اتفاقية الأمم المتحدة حول التغييرات المناخية تقدم المفاوضات حول الاتفاق الدولي الجديد

اتفاقية الأمم المتحدة حول التغييرات المناخية تقدم المفاوضات حول الاتفاق الدولي الجديد

تهدف المفاوضات الدولية الجارية في نطاق اتفاقية الأمم المتحدة حول التغييرات المناخية إلى الابقاء على الأمل في التوصل إلى الحد من ارتفاع معدلات الحرارة العالمية إلى أقل من 2 درجة حرارية مع نهاية القرن الحالي، وبالتالي الحد بنسبة معقولة في التداعيات الاقتصادية والبيئية لتغير المناخ وذلك من خلال اعتماد اتفاق دولي جديد تابع لـ «اتفاق 2015» يتم اقراره خلال مؤتمر الأطراف المقرر أن ينعقد بباريس من 30 نوفمبر إلى 11 ديسمبر 2015 ويدخل حيز التنفيذ بدءا من سنة 2020، ويتضمن أحكاما تطبق على جميع الدول الأطراف تنص على جملة من التعهدات أو الالتزامات من المفروض أن تساعد على الحد من انبعاثات غازات الدفيئة.  

وقد ساعدت الدورة السابقة لمؤتمر الأطراف المنعقدة في ليما، بالبيرو، في ديسمبر 2014 على حصول توافق حول عناصر مسودة نص تفاوضي يدعم الجهود الرامية إلى التوصل إلى اعتماد هذا الاتفاق خلال دورة باريس.
وتتمثل أهم رهانات الدورة 21 لمؤتمر الأطراف الفاعلة في اتفاقية الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية في تحديد التزامات كمية واضحة  من الدول المتقدمة للأهداف في مجال التخفيض من انبعاثات غازات الدفيئة إلى موفى سنة  2020 بالإضافة إلى تأكيد الالتزامات  المحمولة على الدول المتقدمة وعلى الدول النامية  بموجب اتفاقية الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (1992) التي تتضمن عرضا مفصلا لمواقف الدول المتقدمة والدول النامية من جملة من المسائل الهامة كمسالة التفرقة في المسؤوليات بين هذه وتلك، ومسألة التخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة، ومسألة توفير التمويل ونقل التكنولوجيا وتنمية القدرات لفائدة الدول النامية.

عناصر الموقف التونسي

يحرص الطرف التونسي على مواصلة التنسيق والتشاور مع المجموعات التفاوضية التي تنتمي اليها تونس (مجموعة الدول الافريقية ومجموعة الدول العربية ومجموعة 77 زائد الصين) للضغط من أجل أن يتضمن الاتفاق الجديد التزام الدول المتقدمة الأطراف بدور الريادة في مجال التخفيف من تغير المناخ والتأكيد على أن مدى تنفيذ الدول النامية الأطراف بفعالية لالتزاماتها بموجب الاتفاقية يتوقف على فعالية تنفيذ الدول المتقدمة الأطراف لالتزاماتها في ما يتعلق بتوفير الموارد المالية، ونقل التكنولوجيا، وبناء القدرات لدعم برامج التخفيف والتأقلم مع تأثيرات تغير المناخ، ويأخذ بعين الاعتبار ما  للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والقضاء على الفقر من أهمية قصوى في الدول النامية الاطراف. ويرى الطرف التونسي أن الاتفاق الجديد لا يجب أن يتضمن مراجعة جوهرية لملاحق يتم بموجبها ادراج دول نامية ذات اقتصاديات صغرى ومتوسطة على غرار تونس ضمن قائمة الدول المعنية بالتزامات في نفس مستوى الالتزامات التي يمكن أن تتعهد بها دول نامية ذات اقتصاديات كبرى.  ولا يرى الطرف التونسي موجبا للتنصيص ضمن الاتفاق الجديد على التزامات في شكل أهداف كمية مطلقة تفرض على الدول النامية ذات الاقتصاديات الصغرى والمتوسطة على غرار تونس لحملها على خفض انبعاثات غازات الدفيئة بالنسبة إلى سنة مرجعية ومعينة. لكنه يدعو في المقابل إلى التنصيص بوضوح ضمن الاتفاق الجديد على أن تنفيذ الدول النامية الأطراف لالتزاماتها (أو مساهماتها أو اجراءاتها) في مجال  تخفيف غازات الدفيئة يتوقف على توفير وسائل التنفيذ والتمويلات ونقل التكنولوجيا وتطويرها وبناء القدرات من الدول المتقدمة.

