خُوذْ قْرُوضْ...وزِيدْ حَلِّي بالمَقْرُوضْ

خُوذْ قْرُوضْ...وزِيدْ حَلِّي بالمَقْرُوضْ

صاحبي العياش، وحكاياتو ما توفاش:  التقت علي الأعياد والأعراس ودخول المدارس فخرجت من المعمعة تر فالس، ووجدت نفسي تائها في الروج، مثل الدابة الوحيدة وسط المروج، لست أدري كيف أبدأ الشهر الجديد، إزاء تيار الديون العتيد، ولا أعلم كيف سيكون آخر الشهر، وماذا سأقاسي في الأثناء من الأرق والسهر. وإزاء هذا الوضع المتأزم، مشيت لبانكتي متحزم، مطالبا  بقرض سريع، يعيد إلي الربيع، بعد قر الشتاء، وعصف الأنواء. لكن مدير الفرع رفض، ولما سمع طلبي انتفض: «اشنوه ؟  قرض آخر يا سيد، وأنت بقرضين سابقين مقيد؟»، فعدت أجر أذيال الفشل، وكأن من صب علي سطــل. قلت: «أحاول مع بنك المدامة، لعلو يفكني من ها المرمة، لكن زوجتي نصحتني بأن ألزم مكاني، وأكف عن هذياني، فحسابها في آخر النزعات، وسوف تنزل فيه بعد مدة كمبيالات.

فما بقي لي إلا صديق أشكو له فقري، وتدهور أمري، عالما بأن له  بعض المعارف، بين إطارات المصارف، فطرقت بابه اتوسل، لعله لديهم يتدخل ، من أجل قرض معتبر، يخرجني من ورطة العمر. وبعد ما شرحت لصاحبي سوء أحوالي، بادر على التو بالسؤال : « ما قولك لو تحل المشكلة من الأساس، وتطلب قرضا لمشروع مثل أي بزناس؟»، فقلت : «على يديك نحج، وما تستنى حتى درج». قال لي صاحبي : «وأي القروض تريد ؟ طويل الأمد ، يستمر استخلاصه إلى الأبد ؟ أم من النوع القصير، تحطو على الكف يطير؟»، فقلت له : «دبر لي أي قرض يا بشر، لا يهمني طول أو قصر ؟».

ثم سألني صاحبي : « وفي أي المجالات سيكون مشروعك؟ أم أنك لا تعرف كوعك من بوعك ؟»، قلت : «يا صاحبي، لا يهم المجال، إذا توفر لي المال، فأنا إلى حيث مالت رياح الأعمال ميال».  فقال : « مارأيك إذن في ضيعة فلاحية، تربتها زكية، أشجارها مثقلة الغصون، باللوز والزيتون، فيها العنب والرمان، و«الزهر على كل ألوان»، كما في مالوفنا الفتان، ماؤها هرهار، وسواقيها كالأنهار، هواؤها نقي، في الصبح والعشي، شياهها رومانية، وأبقارها هولندية ؟»

«أذاك أحب إليك أم تجارة عالمية، وشبكة توزيع دولية، توريد وتصدير، وأنت في مكتبك أمير، تطلب بضاعة من الصين، فتأتيك في الحين، تكلم اليابان ، فيسرعون إليك بالأحضان، وتصدر من تونس زيت الزيتون، فيتخاطفه في العالم  الموردون، وشكون كيفك، شكون ؟ ... وأنت تعلم أن لا مثيل للتجارة، داخل في الربح خارج م الخسارة، وما أنت إلا مجرد وسيط يشري  ويبيع، وثماشي ، يا صديقي، أحلى من ها المشاريع ؟».

«وإن انت لم ترد هذا ولا ذاك، فما قولك في مشروع سياحي، على الشريط الساحلي، نزل ذو خمسة نجوم، لا تحوم حوله الهموم، هندسته غربية، وزخرفته شرقية، على الطريقة التونسية، شوية من غادي وشوية من هونية، غرفه  واسعة، وحدائقه شاسعة، مسابحه كثيرة، وصالوناتة وثيرة، مطاعمه من صنف «خمس شوكات»، وملاهيه أغرب من الخرافات، يسكنه الرؤساء، ويقصده الأمراء، وانت تحكم باحكامك، ما ياقف حد قدامك ؟».
 فقلت لصاحبي: «أنا صاحب أي واحد من الثلاثة يا أعز أحبابي، متى حول القرض إلى حسابي»، فضحك صاحبي وقال : «وأنا شريكك في هذه الأعمال، لو لم تكن من صنع الخيال، فكيف لك أن تحصل على قرض لمثل هذه المشاريع، وأنت لا تملك في البنك مليما ولا عندك ما ترهن ولا عندك ما تبيع ؟». فقلت : «لاحياك الله يا صاحبي. أحييت آمالا كان اليأس أماتها، وظننت الزمن قد فاتها، ففتحت لي في الجنة أميالا، ما كانت إلا خيالا، فتبا لك من رجل كريه، تبيع الحلم وتضحك على شاريه». ثم انصرفت في سبيل حالي، باكيا على أحوال الزوالي.

عادل الأحمر
 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.