اصدارات - 2016.02.08

عن بيت الحكمة: ثلاث رسائل أندلسية في الطاعون الجارف

عن بيت الحكمة: ثلاث رسائل أندلسية في الطاعون الجارف
من أحدث ما صدر عن المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون (بيت الحكمة)، في " سلسلة التاريخ" ، كتاب تضمن " ثلاث رسائل أندلسية في الطاعون الجارف"، حققها الدكتور محمد حسن، الأستاذ بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس.
الطاعون الجارف من ابن خلدون إلى ابن بطوطة، هذه الرسائل هي لثلاثة أطباء يجمع بينهم انتماؤهم للأندلس ولنفس الفترة الزمنية، وهي التي حدث فيها الطاعون الجارف بشبه الجزيرة الأيبيرية، أي عامي 749-750 هـ (الموافق 1348-1349م) و" الطاعون الجارف" ، المعروف   أيضا بـ " الطاعون الأسود"، هو وباء يرجح أنه انتقل فيما بين 747 و754 هـ (1346-1353م) من الصين إلى آسيا الوسطى، ومنها إلى   أوروبا وجنوب البحر الأبيض المتوسط، وفتك بحوالي خمسين مليون من البشر بين أوروبا وآسيا وحدهما.
وقد ورد ذكر الطاعون الجارف في السيرة الذاتية لعبد الرحمان ابن خلدون (732-808 هـ/1332-1406م) ، المعروفة بـ " التعريف بابن خلدون ورحلته غربا وشرقا"، حيث أشار إلى أن هذا الوباء حل بتونس عام (749 هـ/1348 م)، و" ذهب بالأعيان والصدور وجميع المشيخة، وهلك أبواي ، رحمهما الله "، كما "طوى كثيرا من محاسن العمران ومحاها، حتى خلت الديار والمنازل، وضعفت الدول والقبائل".  
كذلك كان الرحالة المغربي الكبير محمد ابن بطوطة شاهدا على تفشي الطاعون الجارف في المشرق العربي، وذلك عندما كان على طريق العودة من الصين، في اتجاه المغرب، سنة (749هـ/1348م) . ويذكر ابن بطوطة أن ضحايا هذا الوباء بالشام وفلسطين ومصر كان بالآلاف، وأنه سمع، لما كان بحلب (سوريا)، أن عدد الموتى في غزة (فلسطين) بسبب الطاعون الأسود انتهى إلى أكثر من الألف في يوم واحد. وعندما سافر إلى حمص (سوريا) وجد الوباء قد وقع فيها كذلك ، ومات يوم دخوله إليها نحو ثلاثمائة من سكانها.وفي القاهرة،  بلغه أن عدد الموتى أيام الوباء انتهى فيها إلى واحد وعشرين ألفا في اليوم.  

نوافذ على المصطلح الطبي

أما الرسائل التي حققها الأستاذ محمد حسن والمتعلقة بالطاعون الجارف فهي على التوالي :
  • " مقنعة السائل عن المرض العائل"، للسان الدين بن الخطيب (المتوفى عام 776هـ) ، الأديب والمؤرخ والوزير المعروف، وهو كذلك طبيب وجغرافي وفقيه، وقد وضع هذه الرسالة سنة (749 هـ / 1348م) .
  • " تحصيل غرض القاصد في تفصيل المرض الوافد"، لأحمد بن خاتمة الأنصاري ( المتوفى عام 770 هـ/1369 م)، وهو طبيب ومؤرخ وأديب من أهل ألمرية بالأندلس. وقد تناول  في هذه الرسالة موضوع الأوبئة بصفة عامة، أسبابها ونتائجها، وركز بالخصوص على ما حصل بألمرية في 749-750هـ /1348-1349 م من سرعة انتشار الطاعون الأسود بالمدينة.
  •  "النصيحة"، لأبي عبد الله محمد بن علي الشقوري (727-بعد 776هـ/1326- بعد1374م) ، وهو طبيب ينسب إلى مدينة شقورة بالأندلس. ومن أهم مؤلفاته في صناعة الطب" تحفة المتوسل وراحة المتأمل".
وقدم المحقق كتابه بتناول موضوع النظرة إلى الوباء في مصنفات العصر الوسيط بالأندلس. كما توقف عند المادة الطبية  للرسائل، ثم حلل موقف الفقهاء من الوباء، وبهذا الموقف ترتبط أساليب مكافحته بشريا وماديا في ذلك الوقت.
وذيل الدكتور محمد حسن كتابه بفهارس متنوعة، يذكر منها على وجه الخصوص الفهارس المتعلقة بالأدوية، وهي مفيدة لما تتيحه من المصطلحات الطبية المستعملة في تلك الفترة.
وتكمن أهمية هذا الكتاب في محتواه التاريخي والطبي دون شك، وكذلك في فتحه نوافذ على اللغة الطبية يمكن أن تفيد الباحثين في مجال المصطلح وتطوره .
ويجدر التذكير في هذا السياق بأن مؤسسة " بيت الحكمة" كانت قد أصدرت، عام 1993 ، رسالة طبية حول "الكينين"، للمؤرخ التونسي والطبيب بالهواية حسين خوجة (1666-1733م)، عنوانها "الأسرار الكمينة بأحوال الكينة كينة".
 عادل الأحمر
 

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.