وتقر تونس وجوب رفع مستوى الطموحات ومشاركة جميع الأطراف في المجهود الدولي الرامي إلى التقليص من الانبعاثات  بما يساعد على تحقيق الهدف المتمثل في الحد من ارتفاع معدل درجات الحرارة على سطح الأرض إلى أقل من 2 درجة مائوية مع نهاية القرن الحالي. تجاوبا مع الدعوات الصادرة عن المؤتمرات السابقة للأطراف والمتعلقة بالشروع في الاستعدادات على المستوى الوطني لتحديد «المساهمات المقررة والمحددة وطنيا»، تم الشروع في التحضيرات الوطنية لإعداد التقرير المتعلق بهذه المساهمات منذ سنة 2014 بدعم من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي وبمشاركة كل الأطراف المعنيــــة واعتمـــادا على نتــائج العـــديد من الدراسات والمبادرات المنجـــزة منذ سنة 2011 وخصوصا الاستــراتيجية الوطنية حــول التغيـــيرات المناخية والجرد الوطني لانبعاثات  غازات الدفيئة والدراسات المتعلقة بإعـــداد «اجـــراءات وطنيـــة مناسبة» لتخفيض الانبعـــاثات خاصة بالمـــخطط الشمسي التونسي وبقطاعات ومجالات الكهرباء والفلاحة والغـــابات والمباني والتطهير.

وتم استكمـــال هــذه الأنشطـــة التحضيـــرية بدعــــم من برنـــامج الأمــم المتحدة للتنمية وأطراف تونسية لتحديد مستوى «المساهمات المقررة والمحددة وطنيا».

وتوجت هذه الجهود في شهر جويلية 2015 بإعداد  مشروع  هذه المساهمة  التونسية وإفادتها إلى أمانة الاتفاقية خلال شهر سبتمبر 2015. وهي تتضمن مساهمة في مجال تقليص انبعاثات غازات الدفيئة في شكل تخفيض من كثافة الكربون بنسبة 41 بالمائة في أفق سنة 2030 مقارنة بمستوى سنة 2010. وتشمل التخفيضات عدة مجالات كالطاقة والأساليب الصناعية والغابات وتغيير صبغة الأراضي والنفايات. وتتوزع أهداف تقليص انبعاثات غازات الدفيئة على مساهمة غير مشروطة (يمكن تحقيقها باعتماد الامكانيات الوطنية) وتتعلق خاصة  بتخفيض كثافة الكربون بنسبة 13 بالمائة في سنة 2030 مقارنة بمستوى سنة 2010 وعلى مساهمة مشروطة بتوفير التمويلات ونقل وتطوير التكنولوجيا وتنمية القدرات في مجالي التخفيف والتأقلم مع التغيرات المناخية وتتمثل في تخفيض كثافة الكربون بنسبة اضافية تقدر ب 28 بالمائة في سنة 2030 مقارنة بكثافة الكربون في سنة 2010.  وتترجم كل هذه الأهداف استعداد تونس لمزيد تعزيز المجهود الوطني في مجال استعمال الطاقات النظيفة اذا توفر الدعم الدولي الضروري.  كما تتضمن وثيقة المساهمات الوطنيـة التأكيـد على الحاجيات الوطنية من حيث التأقلم مـع التغيرات المناخية، خاصة في مجـال الموارد المائية والمحافظة على الشريط الساحلي والفلاحة والمنظومـات الطبيعية والسياحة والصحـة  إلى جانب التـركيز على الحاجيات الوطنية والدعــم المالي الخارجي.

يوسف قديّة
سفير تونس سابقا بطهران

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.