أخبار - 2016.03.18

جـان‭ ‬دانيال: استقـلال‭ ‬تـونـس‭...‬بـورقيبـة‭ ‬ومنداس‭ ‬و‭...‬حديث‭ ‬الذكريات

جـــــان‭ ‬دانيـــال: استقـــلال‭ ‬تـونـس‭...‬بـورقيبـــة‭ ‬ومنداس‭ ‬و‭...‬حديث‭ ‬الذكريات

في حديث خَصّ به مجلة ليدرز، يدلي الكاتب والصحفي الفرنسي جان دانيال، مؤسس الأسبوعية الفرنسية «نوفال اوبسرفاتور» بشهادته حول المراحل المختلفة التي أفضت الى تحرر البلاد التونسية من ربقة الاستعمار الفرنسي.

كان جان دانيال في بداية الخمسينات من القـرن الماضي صديقا لبيار منداس فرانس، رئيس الحكومة الفرنسية وقـتئذ، وقريبا من الزعيم الحبيب بورقيبة، فأمكن له مواكبة معظم الأطوار التي حفت باللقاء الذي تم بين الرجلين في صائفة سنة 1954 بتونس، وما حصل بينهما من تفاهم واتفاق حينها، بما أتاح لتونس إمكانية نيل الاستقلال على نحو سلمي تقريبا.

في حديث الذكريات هـذا، جان دانيال يدلي بارتسامات وخـواطر حول لقاءاته ببعض الوجوه السياسية والنقابية التونسية التي تعَرَّف عليها واقترب منها. لنستمع إليه إذًا وهو يستجلي بعضا من ذكرياتِ لقاءات جمعتْهُ في بداية خمسينات القرن الماضي بعدد من أبرز زعامات الحركة الوطنية التي كانت تخوض كفاحا مريرا من أجل الاستقلال والتحرر:

الزعيم الحبيب بورقيبة

«... بداية لقاءاتنا تعود إلى الخمسينات حينما كان بورقيبة يتردّد على باريس قبل إيقافه وإبعاده إلى جزيرة جالطة (ماي 1952)... كنت وقتذاك صحفيا شابا... كنت أراه لأول مّرة فأبهرني وأسرني... حين تجلسُ إليه، يُثبِّتُ فيك النظر بملء عينيه الزرقاوين الفولاذيتين، ويتحدث إليك من جوارحه في سعي إلى إقناعك ... ما ينطبع في ذهنك وأنت تستمع إليه، هو حِسُّه السياسي المُرهف... دأْبُهُ  أن يُبْهِر مخاطبيه، ليأخذهم في نهاية المطاف إلى مائدة المفاوضات... شخصية بورقيبة لم تكن كلها محاسن وإيجابيات... كان مستبدا نَـيِّرًا؛ ولم يكن ديمقراطيا... وفي النهاية أصبح لعبة تحركها أيادي بعضٍ من المقربين... لكنه كان مع ذلك داعية حريّة لا تلين له قناة .. حرّر البلاد وحرّر المرأة والشباب وحرّر العمال عن طريق العمل النقابي ... كان يعتقد أنه يمثّل الحريّة كما لا يمكن أن يمثّلها أحد غيره، الحريّة إزاء الهيمنة الاستعمارية، والحريّة إزاء التقاليد والعادات البالية والمعتقدات الضارة التي كانت تكبل عـقول التونسيين...».

الزعيم النقابي فرحات حشاد

«... لم تُتَحْ لي فرصة الاجتماع به إلا مرّة واحدة، فترك في نفسي انطباعا قويا جدا... أدركْتُ للوهلة الأولى أنّه رجل حليم عطوف، لا يجد الحقد إلى نفسه منفذا ... كان مناضلا ومكافحا بحق؛ لا يطلق الوعود جُزافا... مثل هذه الخصال قرّبتْه من بورقيبة ... لقد خاضت الجبهة القومية التي يمثلها الحزب الدستوري الجديد والجبهة النقابية بزعامة حشاد نضالا مشتركا مهّد إلى الاستقلال والتحرّر...».

 

الزعيم صالح بن يوسف

«... التقـيته ذات مَرَّة، وكان يتأهب للسفر إلى باندونغ بإندونيسيا لحضور قمة عدم الانحياز (أفريل 1955). كان بن يوسف في ذلك الوقت خصما لبورقيبة، يدعو إلى الرّكون إلى العنف في مواجهة المستعمر، وكان على معرفة جيدة بالسياسة الفرنسية وعلى اطلاع دقيق بمواقف أصحاب القـرار في فرنسا وتوجهاتهم وحتى هواجسهم وميولهم، لا تفوته شاردة ولا واردة... كما كان على يقين بأنّ التفاوض مع فرنسا ميسور تماما بالرغم من كل الممانعات الفجة والمعاكسات التي تعرض إليها في مسيرته النضالية...»

وفي حديث الذكريات هذا، يتوقف جان دانيال مطوّلا عند العلاقة التي كانت تجمع بين الحبيــب بورقيبة ورئيس الحكومة الفرنسية بيار منداس فرانس، وما كان بين الرجلين من وشائج وقيم مشتركة تتعلّق بالفكر السياسي على وجه الخصوص، وما كان لذلك من أثر في تسريع سير المفاوضات التونسية الفرنسية التي تكلّلت  بالاعتراف بحق تونس في التحرر والاستقلال.

وماذا عن تونس ما بعد الثورة؟

يرى جان دانيال أنّ تونس تعيش وضعا صعبا جدا زادته تعقيدا بعض التفاعلات ذات الصِّلة بالعولمة والأسلمة، وأنّها مجبرة على التعايش مع التيار الإسلامي وأنّ النهضة قد تبقى بهذا المعنى ماسكة بمفتاح المستقبل، ويضيف أنّ راشد الغنوشي قد عدَّل موقفه وتخلص من عباءة الدّغمائي والجزمي وحَوَّلَ وجهته إلى البراغماتية والواقعية.

أجرى الحوار سامي غربال

ترجمة: يوسف قدية 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.