أخبار - 2016.02.01

اختتام القمّة السادسة والعشرين للاتحاد الأفريقي

اختتام  القمّة السادسة والعشرين للاتحاد الأفريقي

أديس أبابا، من مبعوث ليدرز الخاصّ عبدالحفيظ الهرقام - اختتمت ظهر يوم الأحد بأديس أبابا القمّة السادسة والعشرون للاتحاد الأفريقي التي طغت على مداولاتها مسائل الأمن والسلم وتصاعد مخاطر الإرهاب في القارّة والموقف من المحكمة الجنائية الدوليّة ومصادر تمويل الأجندة 2063 التي تعتبر رؤية وخارطة طريق مشتركتين بالنسبة إلى الخمسين سنة القادمة من أجل بناء "أفريقيا مندمجة ومزدهرة وآمنة يحكمها مواطنوها، وتمثّل قوّة فاعلة في الساحة الدوليّة".

ولم يتمّ تناول الموضوع الأساسي للقمّة وهو "سنة 2016 السنة الأفريقيّة لحقوق الإنسان، مع تركيز خاص على حقوق المرأة" إلّا من خلال خطب رؤساء الوفود ورئيسة المفوضيّة الأفريقيّة ووثائق القمّة التي كانت كلّها تصبّ في اتجاه  تكريس حقوق الانسان وتمكين المرأة والحدّ من الفوارق بين الجنسين. وكان شعار القمّة بمثابة إعلان للأنشطة التي ستقام طوال هذه السنة حول حقوق الانسان وحقوق المرأة في أفريقيا.

مسائل الأمن والسلم

نظر مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الأفريقي في مستوى رؤساء الدول والحكومات في الأوضاع السياسيّة والأمنيّة في عدد من بلدان القارّة ولاسيّما في بورندي وذلك عشية انعقاد القمّة. ويتكوّن المجلس من 15 عضوا منتخبا، من بينهم هذا البلد.

ويسعى الاتحاد الإفريقي منذ أشهر إلى إيجاد تسوية للأزمة في بورندي التي اندلعت إثر تعديل دستوري أجراه الرئيس بيار نكورونزيزا، ممّا مكنه من الفوز بولاية ثالثة. وأزاء أعمال العنف وموجات القمع الدامية التي شهدها بورندي ونزوح قرابة 200 ألف من مواطنيه إلى روندا، كان من بين الحلول المطروحة إرسال قوّة عسكريّة أفريقيّة إلى هذا البلد لفرض الأمن والسلم فيه.لكنّ حكومة بورندي عارضت بشدّة إنشاء هذه القوّة،معتبرة دخولها إلى أراضيها دون موافقتها "غزوا واحتلالا"، على أساس ضرورة احترام مبدإ السيادة الوطنيّة، وهو ما أكّدته لوفد من مجلس الأمن الدولي زار العاصمة بوجمبورا قبل انعقاد القمّة الأفريقيّة والتقى رئيسة المفوضيّة الأفريقيّة لبحث أوجه التعاون بين المنتظم الأممي والاتحاد الأفريقي من أجل تسوية هذه الأزمة، في الوقت الذي يتحدّث فيه معارضون روانديون ووسائل إعلام غربيّة عن وقوع عمليات إبادة جماعيّة وخروقات فظيعة لحقوق الإنسان.
واعتبارا إلى أنّه لم يسبق للاتحاد الأفريقي أن تدخّل عسكريّا في دولة من الدول الأعضاء، دون موافقة سلطاتها، كان على رؤساء الدول والحكومات إيجاد مخرج لهذه الأزمة. وقد نصّ القرار الصادر عن القمّة على إرسال وفد رفيع المستوى لإجراء مشاورات مع حكومة بورندي بشأن دعوتها إلى الحوار مع المعارضة والحصول على موافقتها على إيفاد بعثة السلام الأفريقيّة. وفي صورة موافقتها، فإنّ مهمّة البعثة تتمثّل في تجريد المليشيات من السلاح وتجميع الأسلحة المستخدمة بطريقة غير شرعيّة والتعاون مع قوات الشرطة البورندية لحماية الأهالي وتسهيل عمل نشطاء حقوق الانسان. وأتى القرار بهذه الصيغة نتيجة رفض العديد من الرؤساء إرسال قوّة عسكرية إلى بورندي دون موافقة سلطاته احتراما لسيادته الوطنيّة. وأكّد نائب رئيس جمهورية بورندي أنّه إذا كان الغرض من المشاورات التي سيجريها الوفد رفيع المستوى تشجيع الفرقاء على الدخول في حوار سياسي شامل فإنّ هذه المشاورات ستلقى ترحيبا من سلطات بلاده، غير أنّها ستظلّ متمسكة بموقفها الرافض لانتشار القوة العسكريّة على أراضيها.

وفي الحقيقة فإنّ مهمّة الوفد رفيع المستوى ستكون عبثيّة، إذ أنّ موقف السلطات البورندية معروف مسبقا والمشاورات لا يمكن إلّا أن تتناول  جانبا وحيدا وهو الحوار مع المعارضة.
هل يعدّ هذا القرار انتصارا للرئيس نكورونزيزا؟ عن هذا السؤال ردّ الرئيس التشادي إدريس ديبي، رئيس الاتحاد الأفريقي بالقول إنّ السلطات البورندية ستكون"تحت المراقبة"، في حين حذّر وزير خارجيته بوجمبورا من مغبّة رفض التعاون مع الوفد الأفريقي رفيع المستوى.

