أخبار - 2016.02.17

رحيل هرم الصحافة محمد حسنين هيكل

رحيل هرم الصحافة محمد حسنين هيكل

برحيل محمّد حسنين هيكل عن عمر يناهز 93 عاما فقدت الساحة الإعلامية العربيّة والدولية واحدا من أعلامها البارزين،الذين طبعوا ببصمات لاتمّحي مجال الصحافة في مصر وخارجها.

أطلقوا عليه عدة أسماء مثل "كاتب السلطة" و"صديق الحكام" و"صانع الرؤساء" و"مؤرخ تاريخ مصر الحديث" و"الأقرب" للرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، إلا أنّ "الصحافي" ظل اللقب الذي يفضله و"الكاتب" ظل التوصيف المحبب لديه، و"المفكر" ظلت الكلمة التي تجذبه لكي يروي ويسرد ما لديه من معلومات وتحاليل.

المولد والنشأة

ولد محمد حسنين هيكل في عام 1923 في حي الحسين، جنوب القاهرة، لأب من جذور صعيدية وتحديدا مركز ديروط بمحافظة أسيوط حيث كان يعمل تاجرا للحبوب، وكان يرغب في أن يصبح ابنه طبيبا، لكن الأقدار اختارت له طريقا آخر وهو الصحافة، ونظرا لظروفه المادية الصعبة التحق هيكل بمدرسة التجارة المتوسطة، قبل أن  يواصل دراسته في القسم الأوروبي بالجامعة الأميركية، وخلالها كانت النقلة التي غيرت مجرى حياته.
تعرف هيكل خلال تلك الفترة على سكوت واطسون الصحافي المعروف بجريدة "الإيجيبشان جازيت"، وهي صحيفة مصرية تصدر باللغة الأنقليزيّة ، ونجح واطسون في إلحاق هيكل بالجريدة في 8 فيفري 1942 كصحفي متربّص، في عزّ الحرب العالمية الثانية، وكان دور هيكل ترجمة ما تنقله وسائل الإعلام الأجنبية عنها.

علامات النبوغ

ويقول موقع العربية عن بدايات حسنين هيكل في عالم الصحافة:

"حقق هيكل أول خبطة صحافية في حياته في تلك الجريدة وكانت خاصة بفتيات الليل، إذ حدث في تلك الفترة أن أصدر عبدالحميد حقي وزير الشؤون الاجتماعية وقتها قراراً بإلغاء البغاء رسمياً في مصر، وكان سبب هذا القرار إصابة عدد من جنود الحلفاء بالأمراض التي انتقلت إليهم من فتيات الليل، فكان أن اتفق الإنجليز وحكومة الوفد على إصدار القرار الذي أثار الجنود، كما أثار فتيات الليل وتم تكليف هيكل بلقاء فتيات الليل حيث حصل منهن على معلومات خطيرة هزت الرأى العام وقتها.

وبعد نجاح هيكل في تلك المهمة، كانت النقلة الأهم في حياته حين وقع عليه الاختيار ليذهب إلى العلمين ليغطي وقائع الحرب العالمية الدائرة هناك وبعدها سافر ليغطي الحرب في مالطا، ثم إلى باريس التي التقي فيها بالسيدة فاطمة اليوسف صاحبة مجلة "روز اليوسف"، والتي قررت أن تضم الصحافي الموهوب إلى مجلتها، ليصبح هيكل في عام 1944 صحافياً في مجلة "روز اليوسف"، وهناك تعرف على محمد التابعي، لينتقل معه إلى صفحات "آخر ساعة"."

وبرز هيكل في تلك الصحيفة التي كان يديرها التوأم مصطفى وعلى أمين بتقارير عن "خط الصعيد"، وفي سنة  1947 جلب له الاهتمام بتحقيق عن قرية "القرين" التي لم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب منها نظرا لتفشي داء الكوليرا فيها، فنال  الصحافي الشاب "جائزة فاروق"، أرفع الجوائز الصحافية بمصر في ذلك الوقت.

وانتقل هيكل بعد ذلك للعمل بجريدة "أخبار اليوم" مع التوأم على ومصطفى أمين ، فتميّز بتغطيته لأحداث كبرى كحرب فلسطين والانقلابات في سوريا وثورة محمد مصدق في إيران واغتيال الملك عبد الله في القدس واغتيال رياض الصلح في عمان واغتيال حسني الزعيم في دمشق.

