذا يثير السكان الأصليين . هذه عاصمة سنية تاريخية وأصبح أهلها يشعرون بالاغتراب. وهذا يدفعهم إلى «النصرة» وإلى «داعش»وإلى «القاعدة»، إلى أي جهة تقدم نفسها على أنها المنقذ. وما هي بالمنقذ في الحقيقة. أنا متيقن أن السياسة الإيرانية في المنطقة ليس من شأنها إلا ان تقود إلى حروب طائفية.

ما تعليقكم على التمدد الشيعي في تونس وشمال أفريقيا؟

هناك نوع من التمدد الطائفي الشيعي في تونس وفي شمال افريقيا ونحن لسنا معه. لسنا مع تكفير الشيعة، ولكن لسنا مع الدعوة الطائفية داخل الأمة ومحاولات اختراق المجتمعات السنية بمد طائفي شيعي، أو العكس؛ أنا لست مع « التسنن» داخل الأوساط الشيعية. الأمة استقرت على تقسيم طائفي محدد لا مصلحة لأحد في تغييره اليوم. من رام توسيع مذهبه وطائفته فالعالم فسيح. بين كل خمسة بشر في العالم، واحد منهم مسلم. من رام توسيع مذهبه ففي اليابان وفي الصين وفي كوريا وفي أمركا اللاتينية متسع. لماذا يأتينا إلى تونس ليفتننا وينقلنا من مذهب إلى مذهب؟ أشبّه دار إسلامنا بجملة من الغرف المتعايشة؛ فلماذ نبذل جهدا لنخرج هذا من غرفة ولندخله الغرفة المجاورة، بينما هناك متسع لكي تأتي بآخرين من خارج الدار، أن تأتي بهم إلى غرفتك؟
الدعوة الطائفية هي نوع من العبث؛ بل نصل إلى القول بأنها نوع من شر الفتنة في الحقيقة. في تونس وفي شمال أفريقيا سالت دماء غزيرة في صراعات طائفية خلال حكم الفاطميين. فلماذا نبذر بذورا ستنتهي بنا إلى ما انتهت به سابقا؟ لذلك نقول إن نشر مذهب طائفي وسط طائفة أخرى هو نوع من الفتنة التي تأسس لهدر الدماء في المستقبل.
د.احميدة النيفر - عبدالحفيظ الهرقام

 

 

لقراءة المزيد

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.