تصاعد مخاطر الإرهاب

شكّل تصاعد مخاطر الإرهاب مصدر انشغال القادة الأفارقة، باعتباره "داء جماعيّا" يصيب كلّ البلدان، حتّى تلك التي تبدو غير مستهدفة. وشدّد عديد رؤساء الوفود على تداعيات هذه الظاهرة الكارثيّة على استقرار الدول وأمنها واقتصادياتها، علما وأنّها تفشّت في نيجريا حيث أحرزت سلطاتها نجاحا في مقاومة التنظيم الإرهابي "بوكو حرام"، وفي دول الساحل والصحراء، والصومال ومصر وليبيا وتونس، وفي أماكن أخرى من القارّة.
ودعا عدد من القادة إلى تعزيز التعاون بين البلدان الأفريقيّة لمكافحة هذه الآفة، لاسيّما في مجال الاستخبارات.
وأبرز خميس الجهيناوي وزير الشؤون الخارجيّة الذي مثّل تونس في القمّة مخاطر هذه الظاهرة العابرة للقارات،مذكرا بالأعمال الإرهابيّة التي تعرّضت إليها البلاد.
وأشار إلى أنّ تونس اعتمدت مقاربة عمليّة وشاملة لمقاومة الإرهاب، من خلال السعي إلى اقتلاعه من جذوره وتفكيك شبكاته وتجفيف مصادر تمويله.

الموقف من المحكمة الجنائيّة الدوليّة

أضحت المحكمة الجنائيّة الدوليّة بندا في جدول أعمال القمم الأفريقيّة منذ أن أصدرت هذه الهيأة القضائية قرارها بتتبع الرئيس السوداني عمر البشير الذي كان حاضرا في قمّة أديس أبابا وهو يعلم جيّدا أنّه لن يعيش وضعا حرجا كذلك الذي واجهه خلال قمّة جوان 2015  المنعقدة بمدينة جوهنزبورغ التي استطاع أن يغادرها، بعد أن رفضت سلطات جنوب أفريقيا تسليمه للمحكمة، فأثيوبا لم تنضم إلى اتفاقية روما المحدثة للمحكمة الجنائيّة الدوليّة التي تحاكم الأشخاص التي تنسب إليهم جريمة الإبادة الجماعيّة والجريمة ضدّ الانسانيّة وجريمة الاعتداء وجريمة الحرب.

وكانت القمّة مناسبة للسودان وعدد من الدول التي جدّدت تضامنها مع عمر البشير لتوجيه انتقادات لاذعة إلى المحكمة الجنائية الدوليّة لتعاملها  بسياسة المكيلين مع أفريقيا وقاداتها ولعدم احترامها لمبدإ عدم ملاحقة الرؤساء أثناء ممارستهم لمهامهم، علاوة على تركيزها على أفريقيا وغضّها الطرف عن جرائم فظيعة تقترف في قارات أخرى.

وتحدّث الرئيس التشادي إدريس ديبي ورئيس الاتحاد الأفريقي خلال ندوة صحفية قصيرة عقب القمّة عن تحامل المحكمة على أفريقيا وملاحقتها لمن يتمتّع بالحصانة أثناء ممارسة مهامه، مشيرا إلى سكوتها عن خروقات فظيعة لحقوق الانسان تحصل في أماكن أخرى.وأكّد أنّ رؤساء الدول والحكومات الأفارقة قرّروا تنسيق مواقفهم إزاء هذه الهيأة القضائيّة.

مصادر التمويل

من المسائل التي نظر فيها وزراء الخارجيّة أثناء لقائهم قبل اجتماع المجلس التنفيذي ثمّ رؤساء الدول والحكومات خلال جلستهم المغلقة مسألة تمويل أنشطة الاتحاد، ولاسيّماالبرامج والمشاريع الطموحة المدرجة في إطار الأجندة 2063 والتي تشمل مختلف المجالات، وذلك خارج نطاق مساهمات الدول الأعضاء، علاوة على توفير اعتمادات تقدّر بـ 440 مليون دولار مرسٰمة في ميزانية 2016 لتنفيذ أنشطة الاتحاد وبرامجه.
كما أنّ من الإشكالات المطروحة السعي إلى إيجاد مصادر تمويل بديلة للحدّ من التبعيّة إزاء الشركاء والأطراف المانحة. وقد اُقترح عقد دورة خاصة لاجتماع وزراء الماليّة للبحث في هذه المسائل.

سنة الانتخابات

بعد أديس أبابا ،سيتجدّد موعد القادة الأفارقة في كيغالي عاصمة روندا في جوان القادم. في الأثناء تكون حصلت مستجدّات في القارة التي ستعيش 17 دولة من دولها حمّى انتخابات رئاسيّة وتشريعيّة، جانب منها سيجرى خلال السداسي الأوّل من هذا العام.

وكثيرا ما تكون الانتخابات في أفريقيا حبلى بالأزمات والقلاقل بسبب الخروقات الدستورية وأعمال العنف التي تجدّ أثناء الحملات الانتخابيّة ويوم الاقتراع،وعمليات تزوير للنتائج ...سيوفد الاتحاد الأفريقي مراقبين لهذه الانتخابات. هل ستكون انتصارا للديمقراطيّة أم أنّها ستكون مصدر أزمات جديدة في القارة؟

إقرء المزيد

الرئيس التنزاني الأسبق مبعوث الاتحاد الأفريقي بشأن الوضع في ليبيا
حفل افتتاح القمّة الأفريقيّة
وزير الخارجية الليبي يطالب برفع الحظر عن الأسلحة لتمكين جيش بلاده من محاربة "داعش"
حقوق الانسان وقضايا الأمن والسلم على جدول أعمال القمّة الأفريقيّة

الاتحاد الأفريقي: انتخاب مجلس الأمن والسلم
الدورة 28 للمجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي: نشاط الاتحاد والأزمات السياسيّة ضمن جدول الأعمال
ادريس ديبي الرئيس المقبل للاتحاد الأفريقي




 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.