وفي 18 جوان 1952، أصبح رئيس تحرير مجلة "آخر ساعة"، ولم يكن تجاوز التاسعة والعشرين من عمره.

هيكل وعبدالناصر

وبعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، كان هيكل أكثر الصحافيين قربا من الرئيس جمال عبدالناصر، ووصلت العلاقة بينهما إلى ما يشبه الصداقة الحميمية التي مكنته من الاقتراب من دوائر صنع القرار في مصر والعالم العربي. وازدادت العلاقة قربا بينه وبين جمال عبدالناصر ليصبح هيكل بعد فترة المتحدث الرسمي باسم "حركة الضباط الأحرار".
وفي الفترة من 1956 إلى 1957، عرض عليه مجلس إدارة "الأهرام" رئاسة مجلسها ورئاسة تحريرها معا، واعتذر في المرة الأولى، ثم قبل في المرة الثانية، وظل رئيسا لتحرير جريدة "الأهرام" حتى عام 1974.

عيّن وزيرا للإرشاد (الإعلام)  قبيل وفاة عبدالناصر، وحين اشتُرط ألا يجمع بين الوزارة وبين "الأهرام" تركها بمجرد وفاة عبدالناصر، ورفض بعد ذلك أي منصب مهما كان كبيرا طالما سيبعده عن الصحيفة.

هيكل زمن السادات

وبعد وفاة ناصر وتولي محمد أنور السادات حكم مصر، وقف هيكل بجانب الرئيس الجديد للتغلب على مراكز القوى، وبعد حرب أكتوبر ولخلافات بينه وبين السادات حول تداعياتها ومباحثات فض الاشتباك، خرج هيكل بقرار رئاسي من "الأهرام" عام 1974، وبعدها اتجه لتأليف الكتب ومحاورة زعماء العالم.
ونتيجة لكتبه التي كان ينتقد فيها سياسات السادات اعتقله الرئيس الراحل ضمن اعتقالات سبتمبر 1981، وخرج  من السجن بقرار من الرئيس حسني مبارك وبعدها اعتكف هيكل وإن واصل إنتاج الكتب والمؤلفات التي ترجمت إلى عديد اللغات.

هيكل الكاتب والمحلّل السياسي

وصدرت لهيكل عشرات الكتب والمراجع السياسية أبرزها "خريف الغضب" و"عودة آية الله" و"حرب الثلاثين سنة" و"المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل" و"ملفات السويس" و"لمصر لا لعبد الناصر" و"العروش والجيوش".

وفي السنوات الأخيرة ، ظهر هيكل محلّا سياسيّا في قنوات تلفزية مصريّة وعربيّة.

وقد زار محمّد حسنين هيكل  تونس عدة مرات و ألقى في بداية السبعينيات محاضرة أمام طلبة معهد الصحافة وعلوم الأخبار.-

هيكل.. أسرار الوهج والبقاء

وقد نشرت صحيفة "الأهرام" منذ أشهر ملفّا عن محمد حسنين هيكل، بمناسبة عيد ميلاده الـ 93، بعنوان “هيكل.. أسرار الوهج والبقاء” ضم مقالات كتاب مقربين منه أمثال صلاح منتصر، وفاروق جويدة،  وأمينة شفيق، وعزت السعدني، ومكرم محمد أحمد، وسناء البيسي، وآخرين.

وكتب صلاح منتصر مقالا بعنوان “حكايات مع الأستاذ وعن الأستاذ” جاء فيه قوله: “كان من عادة الأستاذ أن يعقد اجتماعا يوميا للدسك المركزي  للأهرام في نحو الساعة الخامسة مساء، نخصصه لمناقشة موضوعات الصفحة الأولى، وكنا في بعض الأيام نواجه قحطا في اختيار الموضوع الرئيسي “المانشيت”، فيدخل الأستاذ، ويسأل:  عندكم إيه؟ ونرد بأننا مفلسون، ونتبادل الاقتراحات التي تحاول  بعث الحياة في خبر لا يستحق، ثم بعد أن يصيبنا اليأس، يمد الأستاذ أصابعه في الورق الذي حمله معه الى الاجتماع، ويخرج ورقة واحدة كتبها بخطه، يضعها أمامنا متسائلا: إيه رأيكم في الخبر ده؟ ينفع؟ ونكاد نشهق إعجابا من تأثير الخبر الذي يصبح في اليوم التالي حديث مصر كلها، وتنقله وكالات الأنباء”.

اقرأ المزيد

Heikal, mémoire vivante du monde arabe

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